أثبتت الجهات الأمنية في المملكة نجاحها في محاربة الإرهاب وأصبحت أنموذجا تضرب به الأمثال، وتتكرر حوله الإشادات الدولية منذ ولادة أول عمل إرهابي استهدف أطهر بقعة في الأرض عام 1400 إضافة إلى الهجمات التي تعددت في أشكالها وصورها ما بين اختطاف وتفجيرات وهجمات انتحارية. وشهدت المملكة وعلى مدى عدد من السنوات الماضية عمليات إرهابية على فترات متفاوتة من تفجيرات وقتل لعدد من المواطنين والمقيمين استشهد وأصيب خلالها المئات من رجال الأمن بدأت بتفجيرات العليا بالرياض والخبر في التسعينات تلتها تفجيرات المجمعات السكنية بالرياض منتصف مايو 2003. وكادت المملكة أن تتعرض لأكثر من 230 هجوما إرهابيا لولا إحباطها، تم خلالها مصادرة عشرات الأطنان من المواد المتفجرة وآلاف القذائف والأسلحة. وشهدت وزارة الداخلية بكافة قطاعاتها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عددا من التطورات في مجال مكافحة الإرهاب مما أكسب المملكة ثقة العالم في القضاء عليه ومحاربته، في وقت لا تزال عالقة في الأذهان تحذيرات الملك عبدالله للإرهابيين بالملاحقة لعشرات السنين حتى القضاء على الإرهاب فكرا وعملا. استحداث الوظائف وعلى مستوى تطوير البنية التحتية للمباني الأمنية تم إطلاق مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير المقرات الأمنية والآليات وكذلك السياج الأمني على الحدود والذي يأتي من ضمن مشاريع حرس الحدود مشروع السياج الأمني للحدود الشمالية والذي يهدف إلى الحد من التسلل ومنع التهريب بكافة أنواعه في حدود مسافة تقدر بنحو900 كيلو متر لضبط كل ما قد يزعج الأمن من تهريب أو تسلل غير مشروع، وكان آخر ذلك الدعم من القيادة دعم وزارة الداخلية ب60 ألف وظيفة. وقامت وزارة الداخلية على المستوى الوطني بتدابير وإجراءات أمنية عديدة لمواجهة ومكافحة الإرهاب وذلك بتحديث وتطوير واستحداث أجهزة أمنية معنية بمكافحة الإرهاب وتوحيد القيادة للجهات الأمنية برئاسة مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف لتعزيز التعاون والتنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية وغير الأمنية في التصدي لظاهرة الإرهاب، بالإضافة لتطوير الأنظمة واللوائح ذات العلاقة بمكافحة الإرهاب والجرائم الإرهابية، والتعامل بحزم مع مرتكبي الجرائم الإرهابية وتعقبهم واتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية وفق أحكام الشريعة الإسلامية والتزامات المملكة الدولية والإقليمية والثنائية. كما قامت بوضع قيود مشددة على صناعة أو استيراد أو بيع أو حيازة أو تداول أو اقتناء الأسلحة أو الذخائر أو المعدات أو قطع الغيار وفقا لنظام الأسلحة والذخائر في المملكة الصادر عام 1981 وتم تحديث النظام في 2005، وقد بين النظام ضوابط حمل الأسلحة الفردية وحدد الإجراءات والشروط اللازمة لذلك كما بين العقوبات الرادعة لمن يخالف ذلك. إشراك المواطن وحرصت وزارة الداخلية على إشراك المواطنين في محاربة الإرهاب الذي يهدد أرواحهم ومقدراتهم وأمنهم وذلك بتعاونهم عند نشر قوائم للمطلوبين أمنيا في قضايا إرهابية لتكثيف عمليات البحث عنهم، وملاحقتهم، حيث رصدت وزارة الداخلية مكافآت مالية لكل من يدلي بمعلومات أو يبلغ عن أفراد الفئة