اجتمع يوم أمس في ما نشرته الصحف خبران عن مسألة ينقض أحدهما الآخر، أحدهما نشرته «عكاظ»عن كتاب أصدره قاض في المحكمة العامة في الليث بعنوان «كليات القانون والحكم بغير ما أنزل الله» أكد فيه مؤلفه أن القوانين التي تدرس في «كليات القانون» بالعالم الإسلامي كفر بواح، وأن المنهج الذي يدرس للطلبة ينص صراحة على أن هدفه تكامل الأحكام الطاغوتية وليس هدفه ضبط الأحكام الشرعية وبيان فضلها، ويرى أن مخرجات كليات القانون في العالم الإسلامي تجيز الحكم بغير ما أنزل الله وتبيح المنكرات من الشرك بالله والزنا والخمور والربا والفواحش. أما الخبر الآخر فعن ورشة عمل تنظمها جامعة الدمام من أجل مناقشة إستراتيجيات التعلم والتعليم، لطلاب كلية الشريعة والقانون، وذلك تحت عنوان «مصفوفة الكفايات لكلية الشريعة والقانون». وكان يمكن تقبل الخبرين كليهما لو أن كتاب «كليات القانون والحكم بغير ما أنزل الله» الذي ألفه معاذ المبرد القاضي بمحكمة الليث يتحدث عن كليات القانون في الدول الغربية أو الدول الإسلامية الأخرى أما حين يكون حديثه عن الجامعات السعودية وينص على جامعة الملك سعود بالرياض مستشهدا بمناهجها ومستعينا بنماذج من أسئلة اختباراتها لطلابها ممثلا بخريجيها الذين تمنحهم شهاداتها فإن حجم التناقض بين ما يراه المؤلف وزكاه عضو في هيئة كبار العلماء والهيئة الدائمة للإفتاء وقدم له داعية محسوب في العلماء وبين ما تدرسه الجامعة يبلغ حدا من التناقض لا يحسن بالجامعات السكوت عليه وتجاهله، كما لا يحسن بغير المؤلف والمزكي والمقدم من العلماء والفقهاء وأساتذة الجامعات والمحامين ورجال القانون الصمت عن كتاب مثل هذا الكتاب، فهم مطالبون إما بموافقته على ما جاء فيه من اتهام لجامعاتنا بتعليم ما هو كفر بواح والعمل بالأحكام الطاغوتية أو الرد على ما جاء في الكتاب، فحسبنا ما نحياه من تناقض ينتج عن الصمت والتساهل حتى بات مجتمعنا يسير في خطين متوازيين لا يلتقيان أو في خطين متصارعين لم ينتجا لنا غير تخبط في التفكير وتناقض أصبح ضحيته شبابنا الذين باتوا لا يعرفون من يصدقون ومن يتبعون، لا يعرفون الصواب من الخطأ والصحيح من الزائف والكذب من الصدق.