شيعت منطقة عسير عصر أمس جثمان المؤرخ والباحث المعروف الشيخ هاشم بن سعيد النعمي، إثر مرض ألم به مؤخراً لم يمهله طويلاً، وسط حشد كبير من أهالي المنطقة وذوي الفقيد وعدد من الأدباء والمؤرخين، حيث أديت الصلاة عليه بمسجد الراجحي بأبها، ووري جثمانه الثرى بمقابر أبها. وقدم أمير منطقة عسير، صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز، التعازي والمواساة لأسرة هاشم النعمي، داعياً له بالرحمة والمغفرة، وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان، مشيداً بما قدموه في سبيل خدمة وطنهم. من جانبهم عبر ذوو المتوفى عن شكرهم وتقديرهم لأمير عسير على مواساته لهم والتي كان لها أبلغ الأثر في تخفيف آلامهم، ومتابعته الشخصية وزيارته لوالدهم في مستشفى عسير. 94 عاماً قضاها المؤرخ الشيخ هاشم بن سعيد النعمي في خدمة دينه ووطنه، وانتقل إلى رحمة الله تعالى عن عمر يناهز المائة عام أمس في مسقط رأسه بقرية العكاس بأبها.
ففي السابعة من عمره التحق ب "كتاب القرية" فقرأ القرآن الكريم ومبادئ التوحيد والفقه والتجويد على يد الشيخ محمد الحاج، وأكمل تعليمه الابتدائي في أول مدرسة فتحت بمدينة أبها عام 1357ه، وكان الوقت - آنذاك - مبكراً لم يحن لافتتاح مدارس فوق الابتدائية، فالتحق بالحرم الشريف وجالس عدة علماء من علماء الحرم ونهل من علوم الحديث والتفسير واللغة العربية، ولازم شيخه كرامة الله البخاري، في قواعد اللغة كالنحو والصرف حتى التخرج، ثم عاد إلى مدينة أبها، وأخذ على يد عالمها ورئيس محاكمها الشيخ عبدالله بن يوسف الوابل ليتابع الدراسة في العلوم الشرعية والفرائض، وفي عام 1364ه عين مدرساً بمدرسة أبها الابتدائية الوحيدة "في وقتها"، وفي عام 1367ه اختير مع بعض زملائه وعين قاضياً في محكمة محايل عسير، وفي عام 1376ه نقل قاضياً بمحكمة رجال ألمع، وفي عام 1382ه نقل رئيساً لمحكمة أبها المستعجلة. وفي عام 1412ه أحيل إلى التقاعد لبلوغه السن القانونية. له عدة مؤلفات منها ما طبع ك "كتاب عسير في الماضي والحاضر" وكتاب "المئوية" وكتاب شذا العبير لأدباء ومثقفي منطقة عسير "1416ه" وغيرها.. يمتلك مكتبة ضخمة بها أكثر من اثنين وعشرين ألف كتاب في التاريخ والأشعار والأنساب.