هناك تصريحات وشبه دراسات بعضها ينقض بعضا عن حال سوق العقار. البعض يرى أنه مقبل على المزيد من الارتفاع في الأسعار، والبعض يرى العكس، وكلها آراء لا تحمل مبررات منطقية مقنعة، ويبدو والله أعلم أنها آراء متمنية أكثر من كونها قائمة على حقائق، ويقول لي دلال عريق خبر ألاعيب الدلالين وأسرار السوق \"إذا أردت أن تبيع فعليك أن تتظاهر بأنك تريد الشراء وسترى كيف تقفز الأسعار إلى أرقام فلكية، وإذا أردت الشراء فعليك التظاهر بأنك ستبيع وسترى كيف يخسفون بالأسعار\". والخلاصة أنه ليس هناك قاعدة أو قانون يمكن الاستناد إليه في تحديد أسعار العقار، وإنما الأمر متروك للعرض والطلب، وهو قانون مطاط يتحكم فيه دلالو ومالكو العقار بصورة تجعل غالبية الناس لا يحلمون بامتلاك أي عقار طيلة حياتهم، وإن تحقق الحلم ففي أماكن لن تصلها الحياة إلا في زمن أحفاد المشتري . هنا مقترح قد يكون مفيدا لضبط العملية، ويساند جهود هيئة الإسكان بعد أن تقرر تحويل المنح إليها، والمقترح بسيط وسهل التنفيذ، وملخصه أن تقوم الحكومة باختيار مساحات كبيرة جدا من أملاك الدولة البعيدة عن المدن وتسلمها لشركات تطوير كبرى تحت إشرافها بحيث تقوم بتخطيطها وتزويدها بكافة الخدمات العصرية النموذجية ثم تحسب التكاليف التي تحملتها الشركة مع إضافة نسبة ربح معقولة وواضحة، وفي ضوء الإجمالي يتم وضع أسعار ثابتة لقطع الأراضي التي يمكن لمن رغب من المواطنين الشراء \" منها\" نقدا أو بالتقسيط وهو مطمئن إلى عدالة السعر الذي يدفعه، ومع استمرار شركات التطوير في تهيئة مواقع جديدة مماثلة لن تكون هناك فرصة للتداول بأسعار مبالغ فيها ،لأن الخيارات ستكون متاحة بانتظام لا يسمح بالاحتكار. الأراضي المملوكة للدولة شاسعة وكثيرة، وشركات التطوير أيضا كثيرة، وجهات التمويل أيضا متاحة، والحاجة ملحة جدا ، وهذه الحاجة تتصاعد سنة بعد أخرى، ومن غير المعقول أن تكون جغرافية المملكة بهذا الاتساع الهائل ولا يجد المواطن فرصة معقولة لامتلاك قطعة أرض فيها، وهذه الفكرة قد تكون صالحة كما هي، وقد تحتاج تطويرا لبعض جوانبها وآلياتها، لكن معطياتها متوفرة ومتاحة وممكنة، وغالبية المواطنين لن يجدوا مشقة في دفع تكاليف التطوير والأرباح المحددة للشركة المطورة، لكن هؤلاء الغالبية يستحيل عليهم إشباع جشع العقاريين الذي يتسيد سوق العقار بصورة مستمرة بحجة العرض والطلب التي تختزل مساحة المملكة في مخططات محدودة لإثراء قلة على حساب الأغلبية التي لامناص أمامها سوى سد جشع العقاريين بجشع البنوك التي تقرض الريال بريال وربما أكثر، أو تجرع الحسرات والاقتناع بوهم عدم وجود أراض في بلد يعد شبه قارة ومعظم مساحته أرض جرداء. وزارة الشؤون البلدية وهيئة الإسكان معنيتان بهذه الفكرة أو ما يماثلها ، وهي ليست فكرتي وإنما فكرة مواطن متألم من تصاعد الأزمة وعدم التفكير في حلول مع أنها متاحة ، ولعل مجلس الشورى يتبنى مثل هذه القضايا التي تخدم المواطنين، وتساهم في التخفيف من تغول سوق العقار .