قال الشيخ الدكتور عبد العزيز بن أحمد الحميدي الأستاذ المساعد بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى: إنه يحق لولي الأمر والقاضي أن يؤخرا –ولا نقول يعطلا- تنفيذ بعض الأمور الشرعية لمصلحة ظهرت عندهم فاقت عندها تطبيق قضية عينية ولو كانت شرعية، لحكم أكبر وأعظم، مشيرا إلى قضية الحدود وكيف حصل في عهود الخلفاء الراشدين إيقاف لبعض الحدود بحسب ظروف معينة اقتضت المصلحة ذلك, مؤكداً أن هذا تقدير اجتهادي، لمراعاة المصلحة لأن المقصود من الأحكام والحدود إيصال الحقوق وردع المجرم وردع الآثم والمتعدي، وهذه مصلحة كبرى عامة. جاء ذلك في حلقة اليوم من برنامج "همومنا" التي بثت على القناة الأولى في التليفزيون السعودي، وتناولت القضاء الشرعي وتطبيق الحدود.وفي بداية الحلقة قال الدكتور الحميدي: "إن شرع الله المنزل الذي تكون عليه وحسب توجيهه للأمة عظيمة أرادها الله أن تكون خير أمة أخرجت للناس، راعى في تأسيسه مقومات القوة لهذه الأمة جانبين اثنين: جانب تأسيس الحق وجانب آخر وهو الدفع لما يضاد له وهو ما سميته أنت في بداية كلامك الشبهة التي هي من أعظم مداخل شياطين الإنس والجن على حد سواء، لإضعاف أولاً دين العبد في ذات نفسه، وانتمائه لأمته وإطالة أمد الضرر وأمد الباطل، ومن هذا المنطلق اتفق العلماء على أن مرض الشبهة أخطر بكثير من مرض الشهوة، لأن صاحب الشهوة يرتدع عما قريب وعما قيل وفي الغالب لا يكون ضرره إلا على نفسه، لكن الشبهة خاصة إذا تملكت واستحكمت ولم تجد من الطبيب المعالج العارف بعمق المرض وحقيقته وما يدفعه وما يناسبه فإن ضررها عظيم أولاً في إطالة أمدها وثانياً في عظيم ضررها لأن صاحب الشبهة يضر نفسه ويضر غيره، ولو لاحظنا أن كل انحراف من انحراف إبليس عدو الله الأول وما بعد ذلك إنما هو سبب شبهة وخطأ، ولذلك فرق العلماء بين الخطأ الذي وقع فيه أبونا آدم عليه الصلاة والسلام، فإن واقعة الشهوة لأجل الأكل من الشجرة، وكانت توبته سريعة وندمه قريباً وعفو الله -سبحانه وتعالى- عنه أيضاً عظيم وقريب، وأما خطأ عدو الله إبليس فكان بسبب الشبهة التي جرته إلى مستوى أن يعترض على أمر الله، بل ويخطئ الله ويقول: "أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين" ولذلك كان ضررها عظيماً وكان صاحبها هو إبليس أعظم مثال للضلال والفساد عبر التاريخ، وجعله الله أساس كل ضلال وفساد، ولذلك القرآن الكريم في كل متنزلاته -لو تدبرنا القرآن- نجده هو إجابة لإشكالات وإجابة لتساؤلات وكشفاً لشبهات، ولذلك يعجبني كثيراً قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله: إنه قال: ليس لصاحب شبهة ولا بدعة من دليل إلا وفي ذات دليله إذا كان يتعلق أو يستمد من النص الشرعي ما يبطل دليله، لكنه يعمى عنه بسبب إنه ما أراده وقصد الحق لذاته وإنما قدم نتيجة بالباطل وأراد أن يحمل عليها النص الشرعي وهذا هو الفرق بين طالب الحق والباحث عنه وبين من يريد الفساد ويريد الضلال فإنه يقدم النتيجة ويعقد عزمه وقلبه عليها ثم يتلمس هنا