تتجدد المواجهة التاريخية بين الأرجنتين والأوروغواي عندما يلتقي الجاران اللدودان في ربع نهائي كأس أمريكا الجنوبية "كوبا أمريكا" لكرة القدم المقامة على أرض الأولى لغاية 24 يوليو/تموز الحالي، في "سانتا في" غداً السبت. ويملك المنتخبان الرقم القياسي بعدد مرات إحراز اللقب (14 مرة)، وذلك بعد سيطرتهما على المسابقة منذ انطلاقها مطلع القرن العشرين. ونجحت الأرجنتين، بطلة العالم عامي 1978 و1986، بإحراز اللقب 6 مرات على أرضها من أصل 8 مرات استضافت فيها النهائيات، بيد أن الأوروغواي، بطلة العالم 1930 و1950، خطفت الأضواء منها عام 1987 عندما كانت الأرجنتين تضم المعجزة دييغو مارادونا المتوج قبل عام واحد في المكسيك بلقب بطولة العالم. ويتعادل الفريقان في المواجهات المباشرة مع 13 فوزاً لكل من المنتخبين و3 تعادلات، علماً بأن المواجهة الأخيرة بينهما في المسابقة القارية شهدت فوز منتخب "التانغو" 4-2 في الدور الأول عام 2004 في البيرو، قبل أن تخسر النهائي لاحقاً أمام البرازيل بركلات الترجيح، وفقاً لفرانس برس. وضربت الأوروغواي بقوة عندما أحرزت لقب 1916 ثم تألقت على الساحة الدولية في دورات الألعاب الأولمبية، قبل تتويج مسيرتها بإحراز لقب النسخة الافتتاحية من كأس العالم على أرضها عام 1930. أما رجال المدرب الأرجنتيني سيرخيو باتيستا، فلا يبحثون سوى عن الفوز بلقب النسخة الحالية، خصوصاً أنها تقام على أرضهم، وتأتي بعد الخيبة الكبرى في مونديال 2010 حيث تعرضوا لهزيمة مذلة في ربع النهائي أمام ألمانيا 4-صفر، خلافاً للأوروغواي التي قادها المهاجم دييعو فورلان إلى الدور نصف النهائي قبل أن تنهي مشوارها الإفريقي في المركز الرابع. وحافظت الأوروغواي بقيادة مدربها اوسكار واشنطن تاباريز على تشكيلتها المونديالية التي تضم مهاجم ليفربول الإنكليزي لويس سواريز وهداف نابولي الإيطالي ادينسون كافاني ثاني هدافي الكالتشو برصيد 26 هدفاً. ولم تهضم الجماهير الأرجنتينية حتى الآن الخسارة المذلة لمنتخب "البيسيليستي" أمام المانشافت في العرس العالمي، كما أن الكرة الأرجنتينية تعيش على أحداث الشغب التي أثيرت نهاية بهبوط العملاق ريفر بلايت إلى الدرجة الأولى للمرة الأولى في تاريخه، دون نسيان غياب الأندية الأرجنتينية عن الدور النهائي للمسابقة الأعرق في أمريكا الجنوبية "ليبرتادوريس" التي تعادل مسابقة دوري أبطال أووربا، حيث جمعت بين ممثلي غريميها التقليديين سانتوس البرازيلي وبينارول الأوروغوياني. وما يزيد الطين بلة أن المنتخب الأرجنتيني لم يذق طعم الألقاب منذ 18 عاماً وتحديداً منذ تتويجه بكوبا أمريكا عام 1993 في الإكوادور، وخسر نهائي النسختين الأخيرتين أمام البرازيل بركلات الترجيح عام 2004 وصفر-3 عام 2007، في حين أن منتخباته للفئات العمرية تظفر من حين لآخر بإلقاب أبرزها ذهبية أولمبيادي أثينا وبكين عامي 2004 و2008 على التوالي. واستهلت الأرجنتين مشوارها بتعادلين مخيبين مع بوليفيا 1-1 وكولومبيا صفر-صفر، قبل أن تجتاز عقبة كوستاريكا 3-صفر بفضل هدافها سيرخيو أغويرو الذي استغل تمريرات ليونيل ميسي نجم برشلونة الإسباني وأفضل لاعب في العالم في العالمين الماضيين. وكان مشوار الأوروغواي في الدور الأول مماثلاً، إذ تعادلت مرتين مع البيرو وتشيلي 1-1، قبل أن تحجز بطاقتها بفوز على منتخب آخر من الكونكاناف جاء على حساب المكسيك 1-صفر. واعتبر مهاجم الأوروغواي سيباتسيان أبرو أن: "هذه المباراة ستثير اهتمام العالم بأسره. كل منتخب أحرز 14 لقباً، والفائز سيسير نحو لقبه الخامس عشر". ورأى المخضرم أبرو المحترف مع بوتافوغو البرازيلي أن مهمة الأوروغواي تنحصر في تقييد حركة ميسي، على رغم أنه يحب مشاهدة نجم برشلونة: "عليك الاستمتاع عندما تشاهد ميسي، سنواجه أفضل لاعب في العالم. لكن كولومبيا راقبته جيداً بفريق متماسك. ما علينا القيام به، هو خلق بعض الفرص". كما رأى مدرب الأوروغواي المحنك تاباريز، الذي سيفتقد لمدافعه الشاب سيباستيان كواتيس الموقوف، أن ميسي سيكون مفتاح "ألبيسيليستي": "يمكن