المملكة رئيساً للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي»    "التجارة" تكشف مستودعًا يزور بلد المنشأ للبطانيات ويغش في أوزانها وتضبط 33 ألف قطعة مغشوشة    وفد عراقي في دمشق.. وعملية عسكرية في طرطوس لملاحقة فلول الأسد    مجلس التعاون الخليجي يدعو لاحترام سيادة سوريا واستقرار لبنان    الجمعية العمومية لاتحاد كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية لخليجي27    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    الإحصاء: إيرادات القطاع غير الربحي في السعودية بلغت 54.4 مليار ريال لعام 2023م    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استشهاد خمسة صحفيين في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة    السعودية وكأس العالم    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    المملكة ترحب بالعالم    رينارد: مواجهة اليمن صعبة وغريبة    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معالجة قضايا المجتمع أم تصفية حسابات؟
كتّاب الرأي بين التوجه والوجاهة
نشر في الرياض يوم 06 - 05 - 2010

يشكل كاتب الرأي ( ذاته) عبر ما يكتبه على اختلاف الصحف فصوته الذي يخرج مع حروف قلمه تقيمه من عالمه الانعزالي كفرد إلى عالم أرحب وهو عالم القراء الذين يتفاعلون مع ما يكتب عن همومهم واحتياجاتهم ، ويبقى كتاب الرأي دائما في سجال الجذب اليومي وما تحدثه الأحداث والقرارات أو ربما المواقف في توجهاتهم الفكرية التي تقربهم من القراء وربما تبعدهم أحيانا عنهم وينطلق كاتب الرأي من حيثيات أهدافه في نوع المقال الذي يكتبه على اختلاف أهميته أو نوعه ويأتي القارئ ليتعرف عليه ويحكم عليه فيقبله أو يرفضه ، وكذلك مسار الصحيفة التي تخصص كتاب رأي ليبدأ السجال الفكري في أروقتها .. فهل يكتب كل الكتاب لرسالة يؤمنون بها أم أن البعض يكتب لتصفية حساباته الشخصية أو الإثارة التي تكسب الصحيفة الترويج لها أم بحثا عن وجاهة تلصق به فخر الكتابة ؟ ذلك ما ذهب إليه بعض كتاب الرأي والذي يجدون في المقال وسيلة في الانطلاق من قضايا الرأي العام فيقفون على ذلك وينهمون به ، في حين يجد البعض بأنه لا يوجد كاتب دون رسالة وبأن الأهداف الشخصية للمواقف التي يمر بها والتي يرى البعض بأنه من خلالها يستغل الكاتب موقعه لتصفية خلافاته الشخصية لا علاقة فيما يكتبه فهو إنما يحمل على عاتق قلمه هم مجتمع وإنسان دون الوصول بما يكتبه إلى وجاهة اجتماعية أو محاباة لقضية دون أخرى وبأنه من واجب كل صحيفة أن توقف الكتاب الذين يمارسون تفصيل ثياب المقالات بحسب المقاسات التي يرغبون.
