تشهد سماء محافظة جدة اعتباراً من فجر غد السبت، بداية دورة العبور الأخير لمكّوك الفضاء أنديفور قبل إحالته إلى التقاعد وخروجه من الخدمة نهائيا، وفقما أعلنته الجمعية الفلكية بجدة. وقال رئيس الجمعية المهندس ماجد أبو زاهرة، إن المكّوك أنديفور في هذه الرحلة يحمل حمولةً مهمة جداً، وهي مقياس ألفا الطيفي المغناطيسي الذي يزن نحو 7 أطنان وصُمّم لاختبارِ سحب الجسيمات السرمدية المتجلّدة في أعماق الفضاء. وبعد وصول المكوك أنديفور إلى هدفه، سيوجّه رواد الفضاء الذراع الروبوتية لرفع المقياس الطيفي من حجرة الشحن وتسليمها إلى الذراع الروبوتية للمحطة الفضائية الدولية، وعندما يثبت هذا النظام المعقد على الهيكل الخارجي للمحطة، سيخرج رواد الفضاء إلى خارج المحطة للقيام بتوصيل النظام وتشغيله استعداداً لبدء أعظم تجربةٍ علميةٍ في تاريخ المحطة الفضائية الدولية. يقول علماء الفيزياء الكونية إنّ مقياس ألفا الطيفي المغناطيسي، الذي بلغت كلفة تصنيعه 1.5 مليار دولار، ربما يغيّر طريقة تفكيرنا بالكون المحيط بنا، فهو قد يخبرنا إذا ما كانت هناك نجومٌ أو حتى مجرات بأكملها من المادة المضادة في مكانٍ ما بالفضاء الخارجي من حولنا، وقد يخبرنا عن طبيعة المادة الداكنة التي يعتقد أنها تسود الكون، وقد يكشف لنا عن مكان اختباء أقوى مصادمات جسيمات ذرية بالكون. وأضاف: إذا ما نجحت هذه المهمة في التوصل إلى أيِّ اختراقٍ في أيٍّ من هذه المجالات، فمن شأن ذلك أن يكون نجاحاً مدوياً في عالم الفلك، لكن المقياس الطيفي المغناطيسي لديه مهمة أخرى قديمة عليه أن يكملها، ففي عام 1998، اكتشف نموذج أولي للمقياس إشاراتٍ خفيّة لما يمكن أن يكون شكلاً جديدا كلياً من المادة النووية أطلق عليه اسم "المادة الغريبة"، إذا أثبتت المهمة الأخيرة صحة هذا الاكتشاف، فسيغير ذلك فهمنا لطبيعة مادة الكون وحتى أيضاً مصيرنا النهائي في النظام الكوني. وسيكون وصول المرصد الطيفي المغناطيسي إلى الفضاء تتويجاً لرحلةٍ طويلةٍ ومتخبطة كادت أن تحبط، بدأت الرحلة في 1994 عندما قام فريق المقياس الطيفي المغناطيسي ألفا بدراسة جدوى لمصلحة وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، وكان قائد فريق البحث سام تينج عالم فيزياء الجسيمات الذرية الحائز جائزة نوبل في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، حيث استطاع أن يأسر اهتمام مدير "ناسا" في حينه دان جولدين بأحد الأهداف الرئيسة للمطياف المغناطيسي ألفا البحث عن المادة المضادة البدائية في الكون. وسيكون المكّوك أنديفور ملتصقاً بمحطة الفضاء الدولية عند عبوره حيث إنهما سييظهران في شكل هالة ضوئية واحدة برّاقة متحركة مشاهدة بالعين المجردة، وسيكون العبور صباحيا قبل شروق الشمس حيث سيكون العبور وفق القيم التالية: فجر السبت 21 مايو 2011: 1 دخول (المكوك - المحطة) سماء جدة عند الساعة 5:23 فجرا من الأفق الجنوب الغربي. 2 يصل إلى أقصى ارتفاع عند الساعة 5:25 فجرا. 3 مقدار اللمعان الظاهري - 3.2 (في غاية البريق). فجر الإثنين 23 مايو 2011: 1 دخول (المكوك - المحطة) سماء جدة عند الساعة 4:35 فجرا من الأفق الجنوبي. 2 الوصول إلى أقصى ارتفاع عند الساعة 4:38 فجرا. 3 مقدار اللمعان الظاهري - 3.3 (في غاية البريق). فجر الثلاثاء 24 مايو 2011: 1 دخول (المكوك - المحطة) سماء جدة عند الساعة 4:58 فجرا من الأفق الغربي. 2- الوصول إلى أقصى ارتفاع عند الساعة 5:00 فجرا. 3 مقدار اللمعان الظاهري - 1.9 ( في غاية البريق ). فجر الأربعاء 25 مايو 2011: 1 دخول (المكوك - المحطة) سماء جدة عند الساعة 3:49 فجرا من الأفق الشمالي الشرقي. 2 الوصول إلى أقصى ارتفاع عند الساعة 3:51 فجرا. 3 مقدار اللمعان الظاهري - 1.9 ( في غاية البريق). ويأمل العلماء أن يتمكن مطياف ألفا المغناطيسي من رؤية نواة ذرة هيليوم مضادة، ومن شأن هذا أن يكون اكتشافاً مهماً، لأن معظم الهيليوم الموجود في الكون الآن تشكل خلال الدقائق الثلاث الأولى بعد الانفجار الذي ولد فيه الكون، ولم يتشكل داخل مراجل النجوم مثل الغازات الأخرى. ويتوقع أن ينسحب الكلام نفسه على أية ذرات هيليوم مضادة يمكن العثور عليها في أعماق الفضاء، لذلك فإن أية ذرات هليوم مضادة قد يعثر عليها مطياف ألفا المغناطيسي ستكون على الأرجح من بقايا المادة المضادة البدائية التي نجت من الإبادة الجماعية التي تعرّضت لها لدى تصادمها مع المادة في فجر الكون، ما سيشير إلى أنه لا بد من وجود شظايا أخرى متبقية من المادة المضادة. يقول مارت بول الذي يرأس فريق المقياس الطيفي في جامعة جنيف السويسرية "إذا رأى المقياس ولو جسيماً واحداً من الهيليوم المضاد، سنعرف حينها أن هناك تركيزات للمادة المضادة في مكان ما من مجرتنا. وإذا رأى جسيماً كربونياً مضاداً، فسنعرف أن هناك نجماً مضاداً في سمائنا". ورغم التشكيكات التي وجّه بها المشروع في البداية، فإن انبهار جولدين بحجم الأهداف التي تسعى لها هذه المهمة وتحمسه الشديد لها ساعد على ضمان توفير مصادر التمويل اللازمة لبناء المقياس الطيفي. جدير بالذكر أن المكّوك أنديفور انطلق إلى الفضاء في 16 مايو الجاري ومن المقرر أن يُحال المكّوك "إنديفور" إلى التقاعد بعد عودته من رحلته الأخيرة إلى الفضاء، أسوة بتوأمه "ديسكفري" الذي دخل مرحلة التقاعد الفعلي أخيراً.