لم يكن يشعر مقدم برنامج «البدون» في قناة الوطن الكويتية أنه يلامس جرحا في مجتمعات شتى وليس في الكويت وحدها، وأن هناك بشرا يعيشون بيننا لا يكادون ينالون شيئا، شأنهم شأن أولئك الذين ليس لهم أي حق سوى ما تيسر لهم من هواء يستنشقونه أو سماء يشاهدونها ليس غير. يولد كثيرون ويتنقلون بين مراحل العمر وربما غادروا إلى العالم الآخر ولم يحصل أحدهم على وثيقة تحدد هويته أو تعليم يدفع عنه غائلة الجهل أو علاج ينقذه من براثن المرض، وليس له مجتمع يفيء إليه إلا من يشاطرونه ما هو فيه من حرمان، وهو مجتمع تفتك به الآلام والأسقام. هؤلاء فيهم أذكياء وأصحاب طموح وراغبون في أن يكون لهم شأن في الحياة ومن حقهم أن يجدوا أمامهم فرصا لتوظيف ذكائهم وتحقيق طموحاتهم وممارسة حياة تجعل لهم شأنا في الحياة طالما أنهم ولدوا هنا ونشأوا هنا وسوف يغادرون إلى العالم الآخر من هنا، فهي حتمية النشأة والمصير. يظل الحق في العمل من أولويات هذه الحقوق متى توافرت الفرصة وأتيح من التعلم ما ينافس به في عالم ليس فيه مكان إلا للمتميزين في الأوضاع السوية، بل إن لهم أولوية مطلقة على أولئك الذين يجري استقدامهم، بينما الشوارع تعج بمن ولدوا ونشأوا في مدن هذه الشوارع، فهي لهم الماضي والحاضر والمستقبل حياة وموتا. حين يعطى هؤلاء فرصة إثبات مواهبهم وممارسة ولائهم لمجتمعهم فلن يكونوا بحال من الأحوال أقل من أقرانهم من المواطنين، وما يدريك أن يكون إبداع بعضهم أكبر وولاؤه أعمق، ذلك أن التعبير عن الجميل وتقدير المعروف يصل ذروته في بعض النفوس بشكل يفوق الذروة التي يبلغها في نفوس أخرى. إنها خاطرة تستحق أن يعطيها كل واحد منا نصيبا من الوقت حتى ينضجها التفكير ويخرجها إلى الواقع إجراء حكيما، كي لا نظل نلوم من هم نتاج وضع ربما نحن المسؤولون عنه.