كثيرا ما نسمع بعض العبارات التي يتم ترديدها بشكل عفوي وتلقائي.. كعبارة أغنى بلد في العالم. نحن أغنى بلد في العالم ورغم ذلك لا يوجد مقاعد في الطيران، ونحن أغنى بلد في العالم وليس ثمة أسرة كافية في المستشفيات... وهكذا. وفي اعتقادي، لو كنا أغنى بلد في العالم بالمفهوم المعياري للكلمة، والذي سوف نأتي على ذكره لاحقا، لما كان كذا.. وكذا. غنى البلدان لا يقاس بالإيراد الريعي، فالبنك الدولي يعتمد آلية مرجعية في تصنيفه لغنى البلدان تعتمد ثلاثة معايير، الأول يتضمن الموارد الطبيعية كالنفط والمعادن والأراضي الزراعية والغابات والمياه، الثاني يتضمن الأصول الإنتاجية كالصناعة والزراعة والسياحة والخدمات العامة والبنية التحتية، أما الثالث فهو الموارد البشرية كالقدرات والمعارف والمهارات والإنتاج المعرفي. ولذلك، فإن تصنيفات البلدان من حيث الغنى والثروة لا يقف على هرمها المملكة أو فنزويلا، وإنما كندا وأستراليا؛ لأنهما تجمعان أكبر قدر من النقاط في هذا التصنيف. المغزى من الحديث أن نفهم أن الغنى والرفاهية شيء، والسيولة الريعية التي تمتصها ندرة المعايير الأخرى شيء آخر تماما، وبالتالي يجب أن يفهم الناس أن ثلث غناهم وغنى بلدهم يعتمد على تعليمهم وتأهيلهم وإنتاجهم المعرفي، وهو الجانب الغائب في معادلة الغنى والفقر.