أجمعت الصحف العالمية على الدهشة لقرار لجنة نوبل منح الرئيس الأمريكى باراك أوباما جائزة نوبل للسلام لهذا العام , خاصة أنها تأتي بعد تسعة أشهر فقط من توليه منصبه، وإن اختلفت التفسيرات والتوقعات، فالبعض يرى أن هذا يحط من قدر الجائزة، ويرى آخرون أن الجائزة مسيسة أوروبياًً، لكن الكثير منها خاصة الصحف البريطانية ترى أن أوباما حصل على الجائزة لأنه ليس الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، وأنه يحمل وعداًً بتغيير العالم. وقد خصصت معظم الصحف العالمية الكبرى افتتاحياتها الرئيسية للتعقيب على فوز أوباما بالجائزة، فقالت "التايمز" البريطانية في افتتاحيتها الرئيسية: إن منح الجائزة لأوباما ينتقص من قيمة نوبل، وينحاز لحزب دون آخر وبالتالي فإن البيت الأبيض ينبغي أن يشعر بالحرج. وتمضي الصحيفة قائلة إن منح أفضل جائزة سياسية عالمية لأوباما الذي بالكاد أنهى تسعة أشهر في السلطة، يوشك أن يقضي على مهنة الكوميديا في العالم (فالموقف أكثر كوميديا) لأن لجنة نوبل وضعت الآمال قبل الإنجازات والوعد قبل النتائج. إن أوباما قدم وعوداً كثيرة للعالم الإسلامي في خطابه بالقاهرة لكن لم يتحقق شيء على الأرض باتجاه حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وتتساءل الصحيفة قائلة : هل منح الجائزة لأوباما يحمل إشارة دعم لأول رئيس أسود في التاريخ الأمريكي؟ أيضاً خصصت صحيفة "الجارديان" بدورها افتتاحيتها الرئيسية لحصول أوباما على جائزة نوبل، تقول الصحيفة تحت عنوان "جائزة نوبل: دعوة للعمل" إن قرار لجنة نوبل منح الجائزة لأوباما يمثل نهاية لفكرة أن الجائزة تُمنح مكافأة للإنجاز في مقابل فكرة أن الجائزة تمنح لما يمكن أن ينجزه شخص ما. ورغم أن الصحيفة ترى في منطقة الشرق الأوسط مثالاً حياً، حيث لم يحقق أوباما شيئاًً حتى الآن، لكنه ليس الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، بل إن أوباما وعد ويمكن أن ينجز شيئاً. وتخلص الصحيفة إلى أن الجائزة اعتراف من المجتمع الدولي بأن أوباما ليس هو جورج بوش أكثر من كونه حقق إنجازات في مجال السياسة الدولية. لكن المؤشرات المشجعة تتمثل في أن أوباما بنفسه أقر بأنه سيقبل الجائزة بصفتها "دعوة للعمل". فمن شوارع غزة البائسة إلى حقول جنوبأفغانستان الغارقة في الدماء، يحتاج العالم إلى تحويل هذه الدعوة (دعوة للعمل) إلى واقع عملي. وتحت عنوان "المنتقدون يشمون رائحة السياسة في تكريم أوباما" قالت افتتاحية صحيفة "واشنطن بوست" لقد أصبحت واحدة من أرفع الجوائز العالمية ختماً أوروبياً للتأييد، فقد لاحظ النقاد أن لجنة نوبل تمنح قادة الولاياتالمتحدة الذين ينتهجون سياسة قريبة من السياسة الأوروبية، مثل الرئيس الأسبق جيمى كارتر". وتورد الصحيفة عن روبن نبلت مدير مركز أبحاث "تشاتم هاوس" بلندن قوله "إن القرار يمثل رؤية أوروبا للعالم، فلجنة نوبل تمد ناظريها عبر الأطلسي وتقول: انظروا أخيراً يقود الولاياتالمتحدة رئيس يمثل نفس قيمنا". تقول الصحيفة: لقد تراوحت ردود الأفعال عبر أنحاء العالم ما بين غضب الأعداء السياسيين إلى إدانة المتحدث باسم طالبان للقرار والبهجة لدى المتفائلين الذين يرون في أوباما قائد التغيير في العالم، ومنهم معظم رؤساء الحكومات خاصة في أوروبا الذين احتفوا بالقرار. وتضيف الصحيفة ومع ذلك يرى المحللون أن لجنة نوبل وهي تكرم أوباما في هذا الوقت المبكر من إدارته، تخاطر برفع سقف التوقعات بشأن ما يمكن أن يفعله، خاصة في أجزاء من العالم كالعالم العربي، حيث يسعى قائد الولاياتالمتحدة لشق طريق جديد، ففي العراق مثلاًً عبر الكثيرون عن دهشتهم لحصوله على الجائزة، قبل أن يحقق شيئاً ملموساً تجاه السلام". وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" تحت عنوان "جائزة نوبل تضيف مشكلة لرئيس يسعى للنجاح" تقول صحيفة: سواء في الولاياتالمتحدة أو في العالم فإن الجائزة لأوباما سلاح ذو حدين، فالجائزة ستظل دائماً تذكر أوباما بالفجوة الواسعة بين كلماته التي تحمل وعوده الطموحة، وإنجازاته الحقيقة على الأرض". وتضيف الصحيفة: أمام أوباما شوط طويل يقطعه لتحقيق أهدافه: كالتخلص من الأسلحة النووية، ووقف الاحتباس الحراري، وتحقيق السلام في الشرق الأوسط. وترى الصحيفة أن توقيت الجائزة (بعد تسعة أشهر فقط من تولي منصبة) لم يكن مثالياً بالنسبة لأوباما، تقول الصحيفة "إن الجائزة في هذا التوقيت أشبه ما تكون بتحويل أوباما الرمز إلى إنسان حقيقي من لحم ودم". وتتساءل الصحيفة هل ترتب الجائزة على أوباما أية مسؤولية سياسية، ويجيب ديفيد أكسلرود أحد كبار مستشاري أوباما "لا أعتقد أن الجائزة ستمثل مسؤولية سياسية على أوباما، بل هو ماض في أجندته". وترى صحيفة "الإندبندنت" في افتتاحيتها أن العالم ينتظر الكثير من أوباما بعد منحه جائزة نوبل، تقول الصحيفة تحت عنوان "يكفي أن أوباما منحنا الأمل في مستقبل أفضل" :إن كون أوباما ليس بوش بداية حسنة لأن بوش مثل نموذجاً في السياسة الخارجية الأمريكية اتسم بالغرور والولع بالحروب والنزعة الأحادية. وهذا النموذج- تقول الصحيفة- لم يخدم مصالح العالم، إن أوباما جاء إلى البيت الأبيض وهو يحمل مبادرات سلام والانفتاح على الثقافات الأخرى. وهذا في حد ذاته يمثل تحولاً جوهرياً في السياسية الخارجية الأمريكية". وعن حربه في أفغانستان تقول الصحيفة: إن أوباما ربما لم يجد بداً من محاربة تنظيم القاعدة في أفغانستان لكنه يؤكد مراراً على أهمية اشراك الأممالمتحدة في حل النزاعات وانتهاج سياسة الدبلوماسية المتعددة الأطراف. وتتابع الافتتاحية قائلة: إن أوباما أعطى الأولوية لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط ومد يد الصداقة للعالم الإسلامي وعكس موقف واشنطن المتلكئ تجاه التغير المناخي. فكل التغييرات بدأت بتغيير قاده شخص واحد ألا وهو أوباما. ومن ثم، فإن العالم يتوقع الكثير منه.