حسن السبع: هنالك من الكتَّاب من يحمل على عاتقه رسالة التغيير
ذلك ما أوضحه الكاتب في جريدة اليوم حسن السبع: حيث يقول في طيات كل كتابة رسالة ما، أيا كانت طبيعة تلك الرسالة، وسواء كانت إيجابية أم سلبية. "فهنالك من الكتَّاب من يحمل على عاتقه رسالة التغيير". وتندرج تحت هذه الرسالة عناوين كثيرة: فقد يهتم بعض الكتاب بعلاج أمراض البيروقراطية، أو مشاكل البطالة أو غلاء الأسعار، ويضع كاتب آخر على رأس أولوياته الآني والزائل، أو يحتفظ بجدول لكل المناسبات ليقول فيها كلاما قاله قبل عام. وفي المقابل، قد يكرس آخر قلمه لتغيير المفاهيم والأفكار وأنماط السلوك، وتصعيد اهتمامات القارئ بالثقافة الفاعلة التي ترقى بوعيه وذائقته. وربما تشكل بعض التفاصيل التي يتناولها هذا أو ذاك من الكتاب، والتي تبدو صغيرة أو لا أهمية لها (كونها لا تلامس مباشرة تلك "الهموم" التي يشير إليها سؤالكم) أقول: ربما تشكل تلك التفاصيل سمات وملامح المجتمع الذي نعيش فيه. إن الكتابة لا تفرضها، دائما، الأشياء المحيطة بنا، أيا كانت طبيعة تلك الأشياء أو أهميتها، بل يفرضها الإحساس بتلك الأشياء والتفاعل معها. فوراء كل كتابة صادقة دافع قوي يغذي الفكرة وينميها ويخرجها إلى حيز الوجود. أما كتَّاب "الحسابات الشخصية والمتملقون" كما يصفهم سؤالكم، فهؤلاء ليسوا كتَّابا، وإنما هم عابرون في ثرثرة عابرة. وإن كان لبعضهم (حظوة) في بعض الصحف لأسباب شخصية أو اجتماعية لا علاقة لها بالكتابة. هؤلاء لا يمتلكون جرأة الكاتب الذي سئل ذات يوم: "متى يمكن أن تتوقف عن الكتابة؟" فقال: "سأتوقف عن الكتابة عندما لا أجد ما أقوله للناس". بقي الشق الثاني من سؤالكم: "أي أنواع الكتَّاب تفضل الصحف؟" ويبدو لي أنه، وباستثناء تلك الأسباب الشخصية التي تمنح بعضهم تلك (الحظوة) فإن الصحف تبحث عن الكاتب المقروء، وهذا شيء لا غبار عليه، شريطة أن لا يكون ذلك على حساب القيمة الفكرية، فتصبح الكتابة برنامجا لما يطلبه القراء، أو يصبح الكاتب (ترزيا) يفصل ملابس تناسب كل المقاسات، أو صاحب (سوبر ماركت) يعمل بمنطق السوق. وهو منطق يمالئ مختلف الأذواق، ويستهين بذكاء ووعي القارئ. ذلك أن الكتابة التي تتجه إلى إحداث التغيير وإشاعة الوعي، والمساهمة في عملية التنمية الثقافية والاجتماعية لا تتجه ذلك الاتجاه.
خلف الحربي
خلف الحربي: الكاتب الجيد يروج للصحيفة لأنه نجمها
أما الكاتب في صحيفة عكاظ خلف الحربي فيرى بأن الكاتب وإن اختلفت أهدافه الكتابية ككاتب رأي فلا بد أن ينطلق من رسالة يؤمن بها فالكاتب له دور في التوجيه والتعليق على قضايا الرأي العام فيكون همه الأول أن يتحسس مشاكل المجتمع فالدور الأساسي للكاتب أن يقول " كلمته " في القضايا التي تخص الرأي العام ويثريها ، فلا بد أن يتحرك الكاتب وفق روح المسؤولية الصحفية ووفق المسؤولية الإنسانية ووفق المسؤولية الروحانية ، فكما أن الكاتب يتحرك معتمدا على مهاراته الكتابية واللغوية أيضا لا بد أن يعتمد على ما. يمليه عليه ضميره فتلك من أهم المسائل ، فليس هناك خلاف بأن الناس تختلف في تقيمها لمستوى القضايا من حيث الصح والخطأ ولكن الكتابة بضمير حي ووفقا لمقومات العدل من أهم الأهداف التي لا بد أن ينطلق منها الكاتب ، فالكتابة لأغراض شخصية من قبل كتاب الرأي مرفوضة وإنما المساجلة بين الكتاب على اختلاف مواقعهم الصحفية في التجاذبات تكون غالبا مفيدة خاصة إذا أسهم ذلك التجاذب في إثراء الفكرة وتوضيح وجهات النظر المختلفة وربما كتب الكاتب عن تجربة شخصية له قد تفيد القارئ ويمكن إسقاطها على الشأن العام أما إذا خرج عن ذلك ونحى منحى تصفية الحسابات فذلك مرفوض فالقارئ لايقرأ للكاتب ليقع على ما يتعلق بشخصيته بل يقرأ ليستفيد أما التجاذب والمساجلات حول قضية رأي عام فإن ذلك أمر مستحسن ، والكاتب ربما يكن له دور في الترويج للصحيفة التي يكتب فيها وذلك ينطلق من كون الكاتب الجيد نجم الصحيفة التي يوجد نخبة كبيرة من القراء من يقتنيها من أجل كاتب فهم نجوم الصحيفة وفي النهاية تبقى الصحيفة مؤسسة متكاملة وصفحات الرأي جزء منها ولكن يبقى كتاب الرأي هم عامل الجذب الأقوى والمسوغ لصحيفة وتلك حقيقة.
