معطيات رئيسة عدة جعلت منه تحالفا ناجحا، هذه هي التقديرات الداخلية، للعديد من الدول والمؤسسات البحثية، وبعض مؤسسات الرصد والاستخبارات، لم تستطع هذه الدول والمؤسسات تجاهل تحالف عريض، لأنه رسم ملامح واضحة لحضوره وتدشينه، مثبتا على رأس مهماته الحرب على الارهاب، بمختلف ألوانه واتجاهاته، ولا يستثنى منها تنظيم مهما كانت طبيعته، كما انه ليس تحالفا عاجلا او تحالف الضعفاء مع الاقوياء وان كان ذلك فيه تعاون واحترام وتقدير للدول والمجتمعات لتخليصها من الارهاب، والاجندات التي تقف خلفه. مؤشرات النجاح ولعل من ابرز المؤشرات على نجاح هذا التحالف، انه لم يكن عشوائيا او اعلاميا او عاجلا، بل كان منظما ومخططا له بعناية، ولعل مشاركة ما لا يقل عن 36 دولة حتى الان، وحصوله على دعم دولي، يؤكد انه تحالف استراتيجي وفي التوقيت والمكان المناسب، فلم تعد الدول الكبرى مسؤولة مثلما كانت سابقا، ولم يعد الارهاب ارهابا مثلما كان بل أصبحت هناك شراكة بين بعض الدول والتنظيمات الارهابية المتطرفة، وذلك مثبت بتقارير استخباراتية دولية ولعل ايران تأتي على رأس هذه القائمة. ولعل من ابرز علامات نجاحه، ان مليارا ونصف المليار مسلم أرادوا عبر دولهم المشاركة في هذا التحالف، لنفي صفة الارهاب عنهم، واختلافهم مع الفكر الداعشي المتطرف، وان يقفون صفا واحدا ضد الارهاب السني والشيعي وغيره من الارهاب الذي يرفع السلاح بوجه الشرعية او يتطاول عليها ضمن اجندات مختلفة، ومن النجاحات ايضا ان المجتمع الدولي عجز عن القيام بواجباته ومسؤولياته ناحية الازمة السورية، وأصبحت أجندة نظام بشار الاسد ومعه ايران استقطاب الارهاب والميليشيات على انواعها، وجعلها تتقاتل وفتح الابواب لها واخراجها من السجون في العراقوسورياوايران، بهدف تحويل انظار العالم عن المجرم الحقيقي، وبهدف تشويه صورة الاسلام ووصمه بالراديكالي العنيف، وسحب هذه الصورة لتشمل الدول الاسلامية وعلى رأسها المرجعية الاسلامية الاولى المملكة، وهذا جزء من المخطط الايراني المنظم لتشويه صورة المملكة في الاعلام العالمي. كما ان من نجاحات التحالف الاسلامي، انه اعطى دعما واضحا لمكانة ودور المملكة المؤثر في العالم الاسلامي، في اطار جيواسلامي واضح، دفع بالجميع للتوقف عند حدود هذا التحالف وابعاده وامكاناته المنظوره وغير المنظورة، في عالم يتسارع باتجاه تكوين تحالفات على اسس غير واضحة المعالم ايضا كالتحالف الروسي الايراني مع العراقوسوريا، كما ان التحالف الواضح برسالته، اسقط في ايد الاخرين، واصبح كاشفا لهم، ولم تعد هناك ذرائع تسوق للابقاء على الارهاب كأداة تستخدم ضد الامن والاستقرار الاقليمي والعالمي، ومن يرغب بمحاربة الارهاب، فهذا تحالف اسلامي هو الاولى بمحاربة الخارجين عن جادة الصواب، ومن اراد محاربته ما عليه الا ان يعلن انضمامه وامتثاله لاهداف هذا التحالف، التي لا تميز بين إرهاب وإرهاب. ضربة لدعاة الإسلاموفوبيا ان التحالف كشف الاسلاموفوبيا ومن يغذيها من دول العالم، ومن اراد من الدول والمؤسسات الدولية دعم محاربة الارهاب، فان عليه ان يدعم هذا التحالف غير العادي في مواجهة الارهاب، ليس في الجانب العسكري والاستخباري فقط، وانما في الجانب الثقافي والاعلامي والفكري والبحثي، ووضع النقاط على الحروف، ومن خلال التنسيق معه ومركز عملياته في الرياض، كما ان التحالف عبر عن جهد دول اسلامية في التنسيق والتفاهم وفي القدرة على الالتقاء في محورية محاربة الارهاب، وتعزيز الامن والاستقرار، بعدما اصبح الارهاب بعبعا تستخدمه دول وتتحالف معه تحالف الشر، لتنفيذ اهدافها القائمة على التدخل والفوضى والصدام الوطني. دعم إسلامي ودولي إن حصول التحالف الاسلامي على دعم منظمة المؤتمر الاسلامي، والازهر، والاتحاد الاسلامي العالمي، والامم المتحدة، وجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومجمع الفقه الاسلامي، وتنظيمات وطنية في العراقوسوريا، ترحب بالدور الاسلامي في محاربة الارهاب، كان صفعة كبيرة لكل من يتشدق بالاسلام، ويعمل على النقيض منه، فقد جاء القاء الامارات على سفينة إيرانية محملة بالمخدرات وعثور نيجيريا في سفينة إغاثة إيرانية على صواريخ وقنابل وذخيرة متجهة لبوكو حرام، وإيقاف العديد من الدبلوماسيين الإيرانيين ممن لهم علاقة بالحرس الثوري في بعض العواصم الأسيوية، إضافة الى قيام ايرانيين بتهريب كميات ضخمة من العملات المزورة في الاسوق الاسيوية، واستهداف البعثات