لميسي خلق الكثير من المشاكل لنا، لكن لحسن الحظ يمكنناالقيام بأشياء لن يتمكن ميسي أو غيره من تفاديها". وعن ميسي، أضاف "المايسترو" تاباريز الذي لم يعلن تشكيلته الاساسية كما جرت العادة: "هناك مثل يقول: إذا لديك مشكلة يوجد لها حل، لا تقلق، واذا لديك مشكلة لا يوجد لها حل، فلا تقلق أكثر". لكن ميسي الذي انتقد كثيراً بعد أول مباراتين، أكد انزعاجه مما يقوله الناس، وليس وسائل الاعلام فقط، وذلك بعد صفير الاستهجان الذي واجهه بعد التعادل المخيب مع كولومبيا. وترافق تصريح ميسي مع تحذير رئيس الاتحاد الأرجنتيني خوليو غروندونا بأن الأول قد يقرر ترك الفريق اذا استمر الرأي العام ورجال الإعلام في انتقاده: "الحل بالنسبة إلى ميسي هو القول (لن أعود إلى صفوف المنتخب، سأبقى في إسبانيا)". وأوضح "ما هو واضح بأن الأرجنتين تريد تحطيمه. لقد ولد ميسي في مدينة روزاريو وعاش ولعب هناك، وقد عانى من مشكلة نمو. تابع مسيرته ووجد مكاناً آمناً له في برشلونة حيث تمت العناية به كما لو أنه ولد هناك". وكشف "على الرغم من ذلك كله، رفض تمثيل المنتخب الإسباني لأنه يريد الدفاع عن ألوان الأرجنتين، يتعين علينا أن نتأمل بهذا الأمر ملياً". وقد يعمد المدرب الأرجنتيني باتيستا إلى تعزيز خط وسطه من خلال الزج باستيبان كامبياسو أو لوكاس بيغليا على حساب مهاجم ريال مدريد الإسباني غونزالو هيغواين الذي أهدر عدة فرص أمام كوستاريكا، علماً بأن باتيسيتا أجرى بعض التغييرات على التشكيلة التي خاضت مباراة كوستاركيا، معتمداً على أغويرو متصدر ترتيب هدافي الدورة والذي سيوجه زميله في اتلتيكو مدريد دييغو غورلان، ولاعب الوسط فرناندو غاغو. كولومبيا مرشحة لتخطي البيرووفي المباراة الافتتاحية من الدور ربع النهائي، تبدو كولومبيا حاملة لقب 2001 والوحيدة التي لم يتعرض مرماها بعد لأي هدف، مرشحة قوية لتخطي البيرو في كوردوبا. وأنهت كولومبيا الدور الأول في صدارة المجموعة الأولى، بعد فوزها الصعب على كوستاريكا 1-صفر، وتعادلها مع الأرجنتين المضيفة صفر-صفر، قبل تخطيها بوليفيا 2-صفر بهدفين من المهاجم راداميل فالكاو غارسيا الذي مدد عقده مع بورتو البرتغالي عامين لغاية 2015. ويعتمد المدرب هرنان داريو غوميز على كارلوس سانشيز الذي تمكن من شل حركة ليونيل ميسي في مواجهة الأرجنتين. أما البيرو، فتأهلت كأحد أفضل منتخبين أحتلا المركز الثالث وهي الوحيدة بين المتأهلين التي تعرضت للهزيمة في الدور الأول، إذ حقت بداية جيدة بتعادلها مع الأوروغواي 1-1 ثم فوزها على المكسيك 1-صفر، قبل خسارتها أمام تشيلي 1-صفر. وقال باولو غيريرو، مهاجم البيرو التي تحلم بلقبها الأول منذ 36 عاماً: "الآن أمامنا كولومبيا. أنها فريق كبير لكننا نؤمن بقدراتنا". وجاءت المواجهات الأخيرة بين الطرفين حماسية، إذ تعادلا 1-1 في بوغوتا ودياً في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في حين فازت كولومبيا 1-صفر على أرضها في تصفيات كأس العالم، وتعادلا 1-1 في البيرو. وينبغي على لاعبي البيرو، شل حركة فالكاو، صاحب 17 هدفاً مع بورتو في مسابقة "يوروبا ليغ" الموسم المنصرم محطماً الرقم القياسي للألماني يورغن كلينزمان. وعلق فالكاو على المواجهة: "لا يهم من يسجل طالما حققنا الفوز". أما المهاجم الآخر هوغو روداييغا المحترف مع ويغان الإنكليزي، فقال: "الأهم حققناه (التأهل إلى ربع النهائي). ينبغي الآن أن يتابع الفريق تقديم الأداء الناجع". أما في الطرف البيروفي الذي حل أخيراً في التصفيات الأخيرة لكأس العالم والذي يخوض النهائيات الحالية بدون نجميه جيفرسون فارفان والمخضرم كلاوديو بيتزارو، فرأى المدرب الأوروغوياني سيرخيو ماركاريان أن فريقه يمكنه: "بلوغ نصف النهائي" وقال مازحاً أنه يريد "العودة إلى هنا في 25 يوليو/تموز" (اليوم التالي للمباراة النهائية). ويتقابل الفائزان من المواجهتين في الدور نصف النهائي في لا بلاتا في 19 يوليو/تموز الحالي، في حين تلتقي بعد غد الأحد البرازيل مع الباراغواي وتشيلي مع فنزويلا في ربع النهائي.