أسامه السباعي
أما الكاتب في صحيفة المدينة الدكتور عبدالعزيز حسين الصويغ فيقول: يتساءل البعض هل يكتب الكاتب لهدف شخصي أم لمناقشة هموم مجتمعه، وأضيف هنا فئة ثالثة وهم الذين يكتبون من أجل الكتابة نفسها .. فهم يجدون في الكلمة نوعا من الرفاهية الفكرية التي يمارسونها كهواية .. أو احتراف. وما يُهمني قبل الحُكم على هدف هذا الكاتب أو ذاك من وراء ما يكتب هو موقع الكلمة وأهميتها في المجتمع. فللكلمة أشكال كثيرة، فهي "كالدواء" يختلف تأثيرها وفق طريقة استعمالها. فالقصة كلمة، والقصيدة كلمة، والبيان كلمة، والشعار كلمة، والتحليل كلمة، والبرنامج السياسي كلمة، والخطاب التحريضي كلمة، بل وحتى الفتوى كلمة. والمهم هو معرفة الوقت المناسب لاستخدام الكلمة، وكيفية استخدامها.
ويُشبه أحد الفلاسفة الكلمة بالرصاصة، تصعب إعادتها إذا ما خرجت من فوهة البندقية. والكلمة في رأيي قد تكون أحياناً أخطر من الرصاصة. وقد أطلقت على احتكار الرأي الواحد في مجتمعنا، حتى وقت قريب، بأن أصحابه يحملون سلاحا أخطر من أسلحة الدمار الشامل وهو "سلاح الرأي الشامل" و"الكلمة الشاملة" التي يجب أن ينصاع لها المجتمع كله. وبينما تقتل "الرصاصة" إنسانا واحدا، وتقتل "القنبلة" عشرات، وتصيب "أسلحة الدمار الشامل" مئات الالاف، فإن "أسلحة الرأي الشامل" تقتل المجتمع كله لأنها تُلغي عقل الملايين من أبنائه .. وهذا - سلمك الله - أشد انواع الأسلحة فتكا وتدميرا؟ وتقسيمك الكُتاب إلى من يكتب لهموم المجتمع ومن يكتب لأهداف خاصة .. ومنها تصفية حساباته الشخصية، كما تقولين، هو حكم على النيات لا يمكن إطلاقه دون ضوابط. وما يُهمني قبل حكمي على دواخل الكُتاب هو النظر إلى ما يكتبونه فعلاً فالحكم على النيات غير علمي. فقد سبق وأن أُعجِبت ببعض الكُتاب الذين وجدت في كتاباتهم انعكاسا لنبض الناس ومشاكلهم، وتحدثت مع بعضهم شخصيا لشعوري بأن أقلامهم إضافة ثرية لمجال الرأي خاصة في تناولهم لقضايا المجتمع والناس. ثم فوجئت انه ومع مضي الوقت ووصول صوت مثل هؤلاء إلى القراء ونجاحهم في تكوين قاعدة عريضة من القراء أن يجري استمالة أقلام بعضهم لتسير في ركاب هذا التيار أو ذلك أو "يبيع" قلمه لتمجيد فلان والتملق لفلان.. فيسقطون من نظر القارئ شيئا فشيئا وينتهي بهم الحال ليُصبحوا دون هوية .. فلا هم أرضوا القارئ الذي يُفترض أن يكتبوا من أجله، ولا هم أرضوا أصوات أسيادهم؟
وأصعب ما يواجه الكاتب هو سوء فهم بعض القراء لما يعنيه وتفسيره بمعنى آخر بعيد عن مغزى المقال. وقد حدث معي هذا في مرات قليلة، وهذا ليس مباهاة أو مجالا للتفاخر، لكنني آخذ على الدوام رأي القارئ بجدية وبكثير من الاهتمام لأنه الطرف المهم في المعادلة ثلاثية الأضلاع التي تجمع الكاتب والجريدة والقارئ. فالكاتب، خاصة الذي يتناول القضايا العامة التي تمس الناس، يجب أن يكون قلمه في خدمة القراء يعبر عن رغباتهم وطموحهم وأمانيهم فلا يشط في الرأي ولا يستفز القارئ بطرح بعيد عن قيمه ومعتقداته.
