تركي الدخيل - الوطن السعودية بينما تدرس دول العالم الثالث تعيين محامين عن المتهمين من بني البشر في السجون، تدرس سويسرا عبر الاستفتاء الشعبي تعيين محامين عن بني البقر... ويمكنك تجاوزا ان تعتبرهم الحيوانات إجمالا! وعلى الرغم من تصويت السويسريين ضد منح الحيوانات أحقية التمثيل في المحاكم حسب الاستفتاء الذي أجري في 7 مارس إلا أن رفضهم لم يأت انطلاقاً من احتقار الحيوانات، وإنما لأن سويسرا لديها من الأنظمة ما يكفي لحماية حقوق الحيوانات كاملةً غير منقوصة. هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن المحامين عن الحيوانات في سويسرا موجودون أصلاً، ذلك أن زيورخ جعلت التمثيل القانوني عن الحيوانات إجبارياً منذ العام 1992. يكفي أن نعرف أن المحامي انطوان جويستشيل، تخصص في الدفاع عن حقوق الحيوانات، وذهب إلى المحكمة بالنيابة عن الكلاب والقطط والأبقار والأغنام، بل وحتى الأسماك!. يذهب المحامي انطوان الى ما هو أبعد من ذلك فهو مقتنع: "أن التحدث نيابة عن أولئك الذين لا يستطيعون التعبير عن أنفسهم هو جوهر فكرة العدالة، بالنسبة لي فالحيوانات هي أضعف أركان المجتمع، وهي بحاجة إلى حماية أفضل، إنه نوع من الكفاح من أجل الأقلية التي تحتاج إلى دعم، وإلى جعل التشريع أكثر احتراما تجاه البشر والحيوانات ككل". قلتُ: أليست هذه الإبداعات الحقوقية تعبر عن أعلى مستويات الرقي الحضاري والإنساني، وبخاصة في هذا الوقت حيث تكثر انتهاكات حقوق الحيوانات بسبب انخفاض أسعار الحليب، والقرار أغضب-أكثر ما أغضب- المزارع الذي يمارس الحدة مع الحيوانات التي بحوزته ليكسب منها أكبر قدر من المال. لكنها حقوق الحيوان التي كفلتها التشريعات الحقوقية المتحضرة، مما جعل المزارعين يضيقون بهذه الأنظمة التي اسموها ب"البيروقراطية" ويصفون قوانين حماية الحيوانات بأنها "تثقل كاهلهم". هذه هي أوروبا التي أسرت كل من قرأ عنها بهذا الرقي الحضاري. قال أبو عبدالله غفر الله له: وليحمد المزارعون الله أن الرقابة عليهم مفقودة تماماً، فمهما ضرب في البقر والغنم، ومهما نفخ وحلب، لا يوجد من يحاسبه، هذا مع أن الإسلام قد وضع للحيوان حقوقاً كما في قصة الهرة التي حبستها المرأة فأدخلها الله النار، وكما في قصة التي أطعمت الكلب فغفر الله لها. لكنها تعاليم مركونة على الرف، بينما تختزل التشريعات بجزئيات صغيرة. إنها مفارقة كبيرة، بينما نناقش أحقية تعيين محامين عن البشر المتهمين، تناقش سويسرا أحقية تمثيل المحامين عن البقر!