نعيش عصر المتغيرات التي تستجد كل يوم وساعة وفقا لثورة التطورات المختلفة والحديثة، وأكثر من يتأثر بهذه البرمجة السريعة جيل الشباب الذي يبحث وسط هذه المتغيرات عن إثبات لوجوده وعن خروجه نحو مسميات الحرية لممارسة الشكليات المخالفة للتعبير عن الذات، ولو تتبعنا الجيل دون سن العشرين لوجدناه يندفع وبقوة إلى استغلال كل ما توفره البيئة المحلية لمواكبة ذلك التعبير في صورة موضة وتقليعة وهذا ما نلحظه في ظاهرة "تغبير السيارات" خاصة الشبابية والتي تفشت بطريقة واضحة لدى فئات سن معينة، كما أن هذه التقليعات تنطوي عليها بعض الإيجابيات والكثير من السلبيات. وقال مشهور صالح وهو صاحب محل لزينة السيارات إن تغبير السيارات هو في الأصل يستخدم لحماية واجهة السيارة من الغبار والأتربة أثناء السفر، والذي يتسبب عادة في إتلاف الشماعات وواجهة السيارة، ما يبين أن الغرض منها هو شيء عملي وايجابي للحماية، ولكن للأسف إن بعض الشباب يحولون الأشياء الايجابية إلى سلبية ويعتبرونها كزينة، ويمارسون هذه السلوكيات لقطع الإشارة لمواجهة البلاغات الخاصة بذكر نوع السيارة حيث يقوم الشاب بغسل السيارة فيختلف شكلها ويظهر الشكل الأصلي. وبين أن للتغبيرة أشكالاً تختلف حسب لون السيارة فهي ترش بلون أفتح أو أغمق من لون السيارة وهي توازي"طلاء البوية" الخاص بالسيارة ومنها أنواع، فهناك التغبيرة المختلطة بالماء مع مواد التلميع تخلط وترش على السيارة، وهناك أيضا مواد التلميع الخاصة التي تخلط مع بعضها البعض، وهناك نوع يشبه مادة "الزفت" الثقيل والتي لا تزول إلا بغسيل ديزل وعادة ما تتم في محلات السمكرة والأصباغ وهذه التي تسمى (بتغبيرة بلدها)، إذ تظهر السيارة وكأنها جديدة وعادة ما يستغل أصحاب معارض السيارات هذه التغبيرة لإيهام المشتري بأن السيارة جديدة والتحايل أيضا موجود من قبل محلات السمكرة والذين لا توجد عليهم رقابة تامة مما يجعلهم يقومون بعملها حيث ترش السيارة من الأمام ب 50ريالاً والسيارة بأكملها ب 200ريال، فظاهرة تحويل الاستخدام الايجابي لدى بعض الشباب للأشياء إلى أمور سلبية شأنها شأن التظليل الذي يخدم السيارة العائلية ويقوم الشاب بتحويله إلى تظليل كامل يمنعه المرور، بالإضافة إلى الظاهرة الخطيرة في استخدام بعض أنواع الإضاءة المخالفة للأنظمة والمؤذية في نفس الوقت. التغبيرات الشبابية الشاب محمد الصالح لا يؤيد التغبيرة ويلفت النظر إلى أن بعض الشباب قد لجأوا إلى ابتكار تغبيرات خاصة بعد رفض بعض محلات الزينة من التعامل بها بعد منع المرور فقاموا باستخدام طفايات الحريق لرش السيارة وهناك من استخدم خلط العصيرات ورشها على السيارة بصورة مؤقتة تزول بالماء. من جهته قال الشاب فراس الهميلي إن أسعار التغبيرات لا تتناسب مع ميزانيات طلبة المرحلة الثانوية ممن يمتلكون سيارات خاصة أو لتوصيل العائلة، فبدلا من دفع تلك القيمة في تغبيرة تزول بالماء فإنهم يقومون بصنعها بأنفسهم وبرش بخاخ النشاء على السيارة أو يضعون سائل "الفيري" في إسفنج ويمسحون السيارة إلى أن تجف وتعكس لون التغبيرة، وهناك من يقوم باستخدام طفاية الحريق ثم يضع بعدها الصمغ الأبيض الخاص بالخشب ومنهم من يستخدم البلاستيك الأبيض وكل ذلك من باب لفت النظر والظهور وسط ازدحام السيارات بصورة غريبة وممارسة ألعاب التخفي وقطع الإشارات أيضا. الدور التربوي وحول ما سبق تشير الأخصائية الاجتماعية رنا الحربي إلى أن طرق وضع التغبيرة والتي تجاوزت الأساليب الخاصة بمحلات الزينة إلى استخدام أساليب تدل على الذكاء الموجه بطرق سلبية كعمليات الخلط المختلفة بين المواد والابتكار واستخدام المصروف الذي تخصصه الأسرة للشاب (المراهق) يدل على قدرة هذا الجيل على الابتكار، ولكن للأسف لو استخدم هذا الذكاء في الدراسة أو الابتكارات العلمية عبر ورش المدارس والأنشطة والمجالات المختلفة لكان لدينا جيل الإبداع الذي ينتج العلماء والرواد فنفسية هذا الجيل تعمد إلى إثبات الوجود وتفوق حدود الأنظمة، فالمراهق يقوم بتلك السلوكيات لإشباع روح العناد ضد السلطة الضابطة والتي تبدأ بالدرجة الأولى بالوالدين، فالمصروف الذي يقبضه الشاب يصرف في زينة لا تخدم الذوق العام بل تعد واجهة غير حضارية للبلد، فبعد أن كان شباب الجيل السابق يتنافسون بالسيارات اللامعة النظيفة أصبح التفاخر هنا بالسيارات التي يكسوها الغبار فانتكاس المفاهيم مسؤولية الأسرة والمدرسة والمجتمع، وعندما يستخدم الشباب طفايات الحريق أو أنواع العصيرات أو مواد هامة في البيت فهم يستهينون بالنعمة والتي لابد من حفظها وتحويل كل المواد المتاحة من استخدام صحي ووقائي إلى الاستخدامات سلبية وللأسف الأسرة لا تتابع أو تستنكر وعندما لا يكون هناك إشراف أسري فهذه بداية الانحدار للشاب ولا يحق بعدها لأولياء الأمور للسؤال عن تعاطي المخدرات أو التزوير أو الإرهاب فهي سلوكيات عدوانية بدأت بسلوك بسيط في المدارس بصورة شغب وممارسة التدخين والتحايل على الأسرة والمعلمين إلى أن ظهرت بتلك الصورة الشنيعة التي لم تضر بالشاب أو أسرته فقط بل بالمجتمع لذلك لابد من التشديد في العقوبات لأي ممارسة شاذة، ولا يعفى الشاب من كون تلك التغبيرة للزينة، حيث إن ذلك الغبار هو انعكاس للإهمال ويعطي شكلاً سيئاً للسيارة. دور المرور خلف وافي من قسم عمليات المرور بمحافظة الطائف يؤكد على أن المرور لا يدخر جهدا لمحاربة الظواهر الشاذة والممارسات الخاطئة التي تظهر من بعض الشباب، كما أن المرور قد قام بتوزيع منشورات خاصة بمنع طلاء تغبير السيارات على محلات الزينة ووزعت المنشورات الخاصة بالمنع والجزاءات المترتبة على مخالفة المنع، وإن كان هناك تجاوزات تحدث من البعض فهذا لقلة الرقابة الذاتية، أما بالنسبة للشاب صاحب السيارات المخالفة فإن المرور يقوم بإيقافه وإجباره على إزالة المادة المطلية على المركبة مع تسجيل المخالفة في الجهاز كتحذير أولي ثم القيام بتسجيل غرامة مالية ب 100ريال.