وهناك من الأدلة وعمومياتها ومتشابهاتها ما يسوق به هذا الباطل، ولذلك ربما يكون في ذات ما يريده ينقض باطله ولكن يعمى عنه ويعمى عنه أيضاً كل من أشرب باطنه، قال هذا شيخ الإسلام وهو يفسر قوله تعالى في قصة عجل بنى إسرائيل: "وأشربوا في قلوبهم العجل" أي لا مجال لا عقلي ولا نقلي لجعل تمثال صنعوه بأيديهم من الذهب والحلي إلهاً يتصرف فيه في الكون ويغفر ويرحم ما ممكن أن يقام على هذا لا شبهة ولا أقل شبهة ولا أي نوع من أنواع الأدلة لا عقلية ولا نقلية و لا عرفية ولا شيء من ذلك، لكن أشربوا هذا الباطل في قلوبهم وبالتالي مهما أورد لهم موسى من دلائل عظمة الله وألوهيته وبطلان ما صنعوه ولو كان حرقه ونسفه لا يجدي شيئاً، وبسبب ذلك وحقيقته أن الحق لا يصل إلا بأمرين: صحة الدليل وسلامة المتلقي، فقد يكون الدليل صحيحاً وثابتاً ولكن المتلقي فاسداً أو أصم عنه أو مقدماً من الفساد ما يلغى عقله وذهنه من تقبل هذا الحق استرواحاً للباطل الذي هو أشربه من قبل، وبالتالي لن يستفيد ولو أوردت عليه كما قال الله تعالى: "لو جاءتهم كل آية" لذلك يعني وجب على كل مسلم وكذلك كل مسلمة الاستعاذة بالله سبحانه وتعالى واللجوء إليه من مرض الشبهة وعلاجها وسبيل فكها هو أن يقرر الإنسان في بداية أمره دائماً أن كلامه محتمل للخطأ، ومحتمل للصواب، وأن رأيه وما ارتآه محتمل أن يرد عليه ما هو أصح منه وأقوى منه كما قال الله تعالى: "وفوق كل ذي علم عليم" فإذا راعى هذا الجانب مع شيء من الإخلاص واللجوء إلى الله تنكشف عنه الشبهة، لو سلمنا أنه حصلت هناك شبهة دفعته إلى أن يفعل أو يقول شيئاً من الباطل. وقال الشيخ الحميدي: إن أعظم مدخل لخلخلة النسيج الاجتماعي لأي أمة وهو القدح في المتفقات عنده والمقدسات عنده والتي بها تصل الحقوق وتدفع المظالم.وعن بعض الشبهات التي تتوجه إلى المجتمع بهدف إخراجه من دائرة الإيمان والإسلام والاجتماع والصف الواحد، ومنها من الشبهات ما يتوجه إلى القضاء في هذا المجتمع، خاصة ما يقوله البعض أن القضاء ليس يستند فقط على القضاء الشرعي وإنما هنالك على الشريعة الإسلامية مستندات أخرى يستند عليها، فقال الحميدي: هي شبهة ضعيفة بل منحلة فاسدة من جهتين اثنتين واضحتين: الجهة الأولى النظام أو القرار الذي استند إليه بناء القضاء الشرعي في بلادنا، فالنظام الذي بنى عليه القضاء نص نصوص صريحة وواضحة, أن القضاء في المملكة العربية السعودية قضاء مستقل ليس لأحد سلطة عليه إلا الشريعة الإسلامية, وحتى لا يكون الكلام نظرياً هكذا من جهتين، ففي النظام الأساسي للحكم تنص المادة الأولى في نظام القضاء تقول هكذا القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية وليس لأحد التدخل في القضاء، وحتى لا يكون لأحد مدخل على قضية الأنظمة المرعية فربما يبني عليها شبهة أخرى, يأتي نظام المرافعات ليفصل الأنظمة بأنها تطبق على القضايا المعروضة أمام المحاكم الشرعية الإسلامية وفقاً لما دل عليه الكتاب والسنة وتتقيد في الإجراءات المنظورة بما ورد في هذا النظام.