تبدو الرواية المترجمة هي شغف القارئ العربي في السنوات الأخيرة، وفي هذا السياق تقدم دار طوى مجموعة متميزة من الإصدارات أبرزها، ترجمة صالح علماني لكتاب «بابلو نيرودا» لألبيرتو كونتي الذي يعتبر من أجمل الكتب التي تقاطعت شعريا ونقديا وحياتيا مع مسيرة الشاعر الكبير بابلو نيرودا، كما تقدم من ترجمة علماني أيضا المجموعة القصصية ذائعة الصيت «قصص الحب والجنون والموت» للأورغواياني هوراسيا كيروغا الذي كان أحد الآباء المؤسسين لواقعية أمريكا اللاتينية السحرية. يجمع كيروغا في مجموعته خيوط ثلاثيته في معظم قصصه، فالحب يمهد للجنون غالباً لديه، وهو جنون يعكس التخبط الذي تعيشه الشخصيات وتعانيه في واقعها، يكون في بعض الأحيان رحيماً حين يقترن بالدفع إلى نسيان المآسي المتراكمة واقعياً، وذاك الجنون بدوره يؤدي إلى موت مفجع، تتغير صوره ودروب الوصول إليه. ويبني على أساسها عوالمه التي تستلهم من الواقع غرائبه وتغلفه بسحرية تسم أدبه. وباتجاه الأدب المكتوب الإنجليزي بادرت طوى بتقديم عملين مهمين لجون فاولز هي «جامع الفراشات» و«الساحر»، حيث تناولت فاولز في «جامع الفراشات» السياسات والدوافع التي تقود المرء إلى ارتكاب بعض الأفعال، والبحث عن القيمة المفقودة والاعتبار المنشود، من خلال السطو على حياة الآخرين وهدر أحلامهم، في مسعى لتحقيق الذات والانتقام لها، والنظر إلى الجميع بمنظار العداء، وتقسيم العالم بين طرفين متعاديين متنافرين، لا تجمع بينهما سوى مشاعر الضغينة ومحاولات الثأر. أما في «الساحر» الذي تدور أحداثها في إحدى جزر البحر المتوسط في بلاد اليونان ليصور لنا عالما بالغ الغرابة. فنحن أمام شاب إنجليزي بلا وظيفة، يلتحق بوظيفة مدرس في اليونان. ويترك وراءه قصة حب معقدة ويرى أن البحر يمكنه أن يمزج بين الواقع الذي يسبح فيه والخيال الذي يصنعه. وهناك يجد نفسه في تجربة غريبة من خلال لقائه مع أحد أثرياء الجزيرة ويدعى كونشيس. هذا الرجل صنع من الجزيرة قصرا للسرايات والأجواء الفنتازية. إنها الأجواء التي يجد نيكولاس نفسه منجذبا إليها لدرجة أنه يرفض أن يعود إلى بلاده كلما ازدادت التجربة غموضا.