تتسع دائرة الصراع على النفوذ بين الدور السلبي لإيران، والدور الإيجابي للمملكة العربية السعودية، في دول عدة بالشرق الأوسط، وخاصة الدول العربية. وظهرت ملامح هذا الصراع بشكل مباشر في مساعي المملكة للحد من الدور الإيراني السلبي في الملف السوري؛ حيث تشدد القيادة السعودية على ضرورة إسقاط نظام الرئيس السوري "بشار الأسد"، وشرعت توظف إمكانياتها وتحالفاتها الإقليمية، والدولية للحفاظ على الشعب السوري واستقراره، فيما القيادة الإيرانية تسعى في المقابل لإفشال هذا المشروع عبر دعم الحرب في سوريا لصالح "بشار الأسد".
وتعتبر المملكة أن النزاع السوري هو حالياً عامل أساسي لعدم استقرار المنطقة، ولو لم تكن ثمة حرب في سوريا بسبب دعم إيران لبشار الأسد، لما كان هناك وجود لتنظيم الدولة الإسلامية. متبنية مواقف جسورة تجاه ميليشيات الحوثي المتهمة بتلقي الدعم الإيراني في اليمن، كما تسعى المملكة إلى ردع الدور الإيرانيسوريا من خلال دعم المعارضة المعتدلة وتنظيم صفوفها ومطالبها.
وترك هذا التغيير في سياسة السعودية تصدعاً بالغاً في سياسات إيران التوسعية وأدى إلى فشل اقتصادي وأمني في الداخل الإيراني، حسب تحاليل دبلوماسيين ومحللين سياسيين.
هذا فما خطبت إيران ود السعودية بوضوح في 23 ديسمبر الحالي على لسان نائب وزير الخارجبة "عبدالله يان" قوله: إن المملكة العربية السعودية دولة جارة ومسلمة وصديقة، ونطلب منها تنظيم سوق النفط، وجاءت هذه المطالب لإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد الإيراني الهش.
من جهة أخرى، صنفت إستراتيجية السعودية الراهنة ب"سياسة تجفيف مشارب الإرهاب ومحاربة الدور الإيراني السلبي في الإقليم"، من خلال توسيع علاقاتها وتحالفات مع الدول الإقليمية.
حيث أتى الإعلان عن التحالف الجديد أي "الائتلاف الإسلامي" على لسان وزير الدفاع "الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز"، بعد قرابة تسعة أشهر من تشكيل الرياض تحالفاً عربياً يساند الرئيس الشرعي اليمني "عبدربه منصور هادي"، ضد ميليشيات الحوثيين المدعومة من إيران.
وهذا التحالف الوليد يشكل ضربة أخرى لإيران؛ حيث أعلنت الرياض تشكيل تحالف عسكري إسلامي من 35 دولة بهدف "محاربة الإرهاب"، دون ضم إيران؛ وفيها دلالات واضحة أنها إيران البلد الراعي للإرهاب في عديد الدول بالشرق الأوسط.
وقال مستشار وزير الدفاع المتحدث باسم تحالف "إعادة الأمل"، العميد الركن أحمد عسيري، في تصرح إخباري إن طهران لم تتعاط إيجابيا مع إعلان التحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب، المعلن في 15 ديسمبر الحالي بالرياض، وعلق عسيري قائلا: "من يرعْ الإرهاب لا يمكن أن يكون شريكا في محاربته".
واستضافت الرياض هذا الشهر مؤتمراً جمع الأطياف السياسية والعسكرية المعارضة في سوريا، وكان له أثر بالغ في تصدع الدور الإيراني في المستقبل السوري؛ حيث صدر بيان ختامي موحد، يشترط رحيل "بشار الأسد" مع بدء المرحلة الانتقالية.
وكان وزير خارجية المملكة "الجبير"، أكد الشهر الماضي أن الحل العسكري لإزاحة "الأسد" لا يزال على الطاولة، وتوصلت الدول العربية والإسلامية إلى قناعة عبر إيجاد ائتلاف يقضي على أزمة الإرهاب من خلال تقليص الدور الإيراني في الإقليم وتبني الحل العسكري في سوريا إذا ما تنحى "بشار الأسد" عن السلطة.
ومن الواضح أن سياسة المملكة العربية السعودية وحلفاءها تركت أثراً حد من الدور الإيراني في المنطقة وأدى إلى تصدع نفوذها؛ حيث صرح الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية "حسين جابر أنصاري" عن جهود دبلوماسية لتسهيل حوار مباشر بين طهرانوالرياض؛ من أجل تسوية الخلافات والقضايا الإقليمية. وجاءت هذه التصريحات مباشرة بعدما ضم التحالف الإسلامي الوليد دولاً معظمها ذات غالبية سنية، ولم يضم في صفوفه إيران.