أوضح أستاذ العقيدة في جامعة أم القرى في مكةالمكرمة الدكتور عبدالعزيز بن أحمد الحميدي أن العلماء اتفقوا على أن مرض «الشبهة» التي تُلبس بلباس الدين الإسلامي وتعرض على شباب الإسلام كأنها من باب الغيرة على دين الله ونصرة الإسلام والمسلمين أخطر بكثير من مرض «الشهوة»، لأن صاحب «الشهوة» يرتدع عما قريب، وفي الغالب لا يكون ضرره إلا على نفسه. وقال الحميدي - في حلقة جديدة من برنامج «همومنا»، بثها التلفزيون السعودي أمس (الجمعة)-، إن «الشبهة» من أعظم مداخل شياطين الإنس والجن على حد سواء، لإضعاف دين العبد في ذات نفسه وانتمائه لأمته، وإطالة أمد الضرر وأمد الباطل. وأشار إلى أن «الشبهة إذا تملكت واستحكمت ولم تجد من الطبيب المعالج بعمق المرض وحقيقته ما يدفعه وما يناسبه فإن ضررها عظيم». وأضاف: «تكمن مخاطرها في إطالة أمدها، وفي عظيم ضررها، لأن صاحب الشبهة يضرّ نفسه ويضرّ غيره، ولو لاحظنا فإن كل انحراف هو من انحراف إبليس، عدو الله الأول، وما بعد ذلك إنما هو سبب شبهة وخطأ». ووصف أستاذ العقيدة الشبهات التي تثار نحو المجتمع في القضايا والقوانين والأنظمة والتشريعات التي يحكم بها القضاء، بأنها أعظم مدخل لخلخلة النسيج الاجتماعي لأي أمة، وهو القدح في المتفقات والمقدسات، والتي تصل بها الحقوق وتدفع المظالم. وزاد: «هي شبهة ضعيفة، بل منحلة فاسدة من جهتين، الأولى النظام أو القرار الذي استند إليه بناء القضاء الشرعي في بلادنا هذه، فالنظام الذي بنى عليه القضاء نصوصاً صريحة وواضحة، والقضاء في المملكة مستقل ليس لأحد سلطة عليه إلا الشريعة الإسلامية». ولفت الحميدي إلى المادة الأولى في نظام القضاء التي تنص على أن «القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية وليس لأحد التدخل في القضاء». وقال: «حتى لا يكون لأحد مدخل على قضية الأنظمة المرعية فربما يبني عليها شبهة أخرى يأتي نظام المرافعات ليفصل الأنظمة بأنها تطبق على القضايا المعروضة أمام المحاكم الشرعية الإسلامية وفقاً لما دل عليه الكتاب والسنة، وتتقيد في الإجراءات المنظورة بما ورد في هذا النظام». وأضاف: «النظام الأساسي للحكم يعطيهم (القضاة) الاستقلالية، وأن ليس عليهم سلطان إلا الشريعة الإسلامية، والقضاة هم خريجو دراسات شرعية متخصصون في أحكام الشريعة الإسلامية يخضعون لاختبارات ودراسات واسعة جداً في أحكام القضاء الشرعي الإسلامي، ويتعلمون جميع أبواب الفقه التي يحتاج إليها في باب القضاء، ويمارسون ذلك عياناً بياناً في محاكمهم، لا سلطان لأحد عليهم، وما وجد ديوان المظالم إلا ليكون حاكماً أيضاً على الجهات الحكومية التي يتظلم ربما منها أي مواطن عادي». وعن عدم تطبيق المحاكم الشرعية لبعض المواد التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية، قال أستاذ العقيدة: «المقصود تحقيق المصالح، وتحقيق المصلحة في مختلف أنواعها على تقسيمات الفقهاء المشهورة المصلحة المعتبرة المتفق عليها واجتمعت على حسنها العقول، ومصلحة ملغية، والمصالح المرسلة، وهي مساحتها أوسع وهي معتمدة في مذهب الإمام مالك». وأضاف: «يحق لولي الأمر والقاضي أن يؤخرا، ولا يعطلا، تنفيذ بعض الأمور الشرعية لمصلحة ظهرت عندهما فاقت تطبيق قضية عينية ولو كانت شرعية لحكم أكبر وأعظم».