سعود البلوي
لكن يحدث أحياناً أن لا يستوعب بعض القراء بعض أطروحات الكاتب ويفسرونها بمعان بعيدة عن ذهنه أو مقصده. لذا عندما يتلقى الكاتب منا تعليقا من أحد القراء يُحمله فيه بأكثر مما حملته كلماته فإن هذا الأمر، وإن استفز الكاتب في البداية، يجب أن لا يلام فيه القارئ. فلا اعتقد أن عدم استيعاب القارئ أو بعض القراء لكلمات الكاتب هو ذنب القارئ وحده بل هو قصور من الكاتب نفسه لعدم مقدرته على إيصال فكره إلى فكر القارئ. وأنا من الذين يرون أن ليس من حقي ككاتب أن أغضب من قرائي، وقليلاً ما فعلت .. لكن من حقي أن أنفر من أولئك الذين يقرؤني ما بين السطور، ويستبدلون القلم بالساطور. أما عن سؤالك حول أي أنواع الكُتاب تُفضل الصحف فهو سؤال حري بأن يوجه لرؤساء تحرير الصُحف والمسؤولين عن صفحات الرأي. لكنني أعتقد إن دور الصحافة ومسؤولياتها لا تقتصر على الاكتفاء بنقل الخبر بل يقع عليها مسؤولية التدقيق فيه للحفاظ على مصداقية الصحيفة أمام القارئ والمسؤول سواء. والمسؤول الذي يطلب "كاتب تفصيل" فيُقرِب هذا الكاتب ويُبعِد ذلك الكاتب هو مسؤول يعيش في ظلمات عصر غير الذي نعيشه. فلا أعتقد أن من حق أي مسؤول – مهما ظن في نفسه الظنون – وضع قائمة سوداء للصحفيين والكتاب يصنفهم فيها وفقا لأهوائه الخاصة. وفي النهاية ان غرض الكلمة، كما يقول كاتبنا الكبير الأستاذ محمد حسين زيدان – رحمه الله - يجب أن يبقى دائما نظيفا حتى ولو كانت مقذعة جارحة، فالعصا آلة نظيفة في يد المربي .. يزجر فيها من هو راحم .. فبعض الناس يستأهلون أن تشوى آذانهم بكلمة لعل قلوبهم تصحو من لؤم يركبون به الناس.
عبدالعزيز الصويغ
ويرى الكاتب في صحيفة عكاظ أسامة السباعي بأن الصحيفة تحرص على أن يكتب لديها من يكتب عن نبض الشارع ونبض الناس وهموم الشأن العام فكل صحيفة لها نهج خاص بها وجميع من تختارهم للكتابة لهم علاقة بذلك النهج ، أما في واقع الكتاب أنفسهم فيوجد منهم من هو في قائمة الكتاب الناضجون والحريصون والجيدون من أجل الوطن في حين قد يوجد من الكتاب من يستغل موقعه الكتابي لتصفية حساباته ولأغراض خاصة به إلا أن القائمين في أي صحيفة يستطيعون أن يكتشفوا الكاتب الجيد من الكاتب المغرض وبالتالي يتخذوا تجاهه ما يناسبه ، وفي النهاية الصحيفة أيا كانت تلك الصحيفة هي الأكثر قدرة على تحديد مساحات الحرية التي تعطيها لكتابها وقبل ذلك تعطيها لنفسها إلا أنه هناك خطوط حمراء ينبغي أن لا تصل إليها فبعض الصحف تأتي لدى الخط الأحمر وتقف عنده والبعض منها من تترك مسافة بينها وبين الخط الأحمر لذا تكون مسافة الحرية ضيقه لديها ، فالكتاب يفهمون ذلك من خلال سياسة الصحيفة ومدى صدرها الواسع لحرية الكلمة ، لذا على الصحيفة أن توقف الكاتب الذي تجد بأنه يكتب لأغراضه الشخصية أو لتصفية حساباته وتلزمه أن يكتب في الشأن العام وفي قضايا الوطن وعلى رئيس التحرير أن يدخل في إيقاف الكاتب المغرض مستشهدا بقصة الكاتب الذي كان يكتب في جريدة اقرأ الذي كان " السباعي " يرأس تحريرها حيث لاحظ بأن ذلك الكاتب لا تأتي مناسبة إلا ويمجد صاحب المناسبة وكأنه يصطاد في الماء العكر فقام بإيقافه وطلب منه بأن يكتب في الشأن العام وبأن لا يستغل مكانه الكتابي لتملق لفلان أو لمسؤول.
