حملت مصادر مطلعة شركة المياه الوطنية مسؤولية أزمة المياه في محافظة جدة، مؤكدة ل «عكاظ» أن المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة قامت بضخ كميات كافية من المياه لكن الشبكات التي تديرها الشركة لم توزعها للأحياء، وهو ما تسبب في الأزمة الطاحنة التي تعيشها المحافظة هذه الأيام. وعبر عدد من سكان جدة عن تذمرهم، مشيرين إلى أنه من غير المقبول أن تعطش عروس البحر الأحمر. وقال المواطن خالد عبدالكريم إن أعدادا من أحياء جدة تعاني من أزمة مياه خانقة. الأمر الذي دفع سكان تلك الأحياء إلى التوجه إلى أشياب المياه للحصول على صهاريج «وايتات». وتسبب ذلك في ازدحام وتدافع للمراجعين للأشياب خاصة في فترة المساء. وأضاف: إن فترات توزيع مياه الشرب من خلال شبكة المياه في جدة تعتبر بوضعها الحالي السبب في حدوث هذه الأزمات، لأن بعض الأحياء لا تصلها المياه عبر الشبكة إلا بعد شهر، وبعضها بعد 20 يوما، وأخرى بعد 12 يوما. وهذا يخلق الأزمات، لأن خزان المياه في أي منزل أو عمارة، لا يمكن أن يستوعب مياها تكفي لسقيا السكان لمدة خمسة أيام، فكيف إذا انقطعت المياه عن الوصول إليه لمدة 20 يوما. بينما أبدى حمد العتيبي تذمره من الوضع الذي تمر به مدينة جدة حاليا، والمعاناة التي يتكبدها الأهالي يوميا، حيث يعانون من أزمة الطوابير الطويلة وصعوبة الحصول على أرقام. وهذا الزحام الشديد يدفع البعض إلى الشراء من السوق السوداء التي يصل فيها سعر الوايت سعة 19 طنا إلى 500 ريال. ويفضل بعض أصحاب الأعمال دفع هذا المبلغ الكبير لتفادي الوقوف فترة طويلة لاسيما أن الأعداد تتزايد في مشهد مغاير لما صرح به المسؤولون في الجهات المختصة، وهو ما يدل على غياب الشفافية في التعامل مع الأزمة. وأوضح أنهم لن يستطيعوا أن يستمروا على هذا السيناريو المزعج وارتفاع الأسعار، مبدين مخاوفهم من استمرار الأزمة خلال الأيام المقبلة في ظل اقتراب حلول الصيف بحرارته اللاهبة. كما تذمر العتيبي من الإجراء المتبع في الحصول على الوايت بعدم صرف رقم لحارس المبنى وطلب الموظف حضور المواطن شخصيا. وبالتالي لم يعد أمام المواطنين سوى الحضور إلى المحطة وترك أعمالهم. وناشد الجهات ذات العلاقة لأجل إيجاد حلول وتسهيل الحصول على شراء الماء وإنهاء المعاناة التي تواجه سكان جدة مع قدوم الصيف، مبدين قلقهم من استمرار الأزمة لفترات أطول خاصة في بعض الأحياء التي ليس فيها شبكات العين العزيزية. وقال إن استمرار الوضع كما هو عليه يمنح ضعفاء النفوس استغلال أصحاب العمل بدفع مبالغ كبيرة للحصول على وايت خارج نطاق المحطة، حيث بات الأمر معلقا بين التعرض للخصم من راتب العمل أو الحصول على وايت ماء. وطالب أهالي حي الربوة الجهات المسؤولة عن الأشياب سرعة إيجاد آلية لكيفية الحصول على الماء عن طريق إرسال المكفول بدلا من كفيله. وأبدى المواطن فيصل استغرابه من حدوث أزمة مياه في محافظة جدة جدة قائلا: أصبح الحصول على صهريج الماء من الأمور الصعبة والثقيلة، فبعض الأحياء كانت تعيش الأزمة من عدة شهور. وتعرضت بعض الأحياء إلى سلسلة من الانقطاعات المتكررة، لكن الآن زادت الانقطاعات وامتدت إلى عدد أكبر من الأحياء. ويجب على التحلية إعادة النظر في توزيع ضخ المياه على الأحياء فهناك مشكلة كبيرة يجب التنبه لها ونحن على موعد سنوي صيفا مع مشكلات المياه وانقطاعاتها وأتمنى أن لا يكون هناك انقطاعات وتختفي صهاريج المياه للأبد. وعن تصريحات المياه للمسؤولين في المؤسسة العامة لتحلية المياه والشركة الوطنية قال إنه لايمكنها أن تروي عطش الراغبين في معرفة واقع الحال، فلا دراسات على موقع الوزارة، ولا معلومات يمكن أن تعطي المتابع صورة عن واقع حال المياه. فقد أورد موقع الشركة خيارا تحت عنوان «بحوث ودراسات» وعند الدخول إليه لن يجد المتصفح سوى خمسة أخبار عن عقد اتفاقيات مع جهات للقيام بدراسات حول واقع المياه، مما يعني عدم توفر تلك الدراسات في الوقت الحاضر، لكن الواقع في الميدان، وحالة التذمر التي يبديها الناس تشير بجلاء إلى تردي خدمات المياه، وسط مشكلات «بيروقراطية» وإجرائية، أدت إلى عدم القدرة على السيطرة على شبكة المياه، ففي الوقت الذي بدأ فيه نقل مهمة توفير المياه إلى شركة المياه الوطنية، الشركة الوليدة التي رأت النور قبل خمس سنوات، اقتصرت مهام الشركة في الوقت الحاضر على أربع مدن فقط، وهو ما يعني أن مسؤولية توفير المياه في أنحاء المملكة مازالت مناطة بشكل مباشر بالوزارة، حيث تعمل شركات ومؤسسات وطنية تديرها العمالة الوافدة على تشغيل أغلب مصادر المياه في مختلف المناطق والقرى من خلال ترسية تشغيل وإدارة تلك المصادر على تلك الشركات. ومن ناحيته قال المواطن فهد غيث إن في حي الوزيرية انقطاعا للمياه وفي حي النعيم كذلك بعد أن كانت تأتي المياه كل 10 أيام أصبحت كل شهر مرة واحدة وفي حي البوادي كذلك وعند الاتصال يأتيك وايت الماء بعد 72 ساعة ولازالت المشكلة قائمة. أما أيمن المغربي فعزا سبب أزمة المياه إلى ثلاثة أمور تتمثل في الصيانة التي عملتها المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، وحملات تفتيش الجوازات وهو ما تسبب في هرب عدد من العمالة، خشية القبض عليهم، إضافة إلى عملية تنظيم خروج ودخول الشاحنات لمدينة جدة، لافتا إلى أنه في حال عدم وجود عمليات صيانة لدى المؤسسة العامة لتحلية المياه سيتسبب ذلك في توقف عمل محطة التحلية.. وعن نشأة السوق السوداء خلال هذه الأزمة أوضح أن الشركة الوطنية للمياه لم تضع مراقبين لها خارج مقر الأشياب، لرصد المتحايلين من العمالة الوافدة الذين يبيعون صهاريج المياه بعد تسلمها، مبينا أن تقسيم طوابير الانتظار بين المقيمين والمواطنين ليس فيها عملية «تمييز»، إنما كان ذلك بسبب انشغالات المواطنين اليومية، كما أن عملية تقسيم صهاريج المياه بينهم منصفة، كاشفا عن تعديلات جديدة ستتم