الضالة أو يسهم في إحباط عمل إرهابي وذلك بالكشف عن الخلية أو المجموعة التي تخطط للقيام به ولم تغفل وزارة الداخلية تقدير جهود العاملين في مجال مكافحة الإرهاب على ما يبذلونه من جهود وما حققوه من إنجازات مع تكريم الشهداء والمصابين وتقديم العون لأسرهم، مما كان له أبلغ الأثر في نفوس العاملين في الأجهزة الأمنية وأسهم في مضاعفة الجهود الرامية إلى مكافحة الإرهاب، بالإضافة لمعالجة الآثار التي تحدث نتيجة المواجهات مع المنتمين للفئة الضالة كحوادث قتل الأبرياء أو إتلاف الممتلكات وغيرها بما هو ملائم من الإجراءات. ولم تنس وزارة الداخلية الجانب الإنساني والاجتماعي في تقديم خدماتها للموقوفين في الإرهاب وذويهم والمطلق سراحهم مما يساعد على الاستجابة لمقتضيات ومتطلبات الإصلاح الفكري والسلوكي، وبلغ ما صرف على الموقوفين وذويهم والمطلق سراحهم حتى منتصف العام الماضي ما يتجاوز 529 مليون ريال. ولم تتوقف جهود المملكة في محاربة الإرهاب على المواجهة المسلحة بل اعتمدت استراتيجية شاملة تعتمد المواجهة الفكرية والمناصحة بنفس درجة الاهتمام بالتعامل الأمني، والإجراءات القانونية في محاكمة المتهمين بارتكاب الجرائم الإرهابية نالت استحسان المجتمع الدولي. محاربة الإرهاب وتعددت جهود المملكة في محاربة الإرهاب على المستويين الدولي والعربي لتعزيز التعاون بين كل الدول والشعوب وقطع مصادر تمويل ودعم الجماعات الإرهابية وتفعيل الآليات الدولية في هذا الشأن. واقترنت مواقف المملكة الواضحة على المستوى الدولي في رفض الإرهاب بتحرك كبير لتحقيق التعاون في مواجهة الجرائم الإرهابية، حيث أكدت في كثير من المناسبات رفضها الشديد وإدانتها الصريحة للإرهاب بجميع صوره وأشكاله وشجبها للأعمال الشريرة كافة التي تتنافى مع تعاليم الإسلام وأحكامه التي تحرّم قتل الأبرياء وتنبذ كل أشكال العنف والإرهاب، وتدعو إلى حماية حقوق الإنسان. وفي هذا السياق، وقّعت السعودية الكثير من الاتفاقيات الخاصة بمكافحة الإرهاب كما التزمت تنفيذ القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن في هذا الشأن، وصادقت على جملة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات العلاقة منها الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب عام 1998، ومعاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب عام 2000، واتفاقية مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمكافحة الإرهاب بالإضافة إلى عدد من الاتفاقيات الأمنية الثنائية مع دول عربية وإسلامية وصديقة بشأن مكافحة الإرهاب. ويبرز المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي دعت إليه المملكة وعقد بمدينة الرياض عام 2005 واحدا من الجهود الكبيرة للسعودية في مكافحة هذه الآفة العالمية في إطار دولي انطلاقا من قناعة أثبتتها الأحداث، بأن الإرهاب لا يقتصر على أبناء دين بعينه أو بلد دون غيره وأن النجاح في مواجهته يحتم تعاون جميع الدول. موقف المملكة وجاء الإعلان الصادر في ختام أعمال المؤتمر الذي عرف بإعلان الرياض ليؤكد أن الإرهاب يمثل تهديدا للسلام والأمن الدوليين، ويجدد موقف المملكة الرافض لكل آيديولوجية تدعو للكراهية وتحرض على العنف وتسوغ الجرائم