أطلق الشيخ المغامسي وهو المحبوب شعبيا عدة تصريحات من أهمها تأكيده بأنه لن يعتذر عن أي فتوى أطلقها والمقصود هنا ما يخص الموسيقى، أما التصريح الذي لا يقل أهمية - في تقديري - هو أن بناء المستشفيات وعلاج المرضى أفضل من بناء المساجد «دون حاجة» وهو رأي متزن وحقيقي ولكن التصريح به قد يخرجك من عقيدتك لو قاله من هو غير محسوب على التيار الديني وقد طال الشيخ أيضا ما طاله بسبب تصريحاته هذه. عندما يستفيق مجتمعنا من تراكمات الأدلجة على أصوات الاعتدال وانحسار أصوات الغلو والتطرف والاحتقان فهذا أمر يدعو للسرور، فحين نستيقظ متأخرين خير من ألا نستيقظ أبدا ونحن نمر بمرحلة تتطلب «ازدهارا» في الوعي تتواكب وخطط التحول والمستقبل الواعد ولن يحدث هذا الازدهار دون الانعتاق من أي آيديولوجيات رزحت في عقول مجتمعنا عقودا طويلة من الزمن بدءا بحادثة جهيمان ومرورا بعقود الصحوة بكل ما حملته من تغييب تام للعقل البشري الذي أثر بدوره على كل مناحي الحياة من تنمية وثقافة وفكر وتطور.. تجديد الخطاب الديني بما يتوافق مع روح العصر ومتطلباته أصبح ضرورة، وقد بدأت بعض الأصوات تظهر بقوة ممن يحملون آراء معتدلة ورؤى تتماهى مع المتغيرات والحراك الاجتماعي الذي تعرقله الكثير من المفاهيم الخاطئة وتقف عثرة أمامه من مزج العادات وتلبيسها بلباس الدين أو النصوص الضعيفة والمكذوبة من الأحاديث أو التموضع داخل الآيات وعسف عنق النصوص القرآنية لتتواءم وآراء التشدد؛ كل هذا وغيره يحتاج تصحيحا دقيقا لإعادة المجتمع إلى وضعه الطبيعي «الاعتدال» لينطلق بعدها في رحلة إنسانية كباقي المجتمعات الطبيعية. من ناحية أخرى.. وهبنا الله العقول وأنزل النصوص بين أيدينا وهي واضحة كالشمس وكل ما نحتاجه هو الانعتاق من التفسيرات الخاطئة والمضللة وقوانين تحمي الناس بعضها من بعض، فالعبادة شأن خاص بين العبد وربه وطريقة تطبيقها يجب ألا تخضع لأهواء البشر وألا تمر من خلال رؤية الواعظ فلان أو «كتالوج» الداعية فلان. بقي أن أقول؛ ديننا أكثر سماحة وأكثر انسجاما مع متطلبات الحياة ومتغيراتها فلنتمسك بسماحته وإنسانيته وننبذ الغلو والتطرف وتعقيدات المتنطعين للوصول إلى الله، فالله ليس ببعيد حين نحكم العقل «فإني قريب أجيب دعوة الداع».