أصيب 82 شخصاً على الأقل في اشتباكات وقعت الجمعة بين أنصار ومعارضين للرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين وسط القاهرة، بعد تظاهرة نظمتها الجماعة للمطالبة ب"تطهير القضاء". وبدأت الاشتباكات عندما توجه متظاهرون من معارضي مرسي بعد ظهر اليوم من ميدان التحرير في اتجاه شارع رمسيس المجاور، حيث احتشد الآلاف من أنصار جماعة الإخوان في تظاهرة أطلقوا عليها "جمعة تطهير القضاء". ودعت جماعة الإخوان للتظاهر أمام مقر دار القضاء العالي- مقر النائب العام ومحكمة النقض- للمطالبة ب"تطهير القضاء"، الذي أصدر عدة أحكام ضد قرارات الرئيس مرسي منذ توليه الحكم في نهاية يونيو الماضي، من بينها حكم صدر الشهر الماضي بعودة النائب العام السابق عبدالمجيد محمود إلى منصبه بعد أن عزله الرئيس في نوفمبر الماضي، وعيَّن بدلاً منه المستشار طلعت عبدالله. وجاءت هذه التظاهرة فيما يناقش مجلس الشورى الذي يهيمن عليه الإسلاميون، ويتولى في الوقت الراهن السلطة التشريعية مشروع قانون لخفض سن تقاعد القضاة من 70 عاماً إلى 60 عاماً. ويقول بعض القضاة: إن الإسلاميين يسعون لإصدار هذا القانون من أجل التخلص من قضاة معارضين لهم تجاوزوا سن الستين، من ضمنهم النائب العام السابق. وقال شهود عيان: إن الاشتباكات اندلعت عندما توجه بعض الإسلاميين في مسيرة باتجاه ميدان التحرير، فتحرك المعارضون المتواجدون في الميدان نحوهم، واشتبك الطرفان في ميدان عبدالمنعم رياض الواقع في منتصف الطريق بين دار القضاء العالي وميدان التحرير. واستخدمت في هذه الاشتباكات العنيفة الحجارة وزجاجات المولوتوف، كما أطلقت قنابل دخان يدوية الصنع من قبل متظاهرين لم يعرف إلى أي طرف ينتمون، وسمع دوي طلقات خرطوش- تطلق من بنادق صيد- في حين لم تكن الشرطة متواجدة في المنطقة عندما بدأت الصدامات. وكان المتظاهرون المعارضون يهتفون "الشعب يريد إسقاط النظام"، ويرد عليهم الإسلاميون "مرسي مرسي" و"إسلامية إسلامية"، وقد رفع بعضهم علماً أسود مكتوب عليه "لا إله إلا الله" شبيهاً بعلم تنظيم القاعدة. وبعد قرابة ساعة من بدء الاشتباكات تقدمت ثلاث مدرعات تابعة للشرطة من بين صفوف متظاهري جماعة الإخوان، واتجهت إلى ميدان عبدالمنعم رياض ثم إلى ميدان التحرير، وأطلقت قنابل مسيلة للدموع؛ مما أرغم المتظاهرين المعارضين للإخوان على التراجع وتبعهم أنصار الإخوان لتدور الاشتباكات بين الطرفين في ميدان التحرير. وعلى الإثر انسحبت مدرعات الشرطة من ميدان التحرير. ومع حلول المساء وصلت مدرعتان للشرطة وأغلقتا مخرج جسر 6 أكتوبر المطل على ميدان عبدالمنعم رياض؛ للفصل بين المتظاهرين ومنع معارضي الإخوان من الوصول إلى مكان تجمع أنصارهم. وتتواصل الاشتباكات بشكل متقطع في ميدان عبدالمنعم رياض بين المتظاهرين المعارضين الذين يستخدمون المولوتوف وطلقات الخرطوش والشرطة التي ترد بإطلاق قنابل مسيلة للدموع لتفريقهم. كما وقعت اشتباكات في أحد شوارع وسط القاهرة بالقرب من دار القضاء العالي بين متظاهرين معارضين أطلقوا الخرطوش على مدرعة لقوات الأمن، التي ردت أولاً بقنابل مسيلة للدموع، ثم أطلقت في اتجاههم الخرطوش كذلك. وأعلن رئيس هيئة الإسعاف المصرية محمد سلطان ارتفاع عدد المصابين إلى 82 شخصاً؛ تم نقل 43 منهم للمستشفيات، في حين تم إسعاف 39 مصاباً في موقع الأحداث. وأوضح أن هناك إصابات بالخرطوش. واتهمت متظاهرة شابة من معارضي الرئيس مرسي الشرطة ب"حماية الإخوان". وقالت رنا: "نزلنا للتظاهر ضد الإخوان، ولكننا الآن نتظاهر ضد الشرطة كذلك؛ لأنها تتدخل لحمايتهم". أما محيي وهو متظاهر من الإخوان فقال: "جئنا للمطالبة بتطهير القضاء، ولكننا تعرضنا لهجوم من بلطجية". ودعت وزارة الداخلية في بيان أصدرته مساء الجمعة كل التيارات السياسية إلى "تقديم كل العون لقوات الشرطة ومساعدة الأجهزة الأمنية للقيام بواجباتها؛ حرصاً على سلامة كافة المشاركين" في التظاهرات. وأكدت أن "أجهزة الوزارة تبذل كافة جهودها للحيلولة دون تفاقم الوضع وتجنب وقوع إصابات أو ضحايا من أبناء الشعب، في ظل ما يشهده الموقف من غوغائية تخالف كافة الأعراف السياسية والقيم التي يتسم بها المجتمع المصري". وأكد رئيس الوزراء في بيان أصدره أن "استمرار التظاهر الذي يؤدي إلى أعمال العنف يضر بأمن واقتصاد البلاد، ويُقَوِّض جهود الإصلاح والتنمية التي تبذلها الحكومة لعودة الأمن والخروج بالبلاد من هذا الوضع الاقتصادي الدقيق". وشدد على أن "الحكومة سوف تتواصل مع مجلس الشورى خلال الأيام القليلة القادمة؛ لسرعة مناقشة وإقرار قانون حماية الحق في التظاهر السلمي بالأماكن العامة".