نحن أغنى دول العالم فلماذا الحديث عن رفع البنزين أو الكهرباء، ونحن أكثر بلدان العالم ثراء فكيف يخطر ببالكم رفع أسعار المياه أو التذاكر أو غيرهما؟ في كل المجالس التي أغشاها أندهش للفكر الاجتماعي المتغلغل في الذهنية العامة والقائم على فكرة تعظيم الاستهلاك واعتباره جزءا لا يتجزأ من الرفاه الاجتماعي وهو ما ينبغي أن تدفع فروقاته من الخزينة العامة!! وبصرف النظر عن كونه فعلا اقتصاديا سليما من عدمه وحول كونه مجدا من الناحية السسيولوجية أيضا على المدى البعيد، إلا أنه قطعا يرفع من نسبة النمو السنوي للاستهلاك العام للفرد بأضعاف نظيره العالمي وفي نفس الوقت لا يحقق العدالة الاجتماعية المطلوبة لحجم الفروقات الكبيرة في الاستهلاك وهذا ما يعني أنك كلما زدت فقرا كلما قلت نسبتك من هذا الدعم وكلما زدت غنى ارتفعت هذه النسبة من الدعم المباشر. في كل الدول التي يصل فيها دخل الفرد إلى ثلاثة أضعاف نظيره في المملكة لا ينظر إلى مسألة الاستهلاك بهذه الحساسية ولا يتم التعامل معها بمثل هذه الصورة كبداهة اقتصادية، فالنرويج مثلا دولة نفطية (كبرى) قياسا بعدد سكانها ولديها أكبر صندوق سيادي في العالم لكنها صارمة في تقاليدها الاقتصادية ونظامها الضريبي للحفاظ على الكفاءة الإنتاجية وربطها بالاستهلاك الفردي وتكامل مثل هذه الدورة الاقتصادية يوظف في خدمة الفرد والمجتمع في نهايه هذه الدورة. ثم من قال لكم إنكم أغنى بلد في العالم؟؟ غنى البلدان لا يقاس بالإيراد الريعي لمادة ناضبة، فالبنك الدولي يعتمد ثلاثة معايير لقياس غنى الدول، الأول منها الموارد الطبيعية كالنفط والمعادن والأراضي الزراعية والغابات والمياه، والثاني الأصول الإنتاجية كالصناعة والزراعة والسياحة والخدمات والبنية التحتية، أما الثالث فهو الموارد البشرية كالقدرات والمعارف والمهارات التي تشكل عماد الإنتاج المعرفي.. وعليك أن تعرف موقعك من الإعراب من خلال هذه المعايير الثلاثة الأساسية. ولذلك فإن تصنيف ثراء الدول تقع على هرمه دول من فئه كندا وأستراليا.. وليس المملكة أو فنزويلا على سبيل المثال!! اليوم الثروة الحقيقية في العالم هي الإنسان ليس بالمفهوم التقليدي بهويته أو شهاداته وليس بطول شواربه ولا بجمال مشلحه ولكن بمهاراته ومتوسط إنتاجه ونصيب مساهمته في الناتج المحلي.