وأكد أن النظام الأساسي للحكم يعطي للقضاة الاستقلالية، وأن ليس عليهم سلطان إلا الشريعة الإسلامية، كذلك لا بد من النظر إلى الواقع المعاش والعملي في هذه البلاد منذ أن قامت قبل نحو مائة سنة،القضاة هم خريجو دراسات شرعية متخصصون في أحكام الشريعة الإسلامية، يخضعون لاختبارات وإلى دراسات واسعة جداً في أحكام القضاء الشرعي الإسلامي ويدرسون جميع أبواب الفقه التي يحتاج إليها في باب القضاء ويمارسون ذلك عياناً بياناً في محاكمهم، ولا سلطان لأحد عليهم بل أقول: إن ديوان المظالم وجد ليكون حاكماً أيضاً الجهات الحكومية والوزارات أيضاً والأجهزة الحكومية التي يتظلم ربما منها أي مواطن عادي حسب لها أنظمة داخلية ربما تكون عندها أنظمة داخلية، إذا شعر أي مواطن أنه ظلم، هناك جهة قضائية تستند إلى الشريعة وتحكم على هذا وكل يترافع إليها ربما فرد واحد من أبناء المجتمع وربما جهاز كامل ومؤسسة كاملة من مؤسسات الدولة، فالواقع المعاش مع النظام المعمول به في القضاء إذا أردنا أن نكون منصفين وواقعيين في طرح هذه القضايا لا سلطان لأحد عليهم إلا لمرجعيات الشريعة الإسلامية وأحكامها مع ملاحظة نقطة مهمة جداً أن القضاء الشرعي عموماً منذ فجر الإسلام للقاضي وللحاكم مساحة معينة من الاجتهاد في جهتين اثنتين منصوص عليها ومعمول بها في كل أنظمة القضاء الشرعية في تاريخ الإسلام كله منذ تكون الدولة الإسلامية أيام النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين. وقال: إن هناك جهتين: الجهة الأولى جهة اجتهادية محضة وهناك قضايا كثيرة لا يمكن أن تجد لها نصا صريحا في الكتاب ولا في السنة فيحتاج إلى الحاكم أن يجتهد، وهذا مذكور في القرآن والسنةوأضاف الحميدي أن هناك قوانين إجرائية، وقوانين تنظيمية سواء في باب المرافعات أو في باب مدى حقوق المترافع ومدى حقوق صلاحيات المحامي مثلاً ومدى حقوق وصلاحيات القاضي وفق القواعد العامة, وهي قوانين يُوضع سواء سميناها وضعية أو سميناها يُحدث بشرط ألا تتصادم ولا تتعارض مع حكم منصوص عليه, وهذا ما أكدت عليه المادة الأولى في النظام الأساسي للحكم. وأشار إلى أن المقصود من وضع الأنظمة تحقيق المصلحة بمختلف أنواعها، بناء على تقسيمات الفقهاء المشهورة المصلحة المعتبرة المتفق عليها واجتمعت على حسنها العقول، ومصلحة ملغية، و المصالح المرسلة وهي مساحتها أوسع وهي معتمدة في مذهب الإمام مالك ومتناغمة تماماً مع قوله السابق، يحدث الناس في الأحكام بقدر ما يحدثون في القضايا والأمور، حتى قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن المصالح المرسلة هذه: إنها من محاسن مذهب الإمام مالك، ومراعاة المصالح من أعظم ما يمكن اعتباره في الأمور الشرعية، بل ربما يحق لولي الأمر والقاضي أن يؤخر ربما – لا نقول: يعطل– يؤخر تنفيذ بعض الأمور الشرعية لمصلحة ظهرت عنده فاقت عنده تطبيق قضية عينية و لو كانت شرعية لحكم أكبر وأعظم، و هذه سنجدها عندما سنتحدث عن قضية الحدود و كيف أنه حصل في عهود الخلفاء الراشدين إيقاف لبعض الحدود