أخبرني احد الأصدقاء انه منذ أيام شاهد قطة (بسة) معلقة في أحد المباني تملا الدنيا صياحا، لعل أحدا من البشر الأشداء الغلاظ يسمعها، وينهض كي ينقذها مما هي فيه، كما أنها لا تدرك ما يفعل البشر في بعضهم من قتل وإبادة، كما أنها لا تدرك وهي على ارض عربية إسلامية أن جيراننا يقتتلون ويتصارعون من اجل مناصب زائلة لا محالة، وكيف ينقذها عربي مسلم والعرب والمسلمون يلقون بالبراميل المتفجرة على إخوانهم، بل يستعينون بغير بني دينهم وجنسهم من اجل قتل الآخرين وتدميرهم، نعم هذه الهرة العجماء لا تدرك هذا كله، وتلك نعمة تتمتع بها هي وقريناتها، لكنها أخذت بالأسباب وظلت تصرخ، إلى أن شاهدها الصديق العزيز، الذي حاول أن يقتدي بما رآه ويراه في الغرب، فاتصل وهو على يقين من انه لن يلقى استجابة الدفاع المدني، وطلب منهم مساعدة القطة وإنقاذها، وانتظر قليلا، ثم فوجئ بأن الأمر جدا خطير، إذ استجابت قوات الدفاع المدني لاتصاله، وحضرت ومدت سلالمها الشاهقة وأنقذت القطة، بل وقدمت لها ما يهدئ روعها من طعام وماء. انتهى المشهد وكأنه مسلسل أوروبي يشاهد على قناة فضائية، وربما لم يكن معظمنا -بمن فيهم شاهد العيان- ليتوقع أن تتحرك قوات الدفاع المدني، لتنقذ هذه القطة. لم أعجب كما تعجب صديقي العزيز، ولا كما تتعجب أنت عزيزي القارئ مما حدث لأن إسلامنا الذي نزل على هذه الأرض المباركة ينهانا عن إيذاء الحيوان، ويحثنا على الاهتمام به ورعايته، ونحن نعلم جيدا وقد اخبرنا الرسول الرحيم بذلك، أن امرأة دخلت النار لأنها حبست قطة، نعم لأنها حبست قطة، فآلمتها بدنيا بمنع الطعام والشراب عنها، ونفسيا بالحد من حريتها، ونعلم كذلك، أن بغيا غفر الله تعالى لها، عندما شعرت بآلام كلب عانى من العطش الشديد، فروته وسقته. أضم صوتي إلى صوت صديقي شاهد العيان، وأتوجه بالشكر والتقدير لرجال الدفاع المدني السعودي الشرفاء -وهذا عهدنا بهم- لسرعة الاستجابة وأجرهم عند الله تعالى فما فعلوه أعظم من إرواء كلب أو حيوان، وليت الإخوة المتصارعين في اليمن، في سوريا، في العراق، في ليبيا، يجعلون من المرأة البغي قدوة لهم، فيرحمون الإنسان، كما أمروا برحمة الحيوان. اللهم اهد إخواننا فإنهم لا يعلمون.