تعد تجربة المملكة العربية السعودية في التصدي لظاهرة الإرهاب أمنيا تجربة رائدة تحظى بتقدير دولي نظرا للخطوات الاستباقية التي يقوم بها الجهاز الأمني في القضاء على الخلايا النشطة والنائمة ومعالجتها الناجحة عبر جهود كبيرة أمنية جبارة. ويأتي هذا الدور الرائد بسبب الخبرة التراكمية بعد أن عانت من هجمات إرهابية في الماضي والحاضر وعملت منذ زمن طويل على مقاومة هذه الآفة الخطيرة. تلك الهجمات تعددت في أشكالها وصورها ما بين اختطاف وتفجيرات وهجمات انتحارية في محاولة لضرب المقدرات الوطنية وتهديد السلم والأمن الاجتماعيين. والملاحظ اليوم اختلاف نوعية هذه العمليات والفئة العمرية لمنفذي هذه العمليات والفئة المستهدفة. فالعمليات الأخيرة استهدفت في معظمها الأقارب من الدرجة الأولى والثانية من قبل شباب في مقتبل العمر. وهذه العمليات أحدثت حالة من الهلع في محيط العائلة. ولهذا صدرت الكثير من التحذيرات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي حول معرفة ما إذا كان رهابي داخل منزلك. ولهذا نحن اليوم بحاجة لمساندة رجال أمننا بصفتهم الخط الأول في مكافحة هذه الآفة الخطرة. فالوصف الحقيقي لمصطلح الإرهاب هو جريمة العصر بجميع مفاهيم الأمم والدول وهو أم الجرائم، لأنه يسعى لإحداث أكبر رعب ممكن وأكبر دمار ممكن وإيقاع أكبر عدد من القتلى والجرحى بشتى وسائل القتل والتدمير. وها هو اليوم يقتحم محيط العائلة الصغيرة. فكيف يا ترى نساندهم؟ أولا، بالتحصين الفكري للمجتمع وهو التحدي القادم فلا يمكن أن يعالج إلا بالفكر كما يقال، وهنا يأتي التحدي بالكلمة الواعية كيف نستطيع أن نجعل من مؤسساتنا الثقافية والتعليمية ومن منابر التوجيه سواء كانت إعلاما، أو مساجد أو أندية أدبية أو مؤسساتنا الثقافية حصنا منيعا يصد كل آفة يمكن أن تؤثر على بيئتنا أو تسعى إلى تمزيق وحدتنا ووطنيتنا. والمقصود بالأمن الفكري هو إشاعة جو من الحرية المنضبطة في الحوار واحترام الآخر بهدف التنوع الفكري، وليس المقصود من الأمن الفكري تكوين قوالب جامدة لا فكر لها ولا رأي لها. ووجدت بالدراسات أن التطرف والإرهاب مصدره فكر أو ما نسميه بالانحراف الفكري وليس مشكلة فكرية. ولهذا علاجه بالتنوع الفكري وليس بالانغلاق. الأمر الآخر، سياسة إعلامية شفافة. دعا الإدراك المبكر بخطورة ظاهر الإرهاب وأهمية توعية المواطنين بالفئة الضالة التي تعتنق فكره المنحرف إلى انتهاج سياسة إعلامية مبنية على الشفافية وذلك بالكشف عن هوية المطلوبين أمنيا. ومع هذا لا بد من مضاعفة الجهد في كشف وتعرية هذا الفكر المنحرف من قبل أهل الاختصاص والذين يجب أن نمنحهم الفرصة من خلال أجهزتنا الإعلامية لتوعية المجتمع. وأخيرا وهو الأهم عمل الدراسات والبحوث الاجتماعية الميدانية في كشف الإرهاب ومسبباته وكيف سيطر هذا الفكر المنحرف على فئة من شبابنا، وهذا هو دور جامعاتنا. تغريدة: لو كان لدينا 10 % حصانة فكرية من حجم حصانتنا الأمنية لكنا بألف خير، ولما تورط أبناؤنا بمثل هذا الإرهاب القذر.