1- سنوات الكلاب لم يولدوا بأسئلة تصطحب أعمارهم بسلسلة الكلاب المشردة، إنما يحفظون تاريخ ولاداتهم، رقم الطابق في المشفى الذي تلقى أناقة سقوطهم الأول، واسم القابلة بجرسه الموسيقي، تاريخ الجرعة الأخيرة من اللقاحات المضادة للعدوى، تاريخ الجرعة الأولى من هراء الآيدلوجيا، والنشيد المعلب بلا انتهاء.. لكن لم يشحذوا رغباتهم بالبكاء طيلة طفولتهم لنيل لعبة باذلين الرتابة كاملة للتخلص منها، لم يلعقوا أمانيهم الصغيرة لصق زجاج المحلات، يقعون مشتهين قطعة حلوى ليست أسرع لبلوغهم من الانحسار في الخيبة، يدميهم العشب إذ فاتهم كيف السير على مسامير صدئة يحيل الدم إطارا والألم فردا من العائلة، لم يحملوا الحطب على جذوعهم الغضة ليتحسسوا مدى صعوبة أن يحملك أحدهم إلى الجحيم وهو يغني، لم يكبروا فجأة، تلك سمات الفجيعة، بنظارات شمسية ها هم يلوحون في الممرات والغرفات المعتمة والجنائز يتناسلون من تقطيبة الجبين ونشرة الطقس، ليس شأنهم: لماذا يغير الغرباء أسماءهم في المنافي، الذين جاؤوا كالإجابات المملة آخر اختبارات الفحولة، ها هم بربطات عنق يعيدون تدوير الأسئلة بذات الرتابة.. الذين.... لم يقنعهم كرنفال الولادة، أن الولادة مأساتهم الأولى بعد أن خيبوا ظن الغيب في الاحتفاظ بهم أحجية مستغلقة، سرعان ما ستنساهم سنوات حملتهم على ساق يتيمة كإبرة ماكينة الخياطة راكضة بأقسى سرعة في فراغها. 2- سيرة الرماد قضى البركان على كل من حوله فلم يعد هناك من يروي سيرته السيئة، خدعتكِ حكمته في البعيد وسيما هادئا، فلا تقربي منه أبدا وحافظي على المسافة التي تبقيه جميلا في عينك المجردة، هو لا يكترث بالنتوءات تنخر روحه فتساقط دموعه حجارة سمراء كالوشاية التي لا يفهمها أحد، هو لا يكترث لعلماء الأركيلوجيا حينما اقتادوا حجارته للبناية العالية، وهددوها بالسقوط مرة أخرى لما فاتهم أن الحجارة لاتسقط مرتين، متى سيثور على نفسه مرة أخيرة هو ما لا يعلمه؛ لذا هو يحبك بعيدة لا جزءا من سيرته المعبأة بالرماد. * شاعر يمني