على خطى أبيها جان لوبان، الذي خسر الانتخابات الفرنسية خمس مرات، تسير النائبة الفرنسية ماري لوبان في نفس الاتجاه: اتجاه العنصرية والكراهية التي يجيدها دونالد ترامب في أمريكا وتجيدها «داعش» في الشرق الأوسط. أي أن لوبان داعشية بأصل وفصل أوروبي كما أن ترامب داعشي بأصل وفصل أمريكي. الوعاء الداعشي الذي يصنع الكره ويوزعه في أنحاء العالم يستوعب كل العنصريين من كل الجنسيات بغض النظر عن ألوانهم ولغاتهم وثقافاتهم. وصناع الكره الأوروبيون الذين تقودهم لوبان ينشرون غسيلهم على كل حبل يمكن أن يحقق أمانيهم في إطلاق شرارة صراع الحضارات ونزاع المجتمعات. ولذلك ليس بمستغرب أن تكون المملكة جزءا من حفلة (الكره) التي نظمتها هذه السيدة العنصرية في الأيام الأخيرة. هي تعمدت، كشأن أي عنصري، أن تصاب بالعمى حين تنظر إلى المملكة وما اكتوت به من نيران الإرهاب قبل بلدها فرنسا. وهي، أيضا، تصاب بالكساح الفكري كلما تعلق الأمر بالمسلمين والعرب بشكل عام، لأن ذلك يحقق غايتها في كسب عواطف الجماهير الفرنسيين والأوروبيين، بغض النظر عن نتائج ومآلات عنصريتها وكراهيتها حتى على المستوى الداخلي لبلدها وعلى المستوى الأوربي بشكل عام. وهذا ما حذر منه عقلاء فرنسيون وأوروبيون كثر يخشون تصاعد موجة الكراهية التي تسوقها لوبان وغيرها من المتطرفين إلى أن تفقد المجتمعات الأوروبية، كما هي حال مجتمعات أخرى، قيمها الإنسانية والأخلاقية العليا، المثالية إلى حد ما، وتتحول إلى مجتمعات تتنازع على أساس الدين أو العرق. ولذلك تتنادى الآن مؤسسات وجماعات مدنية في أوروبا وأمريكا لنزع فتيل التسويق السياسي للكره الذي تقوده شخصيات تنافس على مقاعد الانتخابات البلدية والرئاسية وتروج لبضائع عنصرية تصدقها بعض الجماهير وتنساق خلفها غير مدركة لخطورتها على دولها وعلى العالم أجمع. ولأن في كل احتمالات للضرر توقعات للنفع فلربما نخرج من أضرار عنصرية لوبان وترامب وداعش بمؤسسات دولية رسمية ومدنية تحارب الكره بكل مؤسساته وأشكاله وتصرفاته، لأن هذا الشر العنصري، الذي أصبح علنيا وفاقدا للحياء، سيشتري إن لم يتضامن العالم لمحاربته وتهشيم صوره في كل مكان، سواء أكان هذا المكان أوروبيا أم أمريكيا أم عربيا. الكراهية وباء يتطلب أمصالا فكرية وحضارية مشتركة تقضي عليه قبل أن يقضي علينا.