دخل الأحفاد يجرون ثيابهم.الزاكية برائحة العطور. زفر الشيبة زفرة طويلة. واستوى جالساً. تحفّش ثوبه. وقام على ثلاث دفعات. وركبتاه لها طقطقة. توجه نحوهم. ضرب بكفيه في بعضهما. وقال «وشبكم يالهدس تعدون ما تسلمون. الله ستركم بابن سعود يا هذي الصفة إلا والله لتكون حالتكم حالة وعيشتكم نخالة». أعجبتهم انتقادات الجد اللاذعة فتحلقوا حوله. قبّلوا جبينه. وطلبوا منه حديث ذكريات. كرر الزفرة. وش أحكي لكم يا عيالي وش أقول. تغيرت الأزمنة. وين زماننا عن زمانكم. كنا نهبط السوق ونصدر ما نشتري طبخة قهوة من العدم إن توفرت البضائع قصرت عنها سمحات. وأنتم اليوم الجيب مليان. والبيت مليان. لا تجوعون ولا تعرون. بفضل الله. ثم فضل دولتنا أعزها الله. جاءت الجدة بالدلة وصحن التمر. قابلت الشيبة وجها لوجه. صبّت الفنجال الأول ومدّت به. قال بنهرة «وشبك نكتي الحوائج كلها في فنجالي؟ ما عاد تشوفين يا الله حسن الختام. ردّت: إنته ما عاد من صفتك صفة. علّق: أحمدي ربك إني خذتك. يومها مدري وين كانت عيوني. مير صاح الله عليّه. قالت: إنّك بغيت تتكسر فوق درج بيتنا. قل يالله مثل ما جمعنا في تيه الحياة يجمعنا في الآخرة. قال بصوت هامس: الله لا يقوله. طالب الأحفاد بسرد قصص من الماضي. ففتح الجد حقيبة الذكريات. قال لهم: لن تصدّقوا إني سرحت أنا وجدتكم نسترق برسيم لنتعشاه. إنحى هي تسمع. صدق يا عربية؟ أجابت إي والله أنه صدق. أردف «افتقدنا ما نسد به جوعنا. وكان جارنا (أبو عمر) يكلأ طول الليل ركيب القضب. شاورت أخي في مسراح الوادي نصطرم لنا قصبة. فطلق بالثلاث ما يتبعني. قال تبغي تأخذ المرة معك خذها. سرحنا ووضعت عصاتي في ظهر الرجال. وأقسمت أن تحرك لانثره بالشوزن. صرمنا قصبتين. وحشيناها في كيس نوم وسرينا. طبخنا الخلفة وأكلنا». وجاء أبو عمر في الصبح قائلا«ما معكم لي لقمة». وها نحن منذ 86 في خير وستر«شيخنا منا وحكامنا منا وفينا. في بلدنا ما نزل من الشوارب في اللحى». كل عام ووطننا بخير وأمن وسلام ورخاء. علمي وسلامتكم.