ويقول الكاتب في جريدة اليوم الدكتور محمد الغامدي بأن الموضوع أشبه بمحاكمة.. لرصد الحقيقة.. وتظل الحقيقة غائبة.. ولكن من السهل للمتابع أن يكتشفها بسهولة ويسر.. بالتأكيد يؤثر كتاب الرأي على المجتمع الذي يقرأ.. ويتابع.. ويحلل ويستنتج.. وفي مجتمعاتنا العربية.. هل يتعاظم القراء عددا؟.. موضوع يحتاج إلى بحث علمي للتشخيص وتحديد الاحتياجات الضرورية.. لهذا التأثير.. الذي نرجو أن يكون تأثيره ايجابيا. وكتاب الرأي.. وكما ذهبت إليه في السؤال.. يمثلون رسائل ينقلونها إلى المجتمع.. فالكتاب ينظرون إلى الكتابة كرسالة مهمة.. موجهة للمجتمع بهدف التثقيف.. وهدف المعرفة.. وهدف التنوير.. وأيضا الارتقاء بمعلومات القارئ.. الهدف هو البناء.. أولا وأخيرا.. ويجد القارئ تركيزي على المياه والبيئة في معظم المقالات.. وهي رسائل علمية مبنية على حقائق تخدم المجتمع. لا اعتقد أن هناك من يكتب للوجاهة كهدف.. ربما تأتي كنتيجة.. لكن أن تكون الكتابة بهدف الوجاهة فهذا أمر مشكوك فيه.. الكتابة مسؤولية وأمانة ورسالة.. فهل هناك رسالة يمكن أن توجه للمجتمع من خلال ما يكتب للوجاهة؟!.. قد يكون هناك كتاب تحملهم الوجاهة ولا يحملونها.. والقارئ يستطيع أن يعرف الغث من السمين.. ولكن الكتابة في نهاية المطاف لا تختلف عن صحن فاكهة يحمل الكثير من ألوان الفاكهة.. وهناك من ينجذب لتلك الفاكهة دون أخرى .. هذا لا يعني أنها سيئة.. ولكن اختلاف الأذواق والخلفيات المعرفية تؤثر في ذوق القارئ.. ويظل القارئ الحكم الذي يمجد الكاتب الصادق الذي يهتم بقضاياه أيا كانت. أما عن كتاب تصفية الحسابات.. فهذه مقولة جديدة لم اسمع عنها من قبل.. هم كتاب رأي وليس كتاب تصفيات حسابات.. وهناك القانون الذي يمكن أن يحتكم إليه كل متضرر من هذه الممارسات التي لا تليق، إن حدثت بالفعل.. ولكن هناك فرق بين طرح الرأي وتصفية الحسابات.. طرح الرأي ضرورة حضارية يجب فهمها وتشجيعها.. طرح الرأي ظاهرة صحية.. يجب أن تعطى مساحة واسعة من الفهم.. وليس التكبيل الذي يقول بتصفية الحسابات.. الرأي والرأي الآخر علامة لجودة معدن المجتمعات. موضوع لجوء الصحف إلى استقطاب اسم كاتب للترويج لها.. فهذه ظاهرة حضارية.. ولكن تحت مبدأ القوة والأمانة.. هناك كتاب يشترون بالغالي لأفكارهم النيرة.. بعضهم يرتقي إلى درجات المصلحين.. وهناك كتاب متخصصون أيضا في علوم محددة.. ولديهم القدرة على الكتابة بطريقة تبسط العلوم.. هم مكسب أيضا ويمكن استقطابهم .. وهذا يثري الصحيفة ويعطيها الثقة.
