باتت الاشتباكات سمة الحياة السياسية في مصر، فلم تعد تقف عند حد الصدامات بين المتظاهرين في محيط ميدان التحرير وقوات الشرطة، ولا بين المتظاهرين من أنصار الرئيس محمد مرسي ومعارضيه، بل أصبحت العنصر المشترك في أي تجمع حتى لو كان نقابياً. وفي وقت استمرت الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الشرطة على رغم نصب حاجز خرساني عند مدخل شارع قصر العيني، اشتبك بالأيدي الصحافيون المحسوبون على جماعة «الإخوان المسلمين» ومعارضيها خلال جمعية عمومية طارئة لنقابة الصحافيين عقدت أمس للتداول في كيفية التصدي للإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي، وتكرر الأمر بين المحامين في الإسكندرية بسبب رفض محامي «الإخوان» تعليق العمل في المحاكم وفقاً لقرار نادي القضاة وتأييد المحامين من معارضي الجماعة القرار. وشهد شارع القصر العيني في وسط القاهرة مساء أول من أمس صدامات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة أصيب فيها عشرات واعتقل آخرون، واشتدت مع حلول الفجر حدة المواجهات التي استخدمت فيها الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة، واحتشد المتظاهرون أمام مبنى تابع للجامعة الأميركية بالقرب من ميدان التحرير ورشقوا الشرطة بالحجارة والزجاجات الحارقة. وطاردت الشرطة متظاهرين إلى محيط ميدان التحرير تحت غطاء كثيف من قنابل الغاز المسيل للدموع، لتمكين تشكيلات من سلاح المهندسين التابع للجيش من نصب حاجز خرساني ضخم لعزل الشرطة عن المتظاهرين. وتمركزت قوات من الشرطة في مدخل شارع قصر العيني حتى انتهت قوات الجيش من نصب الحاجز لصد المتظاهرين وإبعادهم عن المنطقة، وفي هذه الأثناء سقط عشرات المصابين واعتقلت الشرطة عشرات آخرين. كما نصبت قوات الشرطة حواجز وأسلاكاً شائكة في الشوارع الجانبية المؤدية إلى شارع القصر العيني لمنع وصول المتظاهرين إلى قوات الشرطة التي تمركزت بكثافة خلف الحاجز الخرساني وبدا عليها الإرهاق من شدة الاشتباكات التي استمرت طوال ساعات الليل. لكن هذه الحواجز لم تحل دون تجدد الاشتباكات بدرجة أكثر عنفاً، إذ التف المتظاهرون عليها من ناحية ميدان «سيمون بوليفار» القريب من السفارة الأميركية ومسجد عمر مكرم المطل على ميدان التحرير. وأحرق المتظاهرون خيمة اعتصام ل «الجماعة الإسلامية» للمطالبة بإطلاق أميرها المسجون في الولاياتالمتحدة عمر عبدالرحمن، واخترقوا حاجزاً حديداً وأسلاكاً شائكة نصبتها الشرطة في مدخل أحد الشوارع المؤدية إلى باب جانبي للسفارة الأميركية. وحطم المتظاهرون مكتباً للسياحة بجوار السفارة الأميركية واستخدموا أثاثه وأبوابه في التحصن في مواجهة قوات الشرطة. ودارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين استمرت ساعات بعد أن تقدم المتظاهرون مخترقين حواجز عدة أقامتها الشرطة التي أقدمت على إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة حتى أن بعضها سقط بجوار سور السفارة وبدت الأدخنة المتصاعدة داخل مقرها. وتقدمت قوات الشرطة في اتجاه ميدان التحرير ووصلت إلى مشارف مسجد عمر مكرم لمنع المتظاهرين من الاقتراب من السفارة، وأطلقت قنابل الصوت بكثافة لإجبار المتظاهرين على التراجع إلى الميدان. في غضون ذلك، واصل مئات اعتصامهم في ميدان التحرير وسط زيادة أعداد خيام المعتصمين. كما استمروا في إغلاق كل مداخل الميدان وتحويل حركة السير إلى شوارع جانبية. وكان ملثمون حاولوا اقتحام الميدان ليل أول من أمس لفض الاعتصام بالقوة وحطموا منصة كان المتظاهرون نصبوها في الميدان، وطارد المعتصمون المهاجمين وأمطروهم بوابل من الحجارة. وكانت اشتباكات متفرقة وقعت مساء أول من أمس أمام مقار حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان»، في محافظات عدة، كان أشدها حدة في مدينة دمنهور في محافظة البحيرة. وكثفت الشرطة من وجودها أمام مقار الحزب والجماعة لمنع الهجوم عليها. وأمام انتشار الاشتباكات والصدامات بين أنصار مرسي ومعارضيه، قررت جماعة «الإخوان» نقل مقر التظاهرة التي تعتزم تنظيمها غداً من ميدان عابدين القريب من التحرير إلى ميدان مقابل لجامعة القاهرة في محافظة الجيزة. وبدا أن الجماعة استشعرت خطورة اقتراب تظاهرات الفرقاء، في ظل إعلان معارضي مرسي تنظيم مليونية الثلثاء في ميدان التحرير، فقررت نقل مكان تظاهراتها. ونظم «التيار الشعبي» الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، مسيرات في مناطق شعبية في القاهرة والمحافظات لحض المواطنين على المشاركة في تظاهرات الغد التي يحشد لها معارضو مرسي في ميدان التحرير، فيما نظم «الإخوان» وقفات في محافظات عدة عبروا فيها عن تأييدهم للرئيس والإعلان الدستوري، وهدد قياديون في الجماعة في كلمات ألقوها على المتظاهرين بأنهم قد يلجأون إلى «مواجهة العنف بالعنف». في غضون ذلك، تحولت الجمعية العمومية الطارئة التي عقدها الصحافيون أمس إلى اشتباكات بين أنصار «الإخوان» ومعارضيهم، إذ اعتبر نقيب الصحافيين ممدوح الولي القريب من جماعة «الإخوان» أن الجمعية «غير قانونية» لاكتمال النصاب القانوني بعد الساعة الثانية عشرة ظهراً، فيما قاد عضو مجلس النقابة جمال فهمي الجبهة المعارضة له على اعتبار أنه تم تمديد موعد تسجيل الحضور حتى الثانية ظهراً. وأمام هذا الجدل، هتف صحافيون برحيل الولي وطالبوه بمغادرة الجمعية، وهو ما رفضه وأصر على رئاسة الجلسة الطارئة، وتحولت المشادات إلى اشتباكات تمت السيطرة عليها، لكنها تكررت مرة أخرى بعد أن هتف صحافي بسقوط حكم المرشد وطلب سحب الثقة من الولي، وعمت الفوضى قاعة اجتماع الجمعية العمومية واعتدى بعض الصحافيين على المنصة الرئيسة للجمعية. وشهدت ساحة مجمع محاكم الإسكندرية اشتباكات متبادلة بين المحامين المنتمين إلى جماعة «الإخوان» وحزبها وزملائهم من معارضي مرسي والإعلان الدستوري. وبدأت الاشتباكات بترديد هتافات متبادلة بين الجانبين، ثم حدثت مشادات بسبب قرار تعليق العمل في المحاكم تحولت إلى اشتباكات بالأيدي.