- شباب يتفننون في كتابة العبارات والألفاظ المبتذلة والغريبة على سياراتهم بعد طمرها بالطين - شاب يعترف: هواية لن يعرف لذتها إلا من عاش لحظاتها ومتعتها وقت هطول الأمطار وملاحقة الشاحنات الكبرى - "ماضي": لا بد أن يكون السائق قريباً جداً من مؤخرة الشاحنة لتغبير سيارته بالطين والسواد - "مفلح": المغبر لا بد أن يسير بسرعة الشاحنة خلف التريلا في الماء والطين لمسافة تصل إلى 10 كيلومترات - "القراش":عبث بالمركبات وحب البروز أمام الملأ بشيء غريب حتى ولو كان على حساب سلامة الشخص أو الآخرين - رجال مرور يجهلون عقوبة هؤلاء العابثين ويلزمونهم بتنظيف سياراتهم أو يوجهون "إنذارات شفوية" عمر السبيعي- سبق- الرياض: عادت تقليعة "تغبير" السيارات وقت هطول الأمطار، للنشاط مجدداً بين فئات عمرية معيّنة من الشباب، وتكون نهايتها إما حوادث مرورية، أو مشاداتٍ وخلافاتٍ شبابية لا تحمد عقباها، وسط مطالبٍ بالحزم الأمني بجانب ملاحقتهم ومطاردتهم وإيقاع العقوبات بهم، وكذلك تحميل الأسرة جزءاً من ذلك جرّاء ضعف الرقابة الأسرية على الأبناء، وسط نشاط شبابي لها.
"سبق" تفتح ملف "تقليعة تغبير السيارات وقت الأمطار"، في استطلاع قامت به، كشف عن مدى جهل بعض أفراد المرور للعقوبة الواضحة لهذه التقليعة والمخالفة.
ويعني "تغبير السيارات" تحديداً تغيير ملامح ولون السيارة لآخر، من خلال السير خلف الشاحنات والسيارات العابرة وقت هطول الأمطار، من أجل تطاير الطين والأوساخ على السيارة والتصاقها بالجسم الخارجي للمركبة، لتحقيق التقليعة الشبابية التي تشير إلى أن جمالية السيارة تكون بذلك، خصوصاً عندما تجف الأوساخ والطين الداكن المختلط بلون الإسفلت على الجسم الخارجي للسيارة، ما يوحي لديهم بأنها ذات منظر مختلف وجميل، ناهيك عن تفنن البعض بكتابة عباراتٍ وشعاراتٍ غريبةٍ تنشط كثيراً مع هذه التقليعة.
متعة السير خلف التريلات
بداية تحدّث الشاب "ع. ع"، أحد المهتمين بهذه التقليعة والهواية، عن فكرتها بقوله: "عندما نشاهد الشوارع والطرقات قد امتلأت بالمياه، خصوصاً وقت هطول الأمطار، نبدأ بتحديد طريق نرى أن المياه أكثر تراكماً في جنباته، ومعها نسير بشكلٍ متتابعٍ ونكمل الدوران في الطريق ما بين الذهاب والعودة".
وأضاف" نبحث عن التريلات والشاحنات الكبيرة والمتوسطة التي تسير على الطرق السريعة من أجل التغبير، حيث يتطاير الطين والأوساخ والرذاذ المشبع بالماء من عجلات الشاحنة على السيارة المراد تغبيرها، ولا بد أن يكون السائق قريباً جداً من مؤخرة الشاحنة أو التريلا أثناء التغبير حتى تغطي التغبيرة معظم أجزاء السيارة الخارجية بشكل جيد".
وعن الهدف منها قال: "لن يعرف ذلك إلا من عاش لحظاتها وما تحمله من متعة، لا سيّما وقت هطول الأمطار والسير خلف الشاحنات الكبرى وملاحقتها لتحقيق الغاية والمتعة من الهواية".
فرح ينتهي بحزن
فيما روى شاب آخر اللحظات المؤلمة التي تبدأ بفرح وتنتهي بحزن ومأساة، عندما يبدأ بعض الشباب في التفنّن بتقليعة التغبير، بحثاً عن جمالية للسيارات كما يعتقدون من خلال السير عن قرب خلف الشاحنات لمسافاتٍ قريبة، حتى تكون النهاية بالدخول حتى عجلات الشاحنة.