ويرى الكاتب في صحيفة الوطن سعود البلوي بأن الكتابة الصحفية ليست خارج نطاق رسالية الكتابة، بمعنى أن الرسالة أياً كان نوعها تكون من أجل قضية (الإنسان) في المقام الأول، إذ يفترض أن تسهم الكتابة والقراءة في آن واحد بالارتقاء بالثقافة بشكل تدريجي وتراكمي، وخاصة مع وجود التقنية المعلوماتية التي أتاحت للقارئ والكاتب تواصلا لا محدوداً. لكن الواقع المحلي للصحافة السعودية بوجود ما أشرتم في بداية التحقيق إليه وهو "الوجاهة الاجتماعية"، وبالتالي يكون الغث من المقالات أكثر من السمين كما يقال. فالقارئ العام قد لا يهتم بوجود المقالة قدر اهتمامه وبحثه بالخبر الصحفي وبحثه عنه، ولذلك فإن صحافتنا المحلية صحافة خبر أكثر من كونها صحافة رأي، ومن جهة أخرى حين يتصفح القارئ المقالات في معظم الصحف المحلية فإنه ربما لا يخرج بما يفوق أصابع اليد الواحدة من المقالات الجيدة التي تهمه، وللأسف نحن نجد الكثير من الصحف المحلية تراوح مكانها لأنها لا تريد فتح باب للتغير الحقيقي، فبعض قيادات الصحف المحلية يسبب لها "التغيير"؛ مشكلة إذ غالباً ما تكون التغييرات فيها هامشية أو شكلية لا تطال سقف التعبير، رغم أن الزمن الذي نعيشه يفترض أن يملي علينا مسؤوليتنا التاريخية في رفع سقف التعبير الذي يتوافق أصلاً مع توجهات حكومة المملكة في الانفتاح والشفافية، وهذا بطبيعة الحال لا ينطبق على بعض الصحف التي ما زالت تضطلع برسالتها التنويرية كصحيفتي "الرياض" و"الوطن" على سبيل المثال، كما أن التغيير الهيكلي للصحيفة قد يبعث على مواكبة التطوير، فصحيفة مثل "عكاظ" تختلف الآن بشكل نوعي عن سنوات سابقة بفضل الخبرات الجديدة والتغيير الإيجابي... أما تفضيل الصحف لنوعية الكاتب، فكل الصحف تقريباً لا تفضل الكاتب المشاكس لأنه قد يحمّلها مسؤولية ما، وهنا نجد أن قيادات الصف الثاني في الصحف المحلية تكون أكثر حدية وصرامة في الرقابة تجاه الكاتب من رئيس التحرير ذاته. وأتذكر أن وزير الثقافة والإعلام د. عبد العزيز خوجه، انتقد توجه بعض الرقباء على النشر في وزارته خلال لقائه بالمثقفين على هامش معرض الرياض الدولي للكتاب، وهنا أتمنى أن يوجه معاليه الرسالة ذاتها إلى الرقباء في الصحف المحلية انطلاقاً من ضرورة الثقة في الكاتب السعودي ووطنيته
ولا تعتقد الكاتبة في صحيفة الحياة بينة الملحم بأن هناك كاتبا يكتب إذا لم يكن لديه رسالة يؤمن بها فيكتب من خلالها إلا أن الوجاهة الاجتماعية قد تتسرب إلى جميع مستويات الوظائف إلا أن وظيفة الكاتب غير وراد على الرغم من أنه يتحدث نيابة عن المجتمع ويوجه سهام نقده للمجتمع فيقوم المجتمع وبالتالي فإن تصفية الحسابات واستخدام الكاتب للقلم من أجل الكتابة عن حساباته الشخصية أيضا غير وارد خاصة لدى الكتاب الذين يكتبون من أجل رسالة يؤمنون بها بعيدا عن التشخيص في المواقف وربما اعتمد اختيار الكاتب أيضا على توجه الصحف فهناك من الصحف من تفضل الكاتب المتخصص وهناك من تفضل المهنية العالية لدى الكاتب فالجرأة لدى الكاتب مطلوبة ولكن بمعايير التوجيه للمجتمع وليس بغرض الإثارة فالنقد الموضوعي هو المطلوب وهناك صحف تبحث عن الكتاب الذين يثيرون القارئ ومتى ما آمنت الصحيفة بمنهجية كاتب فإنها تسعى بأن لا تخسره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.