بحسب ظروف معينة اقتضت المصلحة بحسب تقديرهم الاجتهادي – وهذه قضية جداً مهمة – إيقافها بسببها، فمراعاة المصلحة لأن المقصود من الأحكام والمقصود من الحدود المقصود هي إيصال الحقوق وردع المجرم وردع الآثم والمتعدي، فهذه مصلحة كبرى عامة فمتى حصلت ووصل إليها، وسنذكر شواهد عندما نتحدث عن الحدود لأن الحدود هي صورة واضحة تظهر فيها قضية المصالح فثم شرع الله كما قال ابن القيم في تحقيق هذه المصالح سواء كانت مصالح معتبرة أو المصالح المرسلة وهي دائرتها أوسع وأرحب بكثير على طريقة الإمام مالك والتي اعتبرها الشيخ ابن تيمية – كما قلنا– من محاسن مذهبه. وحول إثارة بعض الشبهات تثار حول أن الحدود في هذه المملكة لا تقام كلها وإنما يقام بعضها والبعض الآخر لا يقام نظراً لأن هذه الحدود تقع من بعض الوجهاء أو بعض أصحاب النفوذ ويضربون بعض الأمثلة مثل الزنا، وقولهم: لم نسمع على مر الزمن وطوال الأمد الماضي أنه يوجد شخص أقيم عليه حد الرجم وأعلن عن ذلك وكذلك حد القطع، قال الشيخ الحميدي: إننا نرد على من يثيرون هذه الأمور والمسائل من عدة أوجه, الأول: لا يلزم من عدم السماع عن الوقوع أنها لم تقع ولم تقم، كما لا يلزم الحاكم ولا القاضي ولا ولي الأمر إذا أقام حداً أن يعلنه لكل فرد، ولكل قاصٍ و دانٍ. مضيفاً أن تنفيذ هذه الحدود أن يشهد بها طائفة فلو شهد أربعة أشخاص من أصحاب الحقوق أو من الذين عليهم الجناية يكفي ذلك، ما يلزم النبي صلى عليهم وسلم قال لعبدالله بن أنيس: واذهب يا أنيس إلى امرأة هذا، رجل واحد، فاسألها فإن اعترفت فارجمها، فذهب واعترفت ورجمها ولم يجمعوا جمعاً عليها أهل المدينة كلهم، لا يلزم من ذلك عدم سماعك أو عدم سماع أو عدم علم، كما قالوا عدم العلم ليس علماً بالعدم، عدم علمك لا يعني عدم وقوع هذا الحد أو ذلك الحد أو أن ولي الأمر عطله بالكلية وألغاه وأزاله، هذا يعني رد بدهي يقال الآن. الوجه الثاني: القاضي والحاكم وولي الأمر في باب الحدود بالذات إذا رفعت إليه وبلغته ووصلته مع تشوف الشريعة وتشوف النبي – صلى الله عليه و سلم– إلى درء الحدود حتى بأدنى الشبهات وكان عليه الصلاة والسلام يخاطب الناس خطاباً عاما ويقول: "تعافوا" الحديث في أبى داود: "تعافوا الحدود فيما بينكم ما أمكن" مهما أمكنت وتتساتر الأمور وتتعافى الحدود فيما بينكم ولو بشيء من الصلح الذي يجبر الخواطر قبل وصولها وبلوغها إلى الحاكم والسلطان والقاضي فتشوف النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، وفي لفظ للحديث "إن الله يحب العفو فتعافوا الحدود فيما بينكم ما أمكن" عند أبي داود والنسائي، فالحاكم وولي الأمر إذا بلغته الحدود، مع ذلك هناك أمور منصوص عليها في الشريعة يجب أن يراعيها الحاكم والقاضي والوالي قبل إقامة الحد سواء حد الزنا أو حد السرقة أو حد القصاص، فلا كل من قيل له أو شهد أي شاهد أو كان مطعونا في شهاته ونحو ذلك فإنه فعل ما يستوجب الحدود أن يقام عليه. وعن وجود موانع وشروط يجب أن تتوفر الشروط عندها نقيم الحد, قال الشيخ الحميدي: لا بد أن تنتفي الموانع، ومن الشروط لإقامة الحدود استيفاء الشهادة بشهادة العدول أو وقوع الاعتراف التام بغير جنون ولا ضغط، ولا إكراه كما جاء ماعز الأسلمي إلى النبي فقال زنيت فأقم الحد فقال: لعلك قبلت لعلك غمزت لعلك كذا . وقال: إن إقامة الحدود في دار الحرب كما اتفق عليه الصحابة -المهاجرون- لما كان عمر وعثمان يبعثون السرايا والجيوش لفتح فلو أحد الجنود وهو يحارب في أحد الثغور مع الكفار، ارتكب موجب الحد زنا أو سرقة أو شرب المسكر، اتفق الصحابة يقول أتفق والإجماع هذا منقول على أنه لا يحد حتى يرجع الى دار الإسلام، ثم ينظر هل فعل ذلك اضطراراً هل فعل ذلك ثم هل يقام عليه الحد أو لا يقام وهنالك اعتبارات قضائية وذكروا لذلك حكمتين: الحكمة الأولى: ربما لو أقيم عليه الحد وهو في دار الحرب يجعل المسألة تكبر في ذهنه ويقول أنا أقاتل وكذا ثم يحدون علي فربما يرتد، أو يسئ الظن بالمسلمين وتقع مفسدة أعظم .الحكمة الثانية: حتى لا يطمع أهل الكفر فيهم ويقولوا انظروا إذا كان المجاهدون يجاهدون معهم وجنودهم يضربوهم ويقطعون أيديهم, هذا دين ربما يكون فيه صد حتى عن سبيل الله، فمن الحكمة أنهم أخروا ذلك. وقال: في عهد عمر تأخره في إقامة حد المسكر على قدامة بن مظعون حتى مضت أشهر وقد شهد عليه الجارود من بني عبد القيس فما قبِل شهادته عمر الفاروق وشهد أبو هريرة وما قبل حتى استدعاه واقر وأعترف عنده لكنه كان مستحلاً لها بسبب تأويل معين والقصة مشهوره وكذلك إيقافه حد ما هو يعني إيقافه، تثبته في إقامة حد الزنا على المغيره بن شعبة، لما شهد عليه ثلاثة رجال بعضهم صحابة منهم أبو بكر بن الحارث وأنهم رأوه يزني زنا صريحاً، وتلكأ الرابع فلا بد من شهادة أربعة في الزنا حتى يقام الحد على حكم الله ولا واحد ولا اثنين ولا ثلاثة ويجب أن يشهدوا انه رأوه أنه في صريح الزنا لا يكفى ان يقولوا رأيناه مع فلانة ورأيناه كذا ورأيناه في بيت لوحده ما يكفي هذا كله تلكأً الرابع وهو زياد بن ابي سفيان وقال رأيت شخصين وسمعت صوتاً ولا أدري ما وراء ذلك فتهلل وجه عمر فرح أنه درء الحد وأوقف الحد عن المغيرة وحد الثلاثة أولئك باعتبارهم يعني قذفوا المغيرة والشواهد في هذا كثيرة جدا في عهود الخلفاء الراشدين ما أقاموا الحدود إلا بعد استيفاء كثير جداً، ولا يلزم إعلانه لكل قاصٍ ودانٍ على أسوأ ما يمكن، لو حاكم أو قاضٍ عطل حداُ محاباة على أسوأ ما يمكن ومجاملة فحكم في ذلك النبي _ صلى الله علية وسلم _ حتى لا ندع الحكم لا لي ولك ولا ليقول ما سمعنا ولا لغيره، النبي صلى الله عليه وسلم _ حكم في سنن أبي داوود والنسائي بسند صحيح صححه الحافظ بن حجر ونقله الحافظ بن حجر هذا الحديث رفع للنبي صلى الله علية وسلم سارق سرق فلما تثبت من سرقته أمر باقامة الحد عليه، قال بعض الصحابة رواي الحديث فراينا في وجهه النبي صلى الله علية وسلم حزنا ً عليه يعني يتمنى لو وجد اي مخرج له حتى يقيم حزناً، قالوا يا رسول الله هلا عفوت يعني كان عفوت عنه طيب قال أستوجب مقام الحد وما كان ان أعطل حداً من حدود الله والذي لا يقيم حدود الله عند استيفائها _ هكذا لا يقيم حدود الله الحاكم بعد أستيفائها فذلك سلطان سوء أو يقال وذلك فعل سوء.