الكاتب الصحفي لا يسعى لتصيد أخطاء المسؤولين بقدر ما يمليه عليه ضميره وأمانته الصحفية من ايضاح لمخالفة ما أو لفت نظر مسؤول لأخطاء تقع في محيط مسؤوليته. والمسؤول الواعي هو الذي يتقبل وجهة نظر الكاتب ويناقش ما جاء فيها ويعمل على تلافي السلبيات التي رصدها الكاتب دون انفعال او تكذيب او تبرير لتلك السلبيات. مع الاسف الشديد هناك من يعتبر رأي الكاتب او نقده موقفاً عدائيا، فإذا ما كشف الكاتب عن سلبيات في عمل أو برنامج تقوم به جهة ما، التزمت تلك الجهة الصمت دون ان تكلف نفسها الايضاح او الاقناع او الاعتراف بالخطأ، واضعة في روزنامتها ان ذلك الكاتب لا يسعى للمصلحة العامة ونقده فقط من اجل النقد وان ما تنفذه تلك الجهة هو الصحيح وغيره لا يخضع للرأي. نحن يا سادة في عصر الاصلاح وكل من جرد قلمه وكتب منادياً فهو يقينا يسعى لمصلحة عامة، وهذا لا يعني ان هناك اقلاماً وهي قليلة ان شاء الله سوف تتوارى بعد حين لا تكتب إلا عن ما يرضيها تطبل وتزمر لمصلحتها فقط ،وان وجد العكس شحذت سكاكينها وحشدت مفرداتها وانهالت نقدا غير موضوعي، لكن القلم النزيه علامته لون مداده ونظارة حروفه وصدق مضمونه، وهذا القلم هو الذي يسعى جاهدا لطرح الرأي منتظرا تفاعل المسؤول للمناقشة والوصول الى الهدف، وحري بالمسؤول الذي يتقبل النقد الهادف ان يفتح نوافذ اللقاء مع الاقلام النزيهة بعيداً عن التشنج والنفي والتكذيب. ان الكثير والكثير جداً من تجاوبات المسؤولين على صفحات الجرائد تفوح منها روائح عدم التقبل لوجهة نظر الكاتب، وذلك علامته حدّة الرد واقناع القارئ ان ما ذكره الكاتب بعيد عن الحقيقة أو السكوت عن ملاحظة الكاتب واهمال التجاوب، وفي هذا دلالة على عدم الرغبة في التجديد والوصول الى درجات الرضى.. ان تقبل المسؤول اياً كان مركزه للرأي الآخر واحترامه ومناقشته والاجابة عن الاستفسارات بشفافية وتوضيح وجهة النظر تجعل من الكاتب تلك العيون التي تراقب لتنقل للمسؤول ما كان صحيحاً وتباركه وما كان مخالفاً تفنده وتناقشه حتى يصل المسؤول والكاتب الى نقطة اللقاء والذي نتمناه جميعا. الكاتب الواعي النزيه كالمرآة لا يعكس الا الحقيقة.