الإرهابية. وشدد إعلان الرياض على أن الأممالمتحدة هي المظلة القانونية لتعزيز التعاون الدولي ضد الإرهاب وأن قرارات مجلس الأمن ذات الصلة هي الأساس والمرجعية لكل جهود مكافحة الإرهاب. وبناء على دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لإنشاء مركز دولي لتبادل المعلومات والخبرات بين الدول وإيجاد قاعدة بيانات ومعلومات أمنية واستخباراتية تستفيد منها الجهات المعنية بمكافحة الإرهاب، تقدمت المملكة بمشروع قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو لتشكيل فريق عمل لدراسة توصيات المؤتمر وما تضمنه "إعلان الرياض" بما في ذلك إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب وفق ما أعلنه الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله - في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 سبتمبر 2005. مشاركة مؤسسات المجتمع وعلى المستوى المحلي، اعتمدت المملكة استراتيجية شاملة لمحاربة الإرهاب، وحرصت على أن تشارك جميع مؤسسات المجتمع في تنفيذ هذه الاستراتيجية، كل في مجال اختصاصه، ونجح علماء المملكة في إيضاح منافاة الإرهاب لتعاليم الإسلام، وما تمثله الأعمال الإرهابية من اعتداء محرم على الأنفس المعصومة من المسلمين وغيرهم، وتفنيد مزاعم الفئة الضالة، التي تروجها التنظيمات الإرهابية لتبرير جرائمها أو كسب أي تعاطف معها. وحث علماء السعودية عموم المواطنين والمقيمين في البلاد على التعاون مع الجهات الأمنية في التصدي للفئة الضالة والإبلاغ عن المتورطين في الأعمال الإرهابية، كما كان للعلماء دور كبير في مناصحة بعض المتأثرين بدعاوى الفئة الضالة في الوقت الذي كانت فيه الجهات الأمنية تحقق نجاحات متتالية في ملاحقة أعضاء هذه الفئة المتورطين بارتكاب جرائم إرهابية وتوجيه عدد كبير من العمليات الاستباقية التي حققت نجاحا كبيرا في إفشال مخططات إرهابية في عدد من مناطق المملكة. تكريم الشهداء وحرصت القيادة السعودية في خضم معركتها مع الإرهاب على تكريم الشهداء من رجال الأمن ومواساة ذويهم وعائلاتهم، وتقليدهم أوسمة الشرف وأنواط الكرامة، تعبيرا عن التقدير الكبير لبطولاتهم وتضحياتهم. ولم يقتصر ذلك على شهداء وأبطال الأجهزة الأمنية فقط، بل حرصت الدولة على مراعاة مشاعر آباء وأمهات المتورطين بارتكاب الأعمال الإرهابية ممن ألقي القبض عليهم وكان لذلك أكبر الأثر في عودة كثير منهم إلى جادة الصواب، في أعقاب ما أعلنته القيادة السعودية من عفو عن التائبين من أعضاء الفئة الضالة الذين يسلمون أنفسهم، وقد حققت هذه السياسة الحكيمة نتائج ممتازة، وأعلن بعض أعضاء الفئة الضالة توبتهم وتراجعهم عن الأفكار المنحرفة التي كانوا يعتنقوها. وعلى مستوى التشريع والقضاء، تم إنشاء محكمة خاصة للنظر في قضايا الإرهاب تحت مسمى المحكمة الجزائية المتخصصة، كذلك استحداث دائرة مختصة بهيئة التحقيق والادعاء العام تحت مسمى "دائرة قضايا أمن الدولة" لتتولى التعامل مع مثل هذه القضايا وتوفير جميع الضمانات التي توفر للمتهمين في قضايا الإرهاب وتمويله محاكمة عادلة بما في ذلك حقهم في الدفاع عن أنفسهم وتعويض من تثبت براءته منهم مع البدء في دراسة إصدار نظام لمكافحة الإرهاب وذلك في إطار تطوير الأنظمة واللوائح