رغم مرور أكثر من 35 عاما، لم يرهما خلالها، إلا أن الأمل لم يبرح صدره في أن يلقاهما يوما، وهو ما تحقق للمواطن جبران الغزواني (55 عاماً) الذي جمعه القدر بابني شقيقته بعد كل هذه السنوات، ليكتشف أنهما يقطنان على بعد 20 كيلومترا فقط من منزله في بلدة عنك التابعة لمدينة الدمام. بدأت فصول القصة حسب مانشرتها جريدة الوطن بعد أن تزوج المواطن فالح السبيعي - من سكان محافظة رماح التابعة لمنطقة الرياض - سيدة من محافظة جيزان قبل نحو 4 عقود وعاشا معا حياةً سعيدة، إلا أن علاقتهما ببعضهما لم تستمر أكثر من خمسة أعوام أنجبت الزوجة خلالها طفلين، حيث تعرضت تلك الزوجة لشلل كامل بعد سقوطها وارتطامها بجسم صلب أثناء ممارستها لأحد أعمال المنزل، وبعد ذلك نقلت إلى المستشفى المركزي في الرياض، ووصلت الأنباء إلى شقيقها الذي كان يعمل رجل أمن في مكةالمكرمة، ليتوجه مباشرة حين سماعه بالنبأ إلى الرياض ليشاهد شقيقته في حالة صحية متدهورة، مما حدا به إلى طلب نقلها على وجه السرعة إلى محافظة جازان بالقرب من أسرتها، وقد عاشت هناك أيامها الأخيرة، لتترك بعد وفاتها ابنين في محافظة رماح للقدر المحتوم. يتابع الغزواني حديثه قائلاً: رغم الاختلاف الكبير بين التضاريس والثقافات في ذلك الحين وعدم اندماج أهالي المنطقة بسبب ضعف وسائل الاتصالات، إلا أن كل هذه الظروف لم تعكر صفو حياة الأسرة التي جمع بينها التفاهم والحب، مشيراً إلى أن زوج شقيقته كان وفياً لها ولم يتزوج بعد وفاتها. وأضاف بقوله: إن زوج شقيقته امتهن تربية الإبل والاتجار بها، ومنذ وفاة زوجته انقطعت أخباره عنا بشكل تام، وفي كل مرة كنت أحاول أن أجد أي طريق للوصول إليه ومشاهدة ابني شقيقتي، إلا أنني أفشل لضعف وسائل الاتصالات في ذلك الحين. ومرت السنون كلمح البصر كما يصفها جبران وقلبه متعلق برؤية ابني أخته، ويقول إن أوضاعه المادية المتردية ساهمت في عدم قدرته على شراء سيارة والذهاب بها إلى مواقع يقطنها رعاة الماشية في أحد مراكز محافظة رماح وهي المنطقة التي كانت تسكنها شقيقته وزوجها، إلا أنه كان يفضل السؤال عن مكان تواجد ابني شقيقته بواسطة بعض وجهاء المحافظة فكانوا يجيبونه بأن زوج شقيقته يتنقل بحثا عن "الكلأ" لماشيته ولا نعرف له طريقا. وفي اليوم الثاني من عيد الفطر هذا العام، قرر الغزواني أن يتجه بسيارته إلى محافظة رماح وبعدها اتجه إلى مركز شويه التابع للمحافظة وسأل عن زوج شقيقته، إلا أن الإجابة المعتادة بجهل مقر سكنه كانت تحاصره، وفي آخر محاولة له قبل أن يعود أدراجه إلى المنطقة الشرقية وقف أمام أحد المنازل، وسأل من فيه قائلاً: "هل تعرف فالح السبيعي؟"، فرد عليه صاحب المنزل بقوله: "نعم.. ولكن انقطعت أخباره منذ فترة طويلة وهو متواجد في المنطقة الشرقية"، موجها سؤاله إلى جبران: "كيف أتيت من المنطقة الشرقية تبحث عن فالح وهو يسكن بها إلى جانب أبنائه". ويضيف جبران "بعد أن أصر ذلك الرجل على دخولي إلى منزله، وأنا غير مصدق لما يقول، اتصل بعدة أشخاص للوصول إلى الرقم المباشر لزوج شقيقتي فوجدناه عند أحد الأشخاص، واتصلت به للتأكد من شخصيته وفوراً عدت إلى المنطقة الشرقية، وكانت المفاجأة أن منزل فالح لا يبعد سوى 20 كيلو مترا فقط عن منزلي في بلدة عنك بالدمام وأنا قضيت 35 عاماً أبحث عنه وعن ابني شقيقتي اللذين لم أرهما لأكثر من 35 عاما". من ثم أقام جبران حفلاً دعا إليه الأقارب والأصدقاء الأربعاء الماضي بهذه المناسبة، وساد الحفل جو من الفرحة والاستغراب في آن واحد من قصة بحثه عن ابني شقيقته طوال تلك المدة وكيف أن الأقدار جمعتهم بهذه الطريقة.