كشفت جولة ل "سبق" صباح اليوم على عددٍ من حظائر الإبل على طريق جدة القديم عن غياب كُلي لأعين الرقابة عن تلك الحظائر؛ مما فتح أمام العاملين الباب على مصراعيه لعمليات بيع الحليب المغشوش، وتركهم لقطعان الإبل تتجول بالمنطقة وتشرب من مياه الصرف الصحي القريبة من الموقع. ويأتي ذلك في وقتٍ أجمع فيه أعضاء لجنة مُراقبة حظائر الإبل على هذا الطريق، والمكونة من مناديب عن إمارة منطقة مكةالمكرمة وفرع وزارة الزراعة وصحة البيئة بالعاصمة المقدسة، على متابعتهم الدؤوبة والمستمرة لحركة الرعي والبيع بالمنطقة، وتأكيدهم عدم وجود أي مُخالفات أو تجاوزات من قِبل العمالة القائمة على شؤون تلك الحظائر، وذلك بحسب إيضاحات سابقة لمختصين من فرع وزارة الزراعة وإدارة صحة البيئة تحتفظ "سبق" ببياناتهم. وقد سجلت عدسة "سبق" أبان وجودها كيف دخل رُعاة تلك الحظائر في سباق وعبر طرق بدائية، وبأوانٍ بالية، وهم يخلطون بأيديهم المُتسخة مياه الشُرب بحليب النوق، ومن ثم يعبئونها في قوارير معدنية صغيرة الحجم، ويبيعونها لعابري الطريق من الحجاج الذين توافدوا على المكان بعشرة ريالات للقارورة الواحدة، وللمواطنين بخمسة ريالات، وذلك بعدما أفرغوها من المياه. وأشار أحد العاملين إلى أنهم يشترون كراتين المياه المعدنية ويفرغونها تمهيداً لخلطها بالحليب من أجل حصولهم على أكبر كمية ممكنة لمُجابهة الأعداد المهولة من الحجاج وعابري الطريق، مُعتبراً أن الماء لا يُقلل من حجم فائدة حليب النوق، كما أنه لا يتسبب في فقد نكهته- على حد قوله-. وقد أوقف عددٌ من المواطنين، الذين تزامن مرورهم مع جولة "سبق" الصحفية في المكان، سياراتهم على جانبي الطريق، وبدؤوا في سرد معاناتهم مع حظائر الإبل من حيث عدم متابعتها ورعيها بمُحاذاة الطريق من قِبل العمالة غير المبالين بأرواح مُرتادي الطريق، وحملوا تبعات تلك التجاوزات والمخالفات إلى أعضاء اللجنة الثلاثية المختصة، لافتين إلى أن وجود أعضائها يُكاد لا يُذكر، بحيث لا يؤدون جولات تفتيشية إلا في حال ورود بلاغ إليهم، وهو ما لم يعد يهتم به أهالي وسُكان المنطقة؛ ليقينهم بأنه لا علاجَ جذرياً لتجاوزات القائمين على الحظائر. وبتأثر بالغ يروي عبدالرحمن الحربي قصة وقعت قبل يوم عن حاج اكتشف أن حليب النوق الذي اشتراه مخلوطٌ بالماء، فأخذ يتساءل: "هل يُعقل أن يغش المسلم وهو في أطهر بقعة؟ ألا يخشى مُضاعفة سيئاته؟"، وأضاف الحربي: "منعتني حيرتي من الرد، وألجمني حيائي من إطالة وقوفي أمام الحاج السائل، فاكتفيت بقولي له: هؤلاء العمالة هم وافدون لم نسلم حتى نحن المواطنين من جشعهم وأطماعهم الدنيوية". وطالب مرزوق العوفي ومحمد القرشي بأن يتم تكثيف الرقابة المختصة على تلك الحظائر، ونقلها من مكانها لموقع أفضل يكون بعيداً عن الصرف الصحي لضمان سلامة تلك النوق من أن يوردوها العمالة للشرب من تلك المياه النتنة، مع إخضاعها للكشف لبيان مدى سلامتها وخلوها من الأمراض والأوبئة.