كشف الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير الدكتور محمد التويجري جملة من العقبات تواجه حركة التجارة العربية، إضافة إلى قائمة تحديات كبيرة تقف في طريق اكتمال الاتحاد الجمركي العربي أو إتمام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، إذ إن 16 دولة عربية من بين 22 دولة لم توقع أو تصادق على الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية. وأوضح في حواره ل«عكاظ» أن تلك العراقيل تبدأ من عدم التزام بعض الدول الأقل نموا بتخفيض الشريحة الجمركية، البالغة 16% رغم منحها أفضليات في التخفيض، ولجوء دول إلى القيود الكمية والضغط على الصرف الأجنبي وحظر التصدير أو الاستيراد والإجراءات المعقدة واستخدام المواصفات والمقاييس بشكل يعيق التجارة، وقد يتعداها إلى منعها وإلغاء آثار التحرير الجمركي، إلى جانب رفض بعض الدول دخول منتجات وسلع عربية إلى أسواقها بحجة الإغراق. وبين أن الاتفاقية الإطارية لتجارة الخدمات لاتزال تعاني من تباين المواقف التفاوضية للدول العربية، في ظل غياب الرؤية الشاملة للقطاعات الخدمية، وآلية التنسيق الداخلي مع كافة أصحاب المصلحة من الوزارات المعنية بالقطاعات الخدمية والقطاع الخاص والمؤسسات غير الحكومية وتداخل التشريعات والقوانين. ما تصوركم لأهم العقبات والتحديات التي مازالت تواجه حركة التجارة العربية البينية؟ لدينا قائمة كبيرة من العقبات تتمثل في غياب الشفافية والمعلومات حول التبادل التجاري بين الدول الأعضاء، خصوصا فيما يتعلق بالإفصاح عن كافة الإجراءات الإدارية والسياسات الاقتصادية المختلفة التي تشكل عنصرا أساسيا في عملية تنفيذ منطقة التجارة الحرة، وهذا الغياب ينجم عنه انعكاس سلبي يؤثر على مجرى التطبيق الفعلي لها، كما أن هناك مغالاة في القيود الإدارية تتمثل في إعادة تقدير القيمة الجمركية، وكثرة المتطلبات من الوثائق الإضافية غير الضرورية التي تطلب مع البضاعة عند التخليص. إضافة إلى قيود فنية تتعلق بالمعايير والمواصفات أي تعددية المواصفات للمنتج نفسه، وتعدد وتضارب الاجتهادات الإدارية في تطبيقها، مثل وضع العلامات واللاصقات على المنتج ودلالة المنشأ وأنواع العبوات، فضلا عن المعوقات التقنية والمتمثلة بطول الفترات الزمنية لظهور نتائج فحوصات العينات، إلى جانب تعدد جهات الفحص وارتفاع رسومها، والتشدد في تطبيق الاشتراطات الصحية الخاصة بالمنتجات المصدرة غير الضارة بالصحة والبيئة والمواصفات الخاصة، ووضع بعض الدول شروطا فنية للمواصفات والمقاييس لا تجيز ولا تسمح لمنتجات دولة بعبور أسواق دولة أخرى. وتشمل هذه العقبات أيضا عدم المعاملة الوطنية من حيث التمييز في المعاملة الضريبية، ما يقلل فرص المنافسة العادلة مع المنتج المحلي، إلى جانب وجود صعوبات أخرى تتعلق بالبنى التحتية المؤهلة التي يمكن الاعتماد عليها في عمليات التصدير والاستيراد والنقل، تشمل شبكات النقل البري والمطارات والموانئ وشبكات الكهرباء والماء، لتسهيل عملية انسياب التجارة. ومن بين هذه المعوقات أيضا التي تواجه حركة التجارة البينية عدم كفاءة أنظمة النقل والتوزيع والتسويق الداخلي في الدول المستوردة، وعدم توفر وسائل نقل منتظمة بين المغرب والمشرق العربي بأسعار منافسة، ما يجعل التجارة بين جناحي الوطن العربي متدنية جدا، بل وتشكل عائقا أمام تطور التجارة العربية البينية، ولجوء الدول إلى القيود الكمية ورخص الاستيراد والقيود على الصرف الأجنبي وحظر التصدير أو الاستيراد والإجراءات المعقدة واستخدام المواصفات والمقاييس بشكل يعيق التجارة، وقد يتعداها إلى منعها وإلغاء آثار التحرير الجمركية. ونعاني أيضا من معوقات ذات صلة بالسيطرة على الأسعار والمتمثلة في رفض بعض الدول دخول بعض المنتجات والسلع العربية إلى أسواقها بحجة الإغراق، ومعوقات مالية من جراء عدم وجود آلية موحدة للأجهزة المصرفية وعدم مراعاتها للاحتياجات التمويلية للمنطقة العربية وعدم تمكنها من تقديم التسهيلات والضمانات الداعمة للنشاطات التجارية البينية العربية، ووجود القوائم السلبية والاستثناءات في اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى، وقلة السلع المنتجة والتماثل الكبير بين المنتجات ثم ارتفاع حجم النفط في التجارة العربية الإجمالية، الذي يمثل 65 % منها، كما تعاني منطقتنا ومن ثم حركة التجارة البينية بها من صعوبة تنقل الأفراد ورؤوس الأموال بين دولها، فضلا عن المشكلات المتعلقة بالأمور القنصلية وصعوبة إجراءات تأشيرات الدخول والحصول عليها في بعض الدول. نسب التعريفات ما تطورات ملف الاتحاد الجمركي العربي في ضوء اجتماعات الجامعة في الشهور الماضية؟ لدينا عقبات تواجه اكتمال الاتحاد الجمركي تتمثل في عدم الانتهاء من متطلبات إتمام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والتعريفة الجمركية لوجود تباين كبير في نسب التعريفات بمختلف أصنافها (القصوى، متوسط الدولة الأعلى بالرعاية، التفضيلية، ومتوسط المطبقة فعليا)، ما يجعل توحيدها في الوقت نفسه صعبا ويتطلب فترة انتقالية كافية، إضافة إلى عدم توحيد السياسات التجارية، وكذا عدم الاتفاق على آلية لجمع وإعادة توزيع الإيرادات الجمركية على الدول الأعضاء وضعف البنى الجمركية في الإدارات الجمركية العربية. أضف إلى ذلك أن منطقة التجارة الحرة الكبرى تواجه بدورها قائمة من العقبات تتمثل في عدم الالتزام بالتخفيض الجمركي، إذ لم تلتزم بعض الدول الأقل نموا بتخفيض الشريحة الجمركية والبالغة 16%، رغم منح الدول الأقل نموا الأعضاء في المنطقة أفضليات في التخفيض تنتهي عام 2012. وتعاني المنطقة الحرة أيضا من عدم الالتزام بإلغاء الاستثناءات على بعض السلع، وعدم الانتهاء من قواعد المنشأ وعدم الالتزام بإزالة القيود غير الجمركية وغياب تنسيق القوانين والتشريعات وتوحيد الأنظمة التجارية الخاصة بآلية معاملة منتجات المناطق الحرة والمواصفات والمقاييس وعدم تنسيق النظم والتشريعات والسياسات التجارية والنظم والتشريعات المتعلقة بسياسات المنافسة ومنع الاحتكار وحماية المستهلك والمعالجات التجارية وتوحيد هياكل مسميات الرسوم وأجور الخدمات في المنافذ الجمركية. إزالة القيود ما الخطوات والإجراءات المناسبة لكسر حالة الجمود العربي في العمل الاقتصادي المشترك؟ أولى تلك الخطوات تبدأ من الإرادة السياسية والإصرار على التغير، وجدية الدول في الاستفادة من برامج بناء المقدرة التي تقدمها المنظمات العالمية، وضرورة الالتزام الكامل بقرارات المجلس الاقتصادي والاجتماعي المتعلقة بتنفيذ إتمام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى من قبل الدول العربية الأعضاء، علاوة على إنشاء إدارة متخصصة معنية بشؤون منطقة التجارة الحرة في كل دولة عربية تعمل على إزالة كل القيود والعقبات الجمركية وغير الجمركية التي تعترض حركة التجارة البينية، ووضع اتحاد الجمركي العربي ضمن إطار صياغة تشريع وبروتوكول تنفيذي على أن يكون هذا التعاون مبنيا على الأسس الدولية ومتوائما مع الممارسات الدولية في هذا المجال، وذلك تسهيلا للتجارة البينية بين الدول العربية، وتذليل المعوقات المتعلقة بإزالة القيود غير التعريفية وتفعيل منظومة النقل وغيرها، والعمل باتفاقية حل النزاعات، إضافة إلى إنشاء قواعد معلومات اقتصادية وتجارية خاصة بالأسواق العربية، وضرورة إشراك القطاع الخاص في الدول العربية الأعضاء في عملية اتخاذ القرارات الاقتصادية المتعلقة بالمنطقة العربية من خلال مشاركته في إعداد البرامج وخطط التعاون الاقتصادي والتجاري العربي المشترك ليتمكن من أداء دوره الفاعل في استثمار فرص التعاون الاقتصادي المتاح في الوطن العربي بدلا من دور المراقب حاليا، واستكمال المفاوضات بشأن تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية لما سيكون لذلك من أثر إيجابي في تحقيق التكامل الاقتصادي ودراسة إمكانية تحرير المشتريات الحكومية بين الدول العربية لما لذلك من أثر إيجابي في تحقيق التكامل الاقتصادي وتوسيع شمولية اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، ووضع الخطوات العملية لتحرير التجارة العربية وتنميتها وتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة. فالعلاقة بين التجارة الخارجية والاستثمارات الأجنبية تظهر واضحة جدا في جميع الدول العربية على أنها الطريق الأمثل لوصول السلع إلى أسواق الدول الأخرى خارج المنطقة، إضافة إلى كونها الوسيلة الأساسية لنقل التكنولوجيا الحديثة والاستفادة من الخبرات العالمية في شتى الميادين، مع تفعيل مشاركة الدول العربية في التوقيع والمصادقة على الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية، فمن بين 22 دولة عربية وقعت وصادقت 6 دول فقط. تباين المواقف ما أسباب عدم الانتهاء من تحرير تجارة الخدمات في المنطقة العربية؟ رغم إعداد اتفاقية إطارية لتجارة الخدمات إلا أنها لاتزال تعاني من تباين المواقف التفاوضية للدول العربية، إذ إن بعض الدول التي تشارك في المفاوضات ليس لديها جداول التزامات مبدئية، كونها غير عضو في منظمة التجارة العالمية، وبالتالي فهي في مرحلة أصعب تحتاج إلى دراسة جميع القوانين والتشريعات الداخلية، ووضع تنافسية القطاعات الخدمية بها، كما أن البعض الآخر منضم حديثا إلى منظمة التجارة العالمية أو في مرحلة الانضمام، وبالتالي تعكس جداول التزاماته في إطار المنظمة مستويات مرتفعة من التحرير تفوق غالبا العروض المقدمة من بقية الدول العربية في إطار مفاوضات الدول العربية؛ ما أدى إلى رفض تلك الدول التقدم بالمزيد من التحرير. يضاف إلى ذلك غياب الرؤية الشاملة للقطاعات الخدمية على المستوى المحلي، وآلية للتنسيق الداخلي مع كافة أصحاب المصلحة من الوزارات المعنية بالقطاعات الخدمية والقطاع الخاص والمؤسسات غير الحكومية وتداخل التشريعات والقوانين. أضف إلى ذلك أنه غالبا ما يكون المسؤول عن ملف التفاوض من وزارة التجارة الخارجية ليس لديه المعلومات الكافية عن وضع كافة القطاعات الخدمية، كما أنه لا يستطيع اتخاذ قرار بتحرير قطاع خدمي يقع تحت نطاق اختصاص وزارة أخرى. نمو وتنمية في تقديركم، ما الآثار الإيجابية لتحرير تجارة الخدمات على سائر الاقتصادات العربية؟ لا شك في أن قطاع الخدمات يلعب دورا بالغ الأهمية في كل الدول العربية؛ لذلك فإن أهمية هذا القطاع في عملية النمو والتنمية تعتبر ركيزة أساسية، خصوصا أن نصيبه في اقتصادات الدول العربية ظل شبه ثابت وعند مستوى مرتفع لمدة تزيد على 10 سنوات. وتتعدد تلك الخدمات، التي منها الخدمات المهنية والعمالة البشرية، وهي ما يطلق عليها في اتفاق الخدمات حركة الأشخاص الطبيعيين المرتبطة بانتقال الأفراد ما بين البلدان سواء في داخل المنطقة العربية أو خارجها، وهذه الحركة يستفاد منها سواء في الدول المصدرة أو المستوردة، وقد شملت جميع نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، إذ لم تقتصر على الخدمات المهنية عالية الأجر والمتطورة، التي من بينها الخدمات الاستشارية والهندسية، والرعاية الطبية، والتعليمية وغيرها، بل امتدت أيضا إلى المهن الأقل شأنا واليدوية التي تقع في أدنى سلم الأجور. كما كان للخدمات الهندسية والاستشارية، والإدارية، وغيرها إسهام خاص في دعم كثير من الدول العربية في الارتقاء بالبنية الأساسية لها، وساعدت المشاركة التجارية في سد النقص في الكوادر الإدارية في عدد من الدول العربية التي لم تكن تعاني من قصور التمويل، كما ساعدت خدمات دعم الإدارة العامة المتمثلة في المستشارين والخبراء في تلبية الكثير من الاحتياجات المتزايدة في مجال الإدارة العامة، وفي فسح المجال لتنمية القدرات المحلية في العديد من تلك الدول. ومن بين الخدمات المهمة في المنطقة العربية «تجارة النقل» بأشكالها المختلفة بما في ذلك النقل العابر «الترانزيت»، الذي يأتي في مقدمته المرتبط بتصدير النفط الخام سواء بالنقل البري، أو عبر الأنابيب، وأيضا النقل البحري. ومن القطاعات الخدمية المهمة في المنطقة العربية، التي تدخل في إطار اتفاقية الخدمات التنقيب عن البترول والثروات المعدنية والطبيعية، وربما تعتبر هذه القطاعات الخدمية مثالا على أهمية الحاجة إلى تطوير النظم الإحصائية المعمول بها حاليا في الحسابات القومية حتى يمكن أن تتماشى مع التعريف الواسع للتجارة في الخدمات وفقا لاتفاقية (جاتس).