يضم الكتاب مختارات هي 16 قصة من أميركا اللاتينية ترجمها صالح علماني وصدرت عن وزارة الثقافة في دمشق. يجري حبر إيزابيل الليندي في «قصة حب مغدور» في مجرى قلم سيرانو دي برجراك صاحب رواية «الشاعر». تروي الليندي قصة زواج آناليا من ابن عمها الذي استطاع إمالة قلبها برسائله الشعرية الجميلة، يموت الزوج بعد 11 سنة من الزواج المعكر بالآلام والخالي من شعر الرسائل البائدة، فتتجه إلى مدرسة طفلها فور موته لتكاشف معلم الولد بأنه حبيبها، فهو صاحب الرسائل التي جعلتها تحب ابن عمها وقد عرفته من خط الجلاء المدرسي. يخرجان معاً إلى الباحة الصاخبة، «حيث لم تكن الشمس قد غابت بعد». أما اليخو كاربينتير فيسرد حكاية هاربين هما عبد اسود آبق وكلب يتصاحبان ويحصّلان بصعوبة العيش والأمن ويحولان عرينهما إلى مكان أسطوري مفروش بالعظام والسلاسل إلى درجة أن يتجنب المسافرون المرور فيه ليلاً. برناردو كوردون في قصة «الإضراب الأخير للزبالين» يحكي بأسلوبه الواقعي الصحافي البانورامي تطور حالة قتل عنصرية طبقية عارضة إلى إضراب سياسي للزبالين في العاصمة الأرجنتينية يهدد بقلب الحكومة. وتتشابه ثلاث قصص في وقائعها التراجيدية، والقصص هي: «تالبا» لخوان رولفو وقصة «أبواب السماء» لخوليو كورتاثار وقصة «وسادة الريش» لهوراسيو كيروغا. رولفو يرثي بحس فجائعي في «تالبا» احتضار تانيلو بين أحضان شقيقه وزوجته اللذين يحاولان إسعافه إلى عذراء تالبا المقدسة لكنه يقضي ميتاً. أما كورتاثار فيروي حكاية موت الراقصة سيلينا التي يعوض عشاقها عنها بواحدة تشبهها ويرتل كيروغا في «وسادة الريش» بأسلوب شعري واقعة احتضار اليسيا وحزن زوجها العاشق خوردان الذي يكتشف أن سبب موتها هو حيوان يعيش بين ريش الوسادة التي كانت تنام عليها ويمص دمها. «المعجزة السرية» لخورخي لويس بورخيس قصة عقلية مركبة يحاول فيها بورخيس استكناه معنى الزمن العصي على التمثيل والقبض، يقدم بورخيس للقصة بآية من القرآن الكريم، وفيها يتذكر الضحية جارومير هلاديك المحكوم بالإعدام كل الزمن في لحظة واحدة هي لحظة الإعدام. أما خوسيه دونوسو في قصة «سانتليثس» فيروي حكاية نزيل بنسيون كهل في الوقت الذي تحاول فيه بيرتيتا لفت قلبه المولع بصور القردة الخاسئة. وتتشابه قصة «موت في الشارع» ذات المحتوى الطبقي لخوسيه فيليكس فوينمايور مع قصة خوليو رامون ريبيرو «نسور الرخمة المنتوفة» من حيث المضمون، فالأول يروي وجدانيات متسول يعيش في حفرة ويعاني من شقاوة الأولاد ومضايقاتهم، لكنه يتمتع بحرية لا يتمتع بها احد في العالم، فأكثر الناس حرية هو اقلهم ملكية، بينما تروي الثانية قصة جد وحفيدين قمّامين يعيشان من التقاط بقايا المزابل ويتمردان على الجد القاسي ويقرران الهرب من ظلمه وجوره إلى الاستقلال على عروش مزابل بعيدة. تنفرد قصة «الجرة» لسلفادور سالازار آروي بالطرافة التي تمد جذورها إلى التاريخ الهندي، وفيها ينهمك خوسيه باسكا بحراثة أراضي الأقرباء والجيران باحثاً عن كنوز هندية مدفونة... وتمضي الأيام والسنون فيهرم ويمرض ويقرر في احدى الليالي أن يدفن جرة قديمة في حفرة حتى يعيش الناس بالأمل، فلا يمكن الأجداد أن يتركوا الأحفاد بلا أحلام. وتختص قصة «لاقط الكرات» بالمضمون السياسي الديكتاتوري الذي يميز أميركا اللاتينية ويروي فيها سيرخيو راميريث بأسلوب سينمائي حكاية نجم رياضي في لعبة البيسبول معتقل كرهينة من اجل ابنه الناشط سياسياً وبعد تحقيق مع آمر السجن يقرر إعدامه بالتقرير الآتي: انه كان يلعب مع السجناء الآخرين، وانه كان لاقط كرات، وانه جاءته ضربة اصطدمت بالجدار، وانه انتهز الفرصة ليصعد شجرة اللوز، وانه قفز عن السياج، وانه راح يركض عبر مكب القمامة، فرميناه. أما قصة «ليلة الخسوف» لغابرييل غارسيا ماركيز فتعتمد على تقنية المفاجأة وتروي القصة حكاية آنا ماجدلينا التي تقع بمحض إرادتها في شباك كازنوافا نسائي محترف يجيد الرقص والإغواء وقرع الأنخاب وتتعرف بعد ثلاث سنوات على صورته في التلفزيون كمصاص دماء حزين، ومطلوب لدى كل أجهزة الشرطة في منطقة الكاريبي باعتباره محتالاً يغوي أرامل سعيدات ومتوحدات وقاتلاً محتملاً لشخصين. قصة «الحدود الزجاجية» لكارلوس فوينتس قصة طبقية تفصل فيها حيطان الزجاج بين طبقات مجتمعات ناطحات السحاب لكن الحاجة إلى الآخر تدفع السيدة الغنية اودري إلى «مشاركة العزلة والانفصال» وطبع قبلة من وراء الزجاج لعامل تنظيف الزجاج ليساندرو. تذهب قصة ماريو بارغاس يوسا «يوم أحد» إلى إيقاد مشاعر الفروسية لدى القارئ برواية حكاية رهان بين فتيين من «جماعة النسور» على السباحة في البحر في يوم بارد على أن يفسح الخاسر طريق الحب إلى قلب الصبية فلورا، يدخل اليأس إلى قلب الفتى ميغيل ويقرر الاستسلام، وقد تعب من التجديف لكن يأس منافسه روبين وطلبه النجدة يوقدان فيه العزيمة من جديد فينقذه من الغرق ويستر على خسارته خصمه بفروسية. تنقسم قصة «بندقية صيد وببغاء» لمانويل روخاس إلى ثلاث وحدات سردية متعالقة، يمهد الراوي الفتى للقصة بأمثولة، ويثني عليها بقصة ثانية تؤكد معنى صراع البقاء، وفي القصة المركزية والأخيرة يروي حكاية أمه التي اشترت ببغاء لم تحسن تدريبه كما فعل جارهم الذي توفي في ظروف غامضة فتقرر تحويله إلى وجبة حساء، في سنة جوع طبقاً لقانون «صراع البقاء».