منذ سنوات بعيدة أجبت دعوة لزيارة – جمهورية تونس – من وزارة السياحة هناك ، وكنت أنتظم في تحركاتي على ضوء برنامج الوزارة واختياراتها نحو المعالم والمناطق السياحية مثل " الحمامات " و " سوسة " و " برقة " ... إلخ ، ثم هناك جامع القيروان التحفة المعمارية ذات القدسية التي لا تبلى مع الزمن ..! بهندسته العريقة والفريدة معا . وفي نفس الوقت أستغل فراغاتي – ما أمكن – لأبحث في عمق المجتمع التونسي وتراثه ودنيا الحياة والناس وبيئة البلد ، وبديهي أنه من تكرار القول أو التأكيد أن الفكرة الأولى التي يخرج بها الانسان هي فقر اولئك القوم وبساطتهم الشديدة ورقتهم المتناهية ، ثم الهم الثقيل الذي يرتسم على وجوههم يخرج بالتأكيد من صدورهم المثخنة بجراح الزمن وأعباء الحياة . زمن المؤسف أنهم يتنفسون عن ذلك بظاهرة عجيبة ومؤسفة تلاحظ بالبداهة وهي الاسراف في شرب السجائر " التدخين " ، ففي شارع بورقيبة لوحده – وهو الشارع الرئيسي المكتظ – وأنا أسير عبره لاحظت أنه بين كل خمسة أشخاص هناك ثلاثة يتعاطون التدخين ! والسجائر هناك لا تباع في السوبر ماركت فقط بل في دكاكين خاصة في الشوارع المختلفة وبين كل دكان ودكان دكان ! هذا في تونس في ذلك الزمن البعيد يعتقدون أن السجائر مظلة يتقون بها متاعبهم وذلك اعتقاد ليس خاطئا فقط بل مميتا وإن لم يكن مميتا فهو حتما مؤدٍ إلى المرض والأسقام ، ولكن في الأردن الحال أدهى وأمر وقد صرخت مندوبة " اليونيسيف " للطفولة والأمومة من الرعب حينما لاحظت أكثرية الاطفال لا تسقط السيجارة من بين أصابعهم ! والمصيبة الأكبر أن الفلسطينيين يدخنون بشراهة وفق تقرير إحصائي نشر يوم الاثنين 30 مايو 2011 " بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين " والأشد فداحة أن أعلى نسبة للتدخين سجلت في محافظة " جنين " بواقع 32% من السكان ، وجنين – لمن يكون قد نسي – هي التي نالتها أشد وأشنع وأفظع المذابح زمن السفاح شارون الذي ظل في غيبوبة تطارده أشباح الرعب إلى الأبد يسانده الدموي رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية آنذاك " بوش الصغير " ! ومن هنا نرى أن ظاهرة التدخين وربما ما هو أسوأ منه – مما لا يتيح لنا المجال التوغل فيه- ظاهرة تنداح وتنبع من المآسي والكوارث والدمويات وقهر الشعوب سواء في حالة تونس أو في حالة " جنين " وذلك من تردي النفوس وهبوط الإرادة وضعف الإيمان . ولكن الله سبحانه قدم العلاج الشافي لو تدبروا وأدركو ا معاني القرآن الكريم ، فقد قال الله سبحانه وتعالى " واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين " صدق الله العظيم . قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه إن الدنيا لا تساوي ورقة في فم جرادة ...!