الجنين.. ودودة العلق

قال تعالى:(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ(12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِين (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (14)» [المؤمنون]
يمر الجنين بأربع مراحل، أولها علقة، ثم مضغة، تليها العظام، وتنتهي باللحم، فلو ركزنا على أحرف العطف في آية الأجنة، لفهمنا مدى دقتها مثل («ثم» تفيد التراخي) أي بعد فترة طويلة، و(حرف «ف» يفيد التتالي) أي قرب الفترة.
وتسمى المرحلة علقة؛ لأن الجنين يلتصق بقوة في جدار الرحم، ويحصل على الغذاء من خلال امتصاص الدم، والجنين في هذه المرحلة يشبه دودة العلقة، التي تلتصق بالحيوانات وتمتص دماءهم، وكما أن في هذه المرحلة تتكون منطقة للقلب للجنين.
ومن عجائب الله في خلق الجنين، أن الجهاز الهضمي يبدأ بالنمو خارج بطنه، ثم يدخل بعد ذلك في الداخل، فيتغطى بالعضلات وبعدها بالجلد.
وقال تعالى: «يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاث» [الزمر: 6]، والظلمات الثلاث هي بطن الام، والرحم، والأغشية «غشاء الأمنيوسي»، وهو غشاء يحيط الجنين من كل الجهات، وهو عبارة عن كيس رقيق مغلق يحتوي على سائل الأمنيوسي، الذي يزداد مع نمو الجنين، حتى يصل إلى لتر ونص في الشهر السابع، فهذا السائل يحمي الجنين من الصدمات؛ لأنه يمتص الصدمات ويوزعها، ويساعد السائل الجنين بالحركة لأن الحركة تحت الماء تكون أخف وأسهل، ويُأمن سائل الأمنيوسي، درجة الحرارة للجنين، لأنه لا يتأثر بحرارة الجو الخارجي، فهو لا يتغير ولا حتى بجزء من الدرجة، ومن فوائده أيضًا أنه يمنع التصاق الجنين بالغشاء، لكيلا يتأثر بأي تشوهات، ومن أدواره تسهيل الولادة، وتطهير مخرج الجنين قبل خروجه.
ولرحمة الله بالجنين، أنه جعل الرحم قراراً مكيناً، فالرحم أمامه المثانة، وخلفه المستقيم، وعظام الحوض من أقوى العظام، ويحتوي الرحم على أوتار من كل جوانبه قادرة على حماية الجنين، ويستطيع الحوض استيعاب حجم الجنين؛ لأنه عبارة عن عظام منفصلة وبينها مفاصل، فسبحان الله تعالى.