الحرب على داعش وقبلها الحرب ضد القاعدة ليست حربا دينية، أو لا ينبغي لها أن تكون كذلك، ولذلك لا ينبغي أن تنحرف المفاهيم التي تدور حول هذه الحرب إلى الحديث عن الإسلام والكفر والتطرف والاعتدال والتسامح والتشدد، فضلا عن أن يتم الزج بالمذهبية فيها لتصبح حربا متطرفة تشعلها طائفة ضد طائفة أو طوائف تخالفها في المذهب. والإرهاب الذي تمارسه داعش ومارسته قبلها القاعدة لا يمكن أن يجد له مستندا أو مرجعية دينية أو مذهبية مهما كانت الأفكار، التي توهمنا هذه الجماعات الإرهابية أنها تنطلق منها وتستند إليها لتبرير ما تقوم به، متطرفة ومتسمة بالغلو والتشدد. ذلك أن هذه الأفكار لا تتجاوز أن تكون ضربا من الدعاية التي تحاول تلك الجماعات أن تخفي وراءها أجندتها الحقيقية التي تستهدف ضرب أمن دول المنطقة واستقرارها لتحقيق أهداف سياسية لا تمت للدين أو للمذهب بصلة وتستدرج بها مزيدا من الأتباع الذين تتخذهم وقودا لحربها وجنودا لتنفيذ أهدافها. النظر إلى الحرب ضد هذه الجماعات الإرهابية على أنها جماعات تنطلق من مفاهيم دينية من شأنه أن ينحرف بهذه الحرب عن استراتيجيتها التي ينبغي لها أن تكون مرتكزة على قواعد سياسية وعسكرية وأمنية، فضلا عن أن تتحول إلى حرب «كلامية» يختلف فيها أصحاب الفتوى من المؤسسات والعلماء حول تكفير داعش، على سبيل المثال، أو اعتبارها جماعة ضالة «طلبوا الحق فأخطأوه» كما قال مفتي القدس عند سؤاله عن تحفظ الأزهر على تكفير داعش مستشهدا بما قاله الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عن الخوارج. والحديث عن أن داعش وقبلها القاعدة حديث عن «قوم طلبوا الحق فأخطأوا الطريق إليه» لا يبرر الأعمال الإرهابية التي تقوم بها تلك الجماعات الإرهابية فحسب بل يدفع إلى تعاطف خفي معهم وطلب الهداية لهم والانحراف بالمعركة التي هي معركة حياة شعوب أو موتها عما ينبغي لها أن تستند إليه من منطلقات سياسية وعسكرية وأمنية ليس بينها وبين الحرب الدينية أو المذهبية صلة أو علاقة.