ولا يوجد تكفيراً ولا يعني حكم من هذه الأحكام وإنما فقط فعل سوء يعني جعله من جنس أفعال السوء وهذا على أسوأ الأحتمالات لو عطل حداً تعطيلاً صريحاً مجاملة محاباة يعني فبحكم ذلك بأن ذلك فعل سوء ولا يبني عليه لا نزع يد من طاعة ولا مفارقة جماعة ولا حكم بالكفر ولا شئ من هذا كله بحكم النبي صلى الله عليه وسلم فما بالك الأمور لها اعتبارات كثيرة مع تشوف في الشريعة عظيم لدرء الحدود ما أمكن . وأضاف: أقول هذا الكلام وغيري يقوله لا تبريراً للعاصي ولا تهويناً من حدود الله أن يقتحم كل من شاء ولا تسويغاً لأحد أن يعطل حدود الله، بل يجب على كل حاكم وقاض ٍ بأن يقيم حدود الله ويجتهد في ذلك ما أمكن ولكن نقوله تقريراً للحق ولدرء منكر أعظم لان هذه القضية وقال الحميدي : أنا شخصياً كانت مشكلة عندي تعطيل الحدود . إيقاف حد معين حتى على سبيل المحاباة لانه اصطدمت عندي شخصياً مع قوله تعالى: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" وأضاف: كنت أظن ذلك أنه يتناول كل حاجة وكل حادثة بعينها دون النظر لأي اعتبار، وبالتالي نقع في حكم أخطر وأضل من الغبرة في البداية كانت دفعتنا الغيرة على حدود الله هذه لماذا لم طبق ولماذا لم فعل فوجدت لما رجعت لتفاسير الآية "ومن لم يحكم بما أنزل الله" جمعتها ودرستها باستفاضة ما أقول ذلك مدحاً ولكن لأزيل شيئاً عن نفسي وأنا قبل غيري ولكن أسوق هذا ليستفيد منه من يستفيد لأن ما ينبغي أننا كلنا نمر بتجارب وبالتالي نبني عليها وأكون أنا وقعت في خطأ أو في سوء ظن يستفيد من فعلي غيري، النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "السعيد من وعظ بغيره" ولا بأس بذلك ولا عندي مانع أن أقول هذا الكلام عن نفسي إذا كان غيري يستفيد منه, هذا يسعدني ويفرحني ولو قيل عني ما قيل في ذلك لأنه يدرأ شراً كثيراً حتى رجعت -والعلم عند الله- إلى مخطوطات في هذا الجانب وجدتهم لا يخرجون عن ثلاثة أقوال في نظرتهم هذه، منهم من يراها خاصة باليهود والنصارى ولا يقاس عليها غيرها، وهذا قول قتادة. أما عمن لم يحكم بما أنزل الله فقال الحميدي: من العلماء من يراها كفراً دون كفر وظلماً دون ظلم، وهذا مروي عن ابن عباس وأنه سماه كفراً ولكنه -كما قال- عليه الصلاة والسلام: خصلتان في أمتي فيهما كفر: الطعن في الأنساب والنياحة على الميت. من نفس الضروب ولكن هو سماه كفراً وما يخرج من الكفر أصلاً, والقول الثالث وهو أعجبني كثيراً. قال إمام مشهور وهو الإمام أبو إسماعيل القاضي في كتاب له اسمه "كتاب أحكام القرآن" هذا عالم متقدم من أصحاب الإمام مالك -رحمه الله- نظر في هذه الآية ونقل الخلاف فيها ثم قال: ويظهر مما قاله العلماء أن هذه الآية لا تنطبق إلا على من اخترع "شوف العبارات" حكماً يضاهي به حكم الله ويصادمه ويلغيه ثم جعله ديناً يتدين الناس به ويعملون به ملغياً بذلك دين الله .