يقول شاعر العربية الكبير: كل من لاقيت يشكو دهره * ليت شعري هذه الدنيا لمن؟ قالها قبل ألف ومائتين عام أو نحو ذلك.. يوم أن كانت الدنيا تنعم بالأمن والأمان والطمأنينة ورغد العيش.. وفجأة أتت الفتن تترى كقطع الليل المظلم يمسك بعضها ببعض أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. نعيش هذه الأيام في كنف الإرهاب الأسود الذي لا يعرف دينا ولا ملة وإنما هي جهالة حمقاء تعبث بعقول الصغار من الناشئة وتسلبهم حق حرية التعبير وتصادر منهم إرادتهم وتحكمهم كالقطيع. عجبي كيف أن أؤلئك الجهلة يفجرون أنفسهم دونما هدف سام يبرر أفعالهم النكراء.. وإنما هم كالبغال بل أضل سبيلا.. حتى البغال لا تأتي بجزء من هذا المنكر.. وما حدث في مسجد القديح ومسجد العنود إنما هي صور مرعبة وموغلة في التدني وتعاطي الرذيلة من غير هدف.. إنما يساقون إلى حتفهم وحتف الآخرين كالأنعام. متى تقوم الساعة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة. صدق حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا لا ندري من وراء هذه الأعمال غير المسؤولة والتى ترعي في أرواح البشر وخاصة المسلمين لا ترقب في ذلك إلا ولا ذمة وبلغ الأمر بضرب بيوت الله في أهداف رخيصة غير مسؤولة.. بل هي تصرفات طحالب البشرية.. وهذه الموجة سوف تنكسر بحول الله وقوته في بلادنا. يقول الدكتور عبدالعزيز محمود بجريدة الأهرام المصرية: تتساقط الأقنعة مع الأيام، ويظهر كل شيء على حقيقته، قد يحدث هذا اليوم، وربما يحدث غدا، لكن الحقيقة لابد أن تظهر، والأقنعة لابد أن تسقط، الخداع قصير العمر، ومهما حاولت أن تخدع لن تخدع، الكذب ممكن بعض الوقت، لكنه مستحيل طول الوقت. الابتسامة لا تعني الحب، والتجاهل لا يعني الكراهية، والدمعة لا تعني التعاطف، وما تراه الأبيض قد يكون الأسود، والبصيرة أن ترى ما لا يراه الآخرون. الموت ليس أعظم خسارة، فنحن نخسر الكثير ونحن أحياء، الألغاز أيضا كثيرة، والعالم مليء بالمتناقضات، يكفي أن تنظر حولك. سمو أخلاق نبي البشرية: نقل عن العالم المصري الشهير الشيخ محمد متولي الشعراوي (رحمه الله) أنه قال: كنتُ أناقش أحد الشباب المتشددين فسألته: هل تفجير ملهى ليلي في إحدى الدول المسلمة حلال أم حرام؟. فقال لي: طبعاً حلال وقتلهم جائز. فقلت له: لو أنك قتلتهم وهم يعصون الله ما هو مصيرهم؟. قال: النار طبعاً.. فقلت له: الشيطان أين يريد أن يأخذهم؟ فقال: إلى النار طبعاً. فقلت له: إذن تشتركون أنتم والشيطان في نفس الهدف وهو إدخال الناس إلى النار!. وعندما يلتفت الإنسان حول مدار الجهات الأصلية والفرعية يرتد إليه البصر خاسئا وهو حسير من جراء دوامة العنف أو ما يسمى بالفوضى الخلاقة (اللا أخلاقية) وما من سبيل إلا أن نفر إلى الرحاب الطاهرة. وروى الإمام البخاري - رحمه الله - في صحيحه من حديث أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: أَسْلِمْ، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ - وَهُوَ عِنْدَهُ - فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ. تلك نمطية سلوكية راقية لخير البشرية وسيدهم لو تحققت الآن لصافحتنا الملائكة في الأسواق.. فرسول البشرية سعى لهداية اليهودي في تجل إنساني سام.. ونحن الآن نقتل بعضنا البعض دونما هدف وإنما هي غوغائية وغابوية.. حسبي الله ونعم الوكيل.