يروى عن الشيخ محمد متولي الشعراوي قوله: «كنت أناقش أحد الشباب المتشددين فسألته: هل تفجير ملهى ليلي في إحدى الدول المسلمة حلال أم حرام؟ فقال لي: طبعا حلال وقتلهم جائز. فقلت له: لو أنك قتلتهم وهم يعصون الله ما هو مصيرهم؟ قال: النار طبعا. فقلت له: الشيطان أين يريد أن يأخذهم؟ فقال: إلى النار طبعا. فقلت له: إذن تشتركون أنتم والشيطان في نفس الهدف وهو إدخال الناس إلى النار!، وذكرت له حديث النبي عليه الصلاة والسلام لما مرت جنازة يهودي وبكى النبي عليه الصلاة والسلام فقالوا: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: نفس أفلتت مني إلى النار. فقلت: لاحظ الفرق بينكم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى يسعى لهداية الناس وإنقاذهم من النار، أنتم في وادٍ والحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في وادٍ». منظور الحكمة الجوهرية المبسط هذا هو ما يفتقر إليه الخطاب الاسلامي السائد في الرد على الإرهابيين، فالسائد في أفضل حالاته يصف عمليات تفجير المساجد بأنها سيئة ومؤامرة وتؤدي إلى الفوضى وزعزعة الأمن وهذه تعبيرات لا تثني متطرفا عن تأييده للإرهاب، خاصة أنها لا تتضمن إثباتا بالأدلة الفقهية التفصيلية ولا تتجاوز تصريحا بسطر لوسائل الإعلام، فللأسف خطاب الحكمة الجوهرية مفقود بالكامل في الخطاب الإسلامي الحالي وهو الذي كان يمكنه ترجيح كفة الاعتدال، فمجرد الجدل العقائدي الفقهي الأصولي لا يكفي لترجيح كفة الاعتدال خاصة لدى الاتباع الذين لا يحملون علما شرعيا كافيا ليمكن مجادلتهم به، ثم انه وللأسف بعض التراث الاسلامي يتضمن أنماطا متطرفة والتي مجرد وجودها بالتراث التاريخي يعتبره الاتباع دليلا على صوابها ومشروعيتها، لكن بمنظور ومنطق الحكمة كالذي جادل به الشيخ الشعراوي ذلك الشاب المتطرف يمكن جعل من لا يحمل علما فقهيا ومنقادا لشيخه المتطرف يدرك بعقله الخاص خطأ الانماط المتطرفة والارهابية، وليس أنه لا وجود لأهل الحكمة الربانية إنما للأسف الإعلام والتعليم لا يستعين بهم وهم لتكريسهم الجوهري ليسوا من النوع الذي يسوق لنفسه ويجمع الاتباع والمؤيدين عبر الفرقعات الاعلامية والتهييج الديماغوجي للجمهور بقضايا مستهلكة مثل العصبيات الطائفية وتغطية وجه المرأة وقيادتها للسيارة وبرامج التلفاز.. وللأسف حتى القنوات الاسلامية الناطقة بالإنجليزية واللغات الأجنبية تستعين بأكثر المتشددين تطرفا وانغلاقا في العالم الاسلامي، ولهذا ليس من فراغ أن نسبة خطيرة من المسلمين الجدد ينضمون للقاعدة وداعش..