( الدقه الاولى ) ( وقع الخبر على رأسي كالصاعقة ، دارت الدنيا من حولي ، زاغ بصري ، غير معقول ، لا لا لا يمكن . اغتصب مسامعي صوته الأجش ) الإذاعة أعلنت الخبر الآن . ( صرخت بأعلى صوتي ) لا ا ا ا ا ا ا ، كذب ، خداع ، إفك ...... ( تجمع الناس حولي ، جريت كالمجنون أحاول الهروب ، صرخت فيهم ) ... أيها الكاذبون ، أيها الخادعون ...... ( و لا حياة لمن تنادي ، خشب مسندة تلفني ، هذه الوجوه السلبية الجامدة ، انحنيت أتناول حفنة من تراب ) .... لا ، لم يمت ، لم يمت ، لم يمت ... (قذفتهم بها ) ... لماذا تنظرون إلي هكذاااااااااااااااااا ؟ ... أنا لست مختلا عقليا أيها التعسون ، لااااااااا .... ( تناولت أخرى و قذفتهم و أخرى ) ... لا يمكن أن يموت ، إنه أكبر من أن تصرعه رصاصة غادرة .... ( اقتربت منهم ، ضاقت الدائرة من حولي ) ... نعم هو أكبر من أن يسقط و لم يكمل ما بدأه أو يحقق ما أراد .... هل نسيتم ؟ كم مرة أكد فيها الأوغاد أنه مات ؟؟؟؟ هه ؟؟؟ كم مرة قالوا أنه قضى نحبه من قبل ؟؟؟؟؟ و لكنه سرعان ما كان يخرج علينا ليفضح كذبهم ، أليس كذلك ؟ أرجوكم ، فليرد علي أحد ... ( ترقرقت صورتهم بعيني ، سقطت جالسا على الأرض ، حاولت كبت هذا البكاء الذي يغلي بصدري ) ... أرجوكم ، بالله عليكم ، ألم يحدث هذا من قبل ؟؟؟؟ ( عندها وضعت رأسي أرضا ، أجهشت بالبكاء ، رفعت نظري إليهم مستعطفا ) ... أرجوكم فليكذب أحدكم الخبر ، بالله عليكم ... ( طالعتني آلاف من عيون البائسين الجياع من حولي ، انحنت رؤوس العاطلين المكبوتين المضطهدين ، ترقرقت الدموع بأعين الطامحين إلى لقمة العيش ، حزن اختلط بيأس و خوف و ذل في خنوع لفني ، احتضن (الشيخ إمام) عوده كما تحتضن الأم طفلها ، حاول أن يتغلب على أوجاعه ، خرجت الحروف من فمه مرتعشة تتحشرج ) جيفارا مات ، جيفارا مات ، آخر خبر ف الراديوهات ، و ف الكنايس ، والجوامع ، و ف الحواري ، و الشوارع ، جيفارا مات ، و اتمد حبل الدردشة و التعليقات ، مات المناضل المثال ، يا ميت خسارة ع الرجال ، مات الجدع فوق مدفعه جوه الغابات ، جسد نضاله بمصرعه ومن سكات ، جيفارا مات ، جيفارا مات ...... ( وجدتني أقف ، أضع يدي على فم الشيخ إمام ، أسحب بيدي الأخرى العود من بين يديه ، أصرخ فيهم ) لا لم يمت ، جيفارا لم يمت يا شيخ إمام ؟ أليس كذلك ؟ عم احمد ، جيفارا لم يمت يا عم أحمد ، هه ؟؟؟ أرجوكم كذبوا الخبر ، جيفارا أكبر من أن تقتله رصاصة غدر ، ابحثوا عنه في كل مكان ، ابحثوا عنه وسط الغابات ، ابحثوا عنه حيثما يوجد الفقراء و المساكين ، لقد وعدنا بتحرير فلسطين ، نعم لقد أقسم أمام عيني بتحرير العراق و الشيشان ، وعدني بعالم يخلو من الذل و المهانة ، ابحثوا عنه حيث يوجد اليأس و الخوف و الذل و حتما ستجدونه حيا ، أليس هو من قال : أينما وجد الظلم فذاك وطني ، ابحثوا عنه في قلب كل فقير و جائع ، ابحثوا عنه في مصر ، في مستنقعات كوبا ، فتشوا عنه في أدغال الكونغو ، ( دققت كل الأبواب ) أنادي بعلو صوتي : أيها التعساء ، ابحثوا عن جيفارا في البوسنة و الهرسك ، ابحثوا عنه في تشيلي ، كولومبيا ، جواتيمالا ، اسألوا عنه في بوليفيا ، ستجدونه حيث يوجد المساكين ، ستجدونه حتما ، نعم فبقلب جيفارا نار تشتعل ، تدفعه دفعا ليقف في صف كل مظلوم على وجه الأرض ، إلى جانب المعذبين في شتى أنحاء العالم ... ( أرفع يدي عاليا ) ... يحمل الشعلة لينير الطريق أمام ملايين البؤساء ... ( أمسك بأيدي الأطفال ) ... يأخذهم إلى الحرية و الحق و العدالة ، جيفارا هو الثورة تمشي على قدمين ، لا يعرف التراجع لقلبه سبيل ، متواضعا لا يتسرب الهوى لنفسه ... ( أربت على كتف أحدهم ) ... جيفارا الرفيق الرقيق الودود ... ( انطلقت أصرخ ثانية ) ... و لهذا فهو جيفارا الذي تعرفونه جيدا ، جيفارا الذي كبر في أعيننا يوما بعد يوم حتى صار هذه الأسطورة ، نعم أصبح هذه الأسطورة التي نحلم بها و يحلم بها كل مسكين جائع مظلوم في هذا العالم ، و بعد كل هذا تقولون أنه مات ؟؟؟ لا و ألف لا ، جيفارا لم يمت ، لم يمت ، لا لا لا لم يمت . ( يتبع )