ذات العلاقة بالجرائم الإرهابية وتكثيف برامج التأهيل والتدريب للجهات الأمنية المعنية بالمواجهة الميدانية المباشرة واعتماد عدد من الآليات لمكافحة عمليات تمويل الإرهاب. توعية بخطورة الإرهاب وفي الاتجاه الوقائي، تعددت جهود المملكة في مكافحة الإرهاب، بدءا من برامج توعية طلاب المدارس والجامعات بخطورة الأعمال الإرهابية وحرمتها في الإسلام والآثام التي تقع على مرتكبيها وحثت المعلمين والمعلمات على توعية الطلاب والطالبات بذلك وتوجيههم إلى الطريق الصحيح وغرس حب الوطن وطاعة أولياء الأمور في نفوسهم، كما ركزت على تعزيز الأمن الفكري وخصصت يوما دراسيا كاملا خلال العام الدراسي لإقامة معرض في كل مدرسة للبنين والبنات عن الإرهاب والأعمال الإجرامية التي ارتكبها أرباب الفكر التكفيري وما نتج عنها من قتل للأبرياء وتدمير للممتلكات ومقدرات الوطن، لأن ظاهرة الإرهاب جاءت نتيجة لأفكار منحرفة اعتمدت المملكة في جهودها لمكافحة هذه الظاهرة مبدأ مواجهة تلك الأفكار بضدها من خلال الحوار والمناقشة فكان إنشاء "مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية" بهدف كشف الشبهات وتوضيح المنزلقات الفكرية التي يتبناها أصحاب الفكر المنحرف الذي يقود إلى الإرهاب من أجل إعادة الموقوفين إلى رشدهم وتصحيح مفاهيمهم من خلال الاستعانة بعلماء الشريعة والمختصين في العلوم الاجتماعية والنفسية والمثقفين ورجال الأعمال وإتاحة الفرصة لهم لمقابلة هذه الفئة ومناقشتهم بكل حرية والرد على شبهاتهم وانتهاج أسلوب الحوار والإقناع مع بعض أتباع هذا الفكر، وتغيير الكثير من القناعات السابقة لديهم وعرض هذه التراجعات عبر وسائل الإعلام. بالإضافة إلى إنشاء الكراسي العلمية التي تُعنى بالأبحاث المتعلقة بالإرهاب في عدد من الجامعات السعودية وفي مقدمتها كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري وتشجيع الجهات المختصة على طباعة الكتب والنشرات وإصدار الأشرطة التي تدحض الأفكار المنحرفة وتكثيف أنشطة رعاية الشباب والاهتمام بهم وتحصينهم من الاختراقات الفكرية ونوازع الغلو. الإرهاب الإلكتروني وأصدرت المملكة جملة من الأنظمة والتعليمات واللوائح لاستخدام شبكة الإنترنت والاشتراك فيها بهدف مواجهة الاعتداءات الإلكترونية والإرهاب الإلكتروني إضافة إلى تنظيم الجهات المعنية دورات تدريبية كثيرة عن موضوع مكافحة جرائم الحاسب الآلي لتنمية معارف العاملين في مجال مكافحة الجرائم التي ترتكب عن طريق الحاسب الآلي وتحديد أنواعها. كما عملت الدولة عبر أجهزتها الرسمية على تجفيف منابع الإرهاب واجتثاث جذوره من خلال إعادة تنظيم جمع التبرعات للأعمال الخيرية التي قد تستغل لغير الأعمال المشروعة وقامت بإنشاء هيئة أهلية كبرى تتولى الإشراف والتنظيم على جميع الأعمال الإغاثية والخيرية بهدف تنظيم عمل تلك الهيئات وعدم السماح لذوي النيات والأهداف الشريرة باستخدام الهيئات الإنسانية لأعمال غير مشروعة. وقد كانت لهذه العناصر انعكاسات إيجابية على أرض الواقع بتحقيق رجال الأمن نجاحات كبيرة ضد هذه الفئة الضالة وإفشال أكثر من 95% من المخططات الإرهابية قبل تنفيذها، والوصول إلى عدد من الخلايا النائمة وتلك التي توارت تحت ضربات رجال الأمن للفئة الضالة.