تُعد تجربة المملكة العربية السعودية في التصدي لظاهرة الإرهاب تجربة رائدة تحظى بتقدير محلي ودولي نظراً لنجاعتها ومعالجتها الناجحة عبر جهود كبيرة مبنية على أسس علمية عميقة. ويأتي هذا الدور الرائد للمملكة بسبب خبرتها التراكمية التي باتت أنموذجاً يحتذى بعد أن طالتها هذه الظاهرة وعانت من هجمات إرهابية في الماضي وعملت منذ زمن طويل على مقاومة هذه الآفة الخطيرة.. تلك الهجمات تعددت في أشكالها وصورها ما بين اختطاف وتفجيرات وهجمات انتحارية. تعدد الجهود ولا يمكن إجمال جهود المملكة في التصدي للإرهاب في هذه العجالة ولكن يمكن الإشارة إلى أهم وأبرز الجهود والتي تتمثل في تحصين الحدود وإحكام الرقابة عليها لمنع التسلل والتهريب حيث أن معظم الأسلحة والمتفجرات التي ضبطت بحوزة المجموعات الإرهابية قد دخلت للمملكة عن طريق التهريب من بعض الدول المجاورة. إشراك المواطن في محاربة الإرهاب قامت وزارة الداخلية بنشر قوائم للمطلوبين أمنياً في قضايا إرهابية لتكثيف عمليات البحث عنهم وملاحقتهم مع إشراك المواطنين في محاربة الإرهاب الذي يهدد أرواحهم ومقدراتهم وأمنهم عبر رصد مكافآت مالية لمن يدلي بمعلومات أو يبلغ عن أفراد الفئة الضالة أو يسهم في إحباط عمل إرهابي وذلك بالكشف عن الخلية أو المجموعة التي تخطط للقيام به. ملاحقة خلايا الإرهاب.. تحصين فكري للمجتمع.. لجنة للمناصحة.. وإشراك المواطن في محاربة الفكر الضال تكريم الشهداء والمصابين لم تبخل الدولة في تقدير جهود العاملين في مجال مكافحة الإرهاب على ما يبذلونه من جهود وما حققوه من إنجازات مع تكريم الشهداء والمصابين وتقديم العون لأسرهم مما كان له أبلغ الأثر في نفوس العاملين في الأجهزة الأمنية وأسهم في مضاعفة الجهود الرامية إلى مكافحة الإرهاب. تحصين فكري للمجتمع أدركت المملكة في وقت مبكر أهمية تثقيف المجتمع أمنياً وفكرياً تجاه ظاهرة الإرهاب وخطورتها لذلك عمدت إلى تقديم برامج توعية عبر وسائل الإعلام المختلفة وتدريس مادة مكافحة الإرهاب في بعض المناهج الدراسية في الجامعات والكليات في المملكة كما قامت-وانطلاقاً من هذه الأهمية للتبصير بهذه الآفة المقلقة بدعوة الجهات الحكومية الأخرى بمختلف مؤسساتها وأجهزتها التربوية والإعلامية للتعريف بالرسالة الأمنية وإيضاح ما يمليه الواجب الوطني لكل مواطن ومقيم للإسهام بفاعلية في حفظ الأمن والنظام باعتبار الأمن الفكري هو مطلب وطني شامل والمسؤولية عنه تضامنية لحماية المجتمع. سياسة إعلامية شفافة دعا الإدراك المبكر بخطورة ظاهر الإرهاب وأهمية توعية المواطنين بالفئة الضالة التي تعتنق فكره المنحرف إلى انتهاج سياسة إعلامية مبنية على الشفافية وذلك بالكشف عن هوية المطلوبين أمنياً والفئات الضالة عبر بيانات لوسائل الإعلام المختلفة. ملاحقة خلايا الإرهاب المتتبع للبيانات التي تصدرها وزارة الداخلية يلحظ مدى العزم والمضي في ملاحقة جميع عناصر الإجرام والعمل على القضاء على جميع الخلايا الإرهابية بأدواتها ورموزها كما يلحظ التأكيد على عدم التسامح أو التساهل مع كل من يقوم باحتضانها أو مساندتها أو تمويلها. لجنة المناصحة يمثل تأسيس مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية الذي حظيت فكرته بدعم وتأييد كبير من الراحل الأمير نايف رحمه الله أحد النماذج الفريدة التي تعكس نوعية الرعاية والاهتمام التي تقدمها وزارة الداخلية للموقوفين والتي حظيت باهتمام لافت من قبل أجهزة الأمن في دول العالم ومسؤوليها الذين زار الكثير منهم المركز وطلبوا الاستفادة من هذا النموذج المميز. وبدأ المركز عمله عام 2006م في استيعاب المتورّطين في الفكر الضال وإعادة دمجهم في المجتمع وتصحيح مفاهيمهم عن طريق الاستفادة من برامج المركز المختلفة والوصول بالمستفيدين منه لمستوى فكري آمن ومتوازن لهم ولمجتمعهم، ومساعدتهم أيضاً على مواجهة التحديات الفكرية والاجتماعية التي قد تواجههم بعد إكمال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحقهم، كما تساعد برامج المركز من غرر بهم لإدراك أخطائهم والعودة لجادة الصواب، والاندماج بالمجتمع مواطنين صالحين ومنتجين لصالحهم وأسرهم ووطنهم، ويضم مركز محمد بن نايف للمناصحة مجموعة من الخبراء والمستشارين النفسيين والاجتماعيين، إضافة إلى علماء دين وشريعة، حيث يمثل برنامج المناصحة المرحلة الإجرائية الأخيرة لإطلاق سراح الموقوفين لدى الجهات الأمنية. برنامج الرعاية اللاحقة وطبقت المملكة برنامجا يطلق عليه (برنامج الرعاية اللاحقة) وهو يعنى بالموقوف الذي أطلق سراحه بصورة نهائية وذلك بتقديم الخدمات الإنسانية والاجتماعية والتواصل مع عائلته وذويه وزياراتهم. وتسهيل اللقاءات للراغبين من رجال العلم الشرعي مع الموقوفين من أفراد الفئة الضالة للتحدث إليهم وتصحيح أفكارهم. مركز الأمير محمد بن نايف يحفل بنشاطات اجتماعية ورياضية متعددة مداهمة لأحد أوكار الإرهابيين