طالب الكاتب والمحلل السياسي جمال خاشقجي المملكة بإطلاق مبادرة سعودية في اليمن تهدف إلى دفع كل الأطراف اليمنية، بما فيها الحوثيون، نحو صيغة ما للمشاركة واقتسام السلطة، وإيجاد «لويا جيركا» يمنية، أو مجلس يمني يتكون من رؤساء القبائل والأطياف السياسية للصلح، مؤكداً أن الظروف في اليمن أصبحت مواتية لمثل هذه المبادرة، خاصة مع استعادة الشرعية الدستورية بخروج الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى عدن، وعجز الحوثيين عن السيطرة الكاملة على كل مفاصل الدولة وإدراكهم أنهم مجرد فصيل عليه أن يعيش ويدع غيره يعيش. وفي مقاله "لويا جيركا لليمن" بصحيفة "الحياة" يقول خاشقجي: "لنجمد المشهد الحالي أولاً كي نتخيل الفصل التالي. الحوثيون يسيطرون على صنعاء، ولكنهم في وضع غير مريح، يتصرفون مثل أي انقلاب، أعلنوا «إعلاناً دستورياً» يفتقد المنطق، ورفضته النخب السياسية. لديهم أنصارهم، ولكل انقلاب أنصاره، يزعمون أنهم يريدون الخير للبلد، ولكنهم يعلمون أن هناك معارضين لهم، مثل أي انقلابيين يقمعون المعارضين. إنهم «انقلاب» لم ينجح تماماً بعد، ولا ينبغي الانتظار حتى ينجح .. يختلف الحوثيون عن غيرهم من الانقلابيين، ذلك أنهم لا يريدون أن يحكموا «الآن»، ليس ترفعاً منهم، وإنما لإدراكهم أنهم مجرد «فصيل» بين فصائل أخرى. أدت ثورة 2011، وحال عدم الاستقرار بعدها، والتنافس بين شتى القوى، ثم تجاوزات الحوثيين أنفسهم إلى تفكك «الدولة العميقة» فلم يستطيعوا أن يرثوها ويوظفوها لخدمة وشرعنة مشروعهم وإخراجه بأنه وطني جامع، بل إن بجوارهم من ينافسهم على ما تبقى من تلك الدولة. إنه بانيها الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، الذي تقول الأممالمتحدة إنه استولى على 60 بليون دولار، وهو مبلغ كافٍ لمكائده السياسية التي اشتهر بها. ثمة تحالف وتعاون بينهم، ولكنهم لا يثقون به تماماً".
ويضيف خاشقجي: "ضعف الدولة العميقة في اليمن، ووجود معارضة سياسية مدنية للحوثيين، وأخرى قبلية مسلحة، واستعادة الشرعية الدستورية بخروج هادي إلى عدن، وعجز الحوثيين عن السيطرة الكاملة على كل مفاصل الدولة بما فيها الأمنية، كل ذلك سيقنع الحوثيين أنهم مجرد فصيل بين فصائل أخرى، ما سيوفر فرصة الآن يجب اغتنامها من قبل السعودية، لتبني عليها وبدعم من حلفائها الإقليميين والولايات المتحدة التي تستطيع أن تؤثر في مجلس الأمن والدفع بالأطراف اليمنية كافة نحو مبادرة، سعودية خالصة هذه المرة".
ويفسر الكاتب ملامح المبادرة ويقول: "تهدف المبادرة إلى دفع كل الأطراف اليمنية، بما فيها الحوثيون، نحو صيغة ما للمشاركة واقتسام السلطة. الانتخابات مستحيلة الآن، ولكن لن تعجز الحكمة اليمنية في إيجاد «لويا جيركا» يمنية، لتسمّى مجلس حكماء، أو هيئة تأسيسية، أو مجلس الصلح اليمني الكبير. الأسماء غير مهمة. المهم هو أن يؤسس لحال شراكة بين الأطراف اليمنية، تقوم على أن الحوثيين طرف أو شريك يتساوون مع غيرهم في التطلع لتأسيس يمن جديد.. الإصرار على شرعية الرئيس هادي خطأ، فماء كثير مر من تحت الجسور اليمنية، ولا يمكن إعادة العجلة إلى الوراء، ولكن استخدامها مع كل أدوات الضغط، بما في ذلك القوة والقبائل والإصلاح والعقوبات الدولية، لدفع الحوثيين نحو تفاهم ما هو الصحيح".
وينهي خاشقجي قائلاً: "بعض الانقلابيين يعلقون على المشانق عندما يفشلون، والبعض الآخر ينتهي شريكاً في الحكم، وإذ إن الأحداث أكدت أن لا أحد يستطيع أن يكسب كل شيء في اليمن، وأن الحكمة يمانية، فالحكمة تقول خير الأمور الوسط، والوسط هو في إقناع الحوثيين بأن عش ودع غيرك يعيش".