الدبلوماسية، ليؤكد أن الارهاب تقف خلفه دول تهدف لزعزعة الاستقرار الاقليمي والعالمي، وان محاربة الارهاب تحتاج الى تكاتف هذه الدول والمجتمعات. إن إيران التي لا تجرؤ على السير ضد الاغلبية الاسلامية في العالم، وفي اطار منظمة التعاون الاسلامي، دفعت ببرلمانيين ايرانيين للتشكيل والتقليل من أهمية ومكانة التحالف الاسلامي، في وقت أصيبت سابقا بحالة هستيرية من التحالف العربي خاصة بعدما أحكم التحالف سيطرته الشاملة على جميع المنافذ اليمنية تاركا ايران مجرد ظاهرة صوتية ليس الا، في ظل ظهور وبروز للقوة العربية المشتركة، والتحالف العربي، والتحالف الاسلامي، حيث اصبحت ايران معزولة في منطقة ساخنة وملتهبة. لا أسس طائفية والتحالف الاسلامي ليس مؤسسا على اسس طائفية كما يحاول البعض الغمز للاساءة له، فهو تحالف عريض، يستهدف الارهاب وتنظيماته واجنداته واعماله القذرة، ومحاربته بالقوة العسكرية والعمل الاستخباراتي والفكري والاعلامي والثقافي، ويمكن لدول ومجتمعات ان تتعاون معه في هذا التوجه بغض النظر عن العامل الديني، ولكن غياب ايرانوسوريا عن هذا التحالف فاسباب هذا الغياب معروفة، فكلا الطرفين لا يمكنه الان دعم محاربة الارهاب على نحو جاد وحقيقي لانه مستثمر رئيس في الارهاب، وفي انتاج تنظيم داعش الارهابي، وستكشف دول العالم اجمع هذه الحقيقة الان او فيما بعد، خاصة وان دورة الارهاب، ليست ما تقوم به داعش، وانما هناك خبرات استخباراتية منظمة وجهود ثقافية شاحنة، وظروف اقتصادية جرى استغلالها لتجنيد الارهابيين، ولربطهم بالتنظيمات الاسلامية المتطرفة، بينما هم في الحقيقة ابعد ما يكونون عن التدين، وأقرب الى حياة اللهو والمخدرات والضياع. ان اهداف التحالف الاسلامي تنجلي يوما بعد يوم، وان الحاجة له اصبحت استراتيجية، وان هذا قد يدفع بالدول الاسلامية المشكلة للتحالف لان تكون قوة رئيسة فاعلة ومؤثرة في قرارات يتم تبنيها من خلال منظمة المؤتمر الاسلامي في تعريف الارهاب، واصدار لوائح سوداء بالتنظيمات الارهابية، واتخاذ اجراءات عقابية ضد الدول المتخادمة بالارهاب، وايضا دعم الدول الحليفة بالخبرات الامنية والاستخباراتية في الكشف عن الارهاب، وخطط مواجهته، والوقوف على الاحداث الارهابية، وتشكيل نواة لقوة كوماندوز اسلامية لديها القدرة على التحرك والتدخل حين الطلب لمواجهة اية اعمال ارهابية، اضافة الى مواجهة مشروعات التفتيت التي تهدف الى تفكيك المجتمعات الاسلامية على اسس طائفية تدخلية. تحالف ونظام دولي جديد وفي سياق التحولات في السياسة الدولية، وارهاصات تكوين وولادة نظام دولي جديد، يتصارع من أجله العالم على الارض العربية والاسلامية في سوريا، ومع مرور 100 عام على سايكس بيكو (1916-2016) فان كل هذه الاستعدادات العسكرية الجارية، وغير المنضبطة كما يبدو، قد تؤسس لحروب عديدة، تلحظ دول العالم الاسلامي، ان من بين معالمها ابعادا دينية، وان الدفاع عن الاسلام والمسلمين والدول والمجتمعات الاسلامية، يحتاج الى منظومة تعزز مكانته وتعمل على صيانة امنه واستقراره، ضد تنظيمات ارهابية، اصبحت أداة تدخلية، فقد جاء التحالف الاسلامي، اسلامي الفكرة والقرار والارادة، ولهذا لم تستغرب وسائل الاعلام تصريحات وزير الخارجية الامريكي جون كيري عندما قال ان السعودية لم تخطر بلاده مسبقا بتأسيس هذا التحالف، الا انه أكد أيضا أنه لم يكن مفاجئا، بمعنى ان واشنطن في ظل تراجعها، ترى أن دول العالم الاسلامي بدأت تتقدم وتعمل وتتحالف لاجل الدفاع عن امنها واستقرارها ومصالحها وسيادتها. التحالف الاسلامي هو تحالف بمعايير اسلامية واضحة، فهو وكما جاء في بيان مجمع الفقه الاسلامي «يأتي انطلاقاً من التوجيه الرباني الكريم ومن تعاليم ومقاصد الشريعة الإسلامية السمحاء وأحكامها، التي تحرّم الإرهاب بجميع صوره وأشكاله، بوصفه جريمة نكراء وظلما تأباه جميع الأديان السماوية والفطرة الإنسانية» و«هذا التحالف يأتي محققاً للالتزام بالأحكام الشرعية المقررة، ذات العلاقة بالدفاع عن الإسلام والأمة وانسجاماً مع أحكام اتفاقية منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره أيا كان مذهبه ومسمياته. وهو تحالف بالمواجهة الشاملة بكل أبعادها الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والعسكرية لقطع دابر شروره واستئصال شأفته، وحماية للأوطان والمقدرات، وخدمة للمعاني الإنسانية الراسخة وإنقاذاً للبشرية من أهوال الإرهاب وكوارثه المدمرة».