الشاب عبد الله بن ماضي، وهو أحد الشباب الذين يمارسون هذه الهواية يقول: نبدأ في ممارسة هذه الظاهرة مع هطول الأمطار، وامتلاء الطرق بالمياه، حيث نبحث عن التريلات والشاحنات الكبيرة والمتوسطة التي تسير على الطرق السريعة من أجل التغبير، حيث يتطاير الطين والأوساخ والرذاذ المشبع بالماء من عجلات الشاحنة على السيارة المراد تغبيرها، ولا بد أن يكون السائق قريباً جداً من مؤخرة الشاحنة أو التريلا أثناء التغبير حتى تغطي التغبيرة معظم أجزاء السيارة الخارجية بشكل جيد وأحياناً قد يقع حادث يلقى فيه الشاب أو من أراد التغبير حتفه، فيما لو اضطر سائق الشاحنة إلى التوقف أو استخدام الفرامل، حيث يغطي زجاج السيارة الأمامي الطين والأوساخ ولا يستطيع السائق تفادي ما قد يحدث أمامه، لا قدر الله، وفيها مخاطرة وتهور في القيادة وعدم مبالاة.
فن التغبير
ويرى سعد بن مفلح، أن المغبر لا بد أن يسير بسرعة الشاحنة من الخلف لمسافة تصل إلى 10 كيلومترات، وكلما زاد المغبر محاولاته أكسب السيارة مظهراً مميزاً مختلفاً. وقال: إن هناك طرقاً وفناً للتغبير، وأحيانا السائق يسير مع كتف الطريق لتغبير الجزء أو الجانب الأيسر من السيارة، وأحيانا يسير خلف الشاحنة وسط الطريق وذلك لتغبير الجانب الأيمن من السيارة، أما إذا سار خلف الشاحنة فإن التغبير يشمل معظم أجزاء السيارة الأمامية لكن البقية بشكل خفيف بشرط أن يكون صدام سيارة المغبر الأمامي لا يبعد عن صدام الشاحنة الخلفي سوى سنتيمترات بسيطة. وأعتبر أن الكثير يجازفون بحياتهم من أجل تغبير سياراتهم معرضين أنفسهم للخطر.
شعور بالسعادة
فيما عبّر ناصر بن محمد، أنه يشعر بالسعادة حين يغبر سيارته "فبعد مرحلة مطاردة الشاحنات والتريلات وطلاء السيارة بالأوساخ والغبار والأتربة يتم الاستعراض بالسيارة في الشوارع والأحياء حتى يشاهد الجميع اختلاف شكل ولون السيارة التي أصبحت مطلية بالطين والأوساخ والغبار. ونشعر وقتها أننا محسودون على التغبيرة التي يتمنى معظم الشباب أن تغطي سياراتهم حيث يعتبرونه حقق إنجازا لم يحققه غيره".
خطر لا فائدة منه
ويروي شاب رمز لاسمه ب (ع. ن) قصته مع التغبير، وقال: كنت أنا وزميلي نسير على الطريق السريع أثناء هطول الأمطار نبحث عن تريلا أو شاحنة عابرة وأثناء سيرنا تجاوزتنا واحدة مسرعة وسرنا خلفها وبدأ رذاذ مياه الأمطار المتطاير من عجلات التريلا يغطي زجاج سيارتنا وأجزائها الباقية. وقد شاهد سائق التريلا أننا نريد التغبير بالتصاقنا بمؤخرة مركبته وأخذ يميل يمينا ويسارا حتى اصطدمنا في مؤخرة التريلا وانقلبت السيارة. وقد أصبنا بإصابات متفرقة خلاف التلفيات التي لحقت بسيارتنا، وكله من أجل التغبير الذي يجلب الخطر ولا فائدة منه.
شراء التغبيرة
وقال خالد بن فلاح: عندما يفوتنا موسم هطول الأمطار نضطر إلى الذهاب إلى محلات الزينة، حيث تباع علب مملوءة بالتغبير، لكنها ليست أفضل من التغبيرة العادية. مشيراً إلى أنها حل مؤقت لمن لم يستطع التغبير وممارسة هوايته وقت هطول الأمطار، مؤكداً أن الهدف والغاية أن تضيف للمركبة لوناً جميلاً من بقايا الأمطار ويشهد منافسة خاصة بين مرتاديها من الشباب".
