في كل عيد تنشر الصحف العربية مقالات يكون عنوانها شطر بيت المتنبي (عيد بأي حال عدت يا عيد) إذ يركز كتابها على صعوبة الإحساس بفرحة العيد في ظل الكوارث التي يعيشها العالم العربي.. منذ 50 عاما وهذا هو الحال.. في كل عيد أضحى وفي كل عيد فطر.. الكوارث لا تتوقف بل تتضاعف وتزداد تعقيدا وشطر بيت المتنبي جاهز ولا تنتهي صلاحيته أبدا.. وبعد مئة عيد أو أكثر يموت الكاتب ويكبر ابنه ويصبح كاتبا مثل أبيه وقبل أن يشتري هذا ملابس العيد لأولاده يتذكر أنه يجب أن يرسل مقالا للجريدة ينشر في يوم العيد فيقرر أن يرسل مقالا بعنوان: «عيد بأي حال عدت يا عيد».. وكل عام وأنت بخير يا أبا الطيب المتنبي. ** في شاشة التلفزيون التي هجرها الناس صبيحة العيد يسأل المذيع المبتهج فوق العادة رجلا مسنا عن العيد أيام زمان، فيتحدث العجوز عن عالم سحري لا يمكن مقارنته بعيد اليوم!.. فتتبدل بهجة المذيع إلى حسرة؛ لأنه لم يشهد ذلك العيد القديم الذي عاشه العجوز.. الحق أن العجوز كان يشعر بأن عيده أجمل؛ لأنه كان حينها طفلا بريئا يتذوق سكر العيد قبل أن يذوب كله في مرارات السنين.. يغادر العجوز موقع التصوير ويطلب المذيع من زملائه أن يعرضوا لقطات من الماضي الجميل بعد أن تأثر بما قاله العجوز.. وبعيدا عن التلفزيون الذي لا يشاهده أحد يمرح الأطفال الذين تملأ جيوبهم العيديات بصورة لا تخطر على بال العجوز الحالم وكل أهل زمانه. ** في مجلس الرجال الذي لم يمتلئ إلا يوم العيد ينشغل الرجال بأجهزة الجوال ولا يقطع دقائق انهماكهم سوى كلمات قريبهم الفيلسوف الذي يؤكد أن العيد فقد قيمته الحقيقية بعد أن أصبح الناس يتبادلون التهاني عبر رسائل الجوال.. يتفق معه جميع من في المجلس من خلال هز الرؤوس دون أن تغادر أعينهم شاشات أجهزة الجوال.. لا أحد لديه الوقت والمزاج كي يشرح بأن هذه الوسائل الجديدة في التهنئة تختصر الوقت وتقرب الأحباب الذين لم يكن سهلا الوصول إليهم يوما ما.. الموافقة السريعة على ما يقول هي الطريقة الأفضل لكسب المزيد من الوقت من أجل الرد على آخر رسائل التهنئة التي وصلت للتو!. [email protected]