وأضاف "فلاح": "نتفنّن كثيراً في طريقة المحافظة على التغبيرة من العبث ونعتني بها من خلال استخدام بعض المثبّتات لها، كبخاخ نشاء الملابس وغيره من المواد المثبثة التي يصعب عقبها الإزالة إلا بمواد التنظيف، وتحتاج مزيداً من الجهد والوقت". معترفاً بأنها تلحق أضراراً بالشكل الخارجي للمركبة من خلال ظهور بعض التشقّقات وتغيّر لون المركبة لآخر.
العبث بالمركبات
من جانبه قال عضو برنامج الأمان الأسري الوطني، عبدالرحمن القراش، ل"سبق": "تعتبر ظاهرة التغبير إحدى فروع العبث بالمركبات وإن اختلفت التسمية فالغاية واحدة وهي حب البروز أمام الملأ بشيء مميز حتى ولو كان ذلك على حساب سلامة الشخص أو الآخرين". مؤكداً أن المسؤولية مشتركة بين الأسرة والمرور والتعليم. وتابع "القراش" بقوله: "الأسرة تهمل مراقبة أبنائها خارج المنزل ولا تحاسبهم على ما يصدر منهم من تصرفات سلوكية، والمرور لا يوجد به قانون رادع معلوم للجميع وإنما مجرّد اجتهادات فردية وتختلف من منطقة لأخرى إما بحجز المركبة أياما أو الغرامة بمبلغ رمزي وإن دخلت الواسطة فلن يحصل من ذلك شيء.
وأردف قائلاً: "أرى أن تلك التصرفات من الجرائم التي تزهق الأرواح، عندما يتابع أحد قائدي المركبات الصغيرة سيارات النقل الثقيل، فإنه بذلك يتسّبب في عرقلة السير، بالإضافة لتعريض نفسه والآخرين للخطر الكامن في موسم المطر، ناهيك عمن يقوم بالتفحيط أو الاستعراض أمام الآخرين في الشوارع المنزلقة".
وحمّل "القراش"، التعليم الدور أيضاً في معالجة التقليعة، منتقداً إياه بتجاهل الدور المناط به، من خلال إقامة حملات توعوية مستمرة بالتضامن مع المرور من خلال الزيارات المتبادلة أو التنبيه على أن ذاك السلوك يتنافى مع مبادئ طالب العلم.
وطالب بفرض غرامات مالية مرتفعة، وعقوبات أكبر تتمثّل في سحب رخصة القيادة ومصادرة المركبة أسوة بالدول التي لديها عقوبات صارمة حدّت من تهور المخالفين".
استطلاع "سبق"
بدورها طرحت "سبق"، استطلاعاً لعددٍ من رجال المرور في عِدة محافظات ومناطق، لسؤالهم عن مدى تصرّفهم حيال ضبطهم مثل هذه المخالفات ومدى تطبيقهم نظاماً واضحاً يعرف للحد من انتشارها، فأنكر عددٌ منهم معرفة إن كان هناك عقوبة واضحة في نظام المرور لهذه المخالفة من عدمه، مؤكدين بأنها تعود لتقييم شخصي، إما بإلزام المخالف على التوجّه لإحدى مغاسل المركبات وإزالة المخالفة، وإما بإنذارٍ شفوي بعدم العودة لتكرارها، مشيرين إلى أن مطاردي هذه التقليعة من فئة صغار السن المراهقين الذين يصعب التعامل معهم بِحدة، ويجهلون مدى كونها ممنوعة وغير لائقة وبها سلبيات كثر على الفرد والمجتمع.
من جهته أكّد مصدرٌ في إدارة مرور، أن هناك عقوبة واضحة لهذه التقليعة، وهي تدخل ضمن تغيير معالم المركبة، وبها طمسٌ للوحات التعريفية بالمركبة، مؤكداً بأن عقوبتها تتمثّل في حجز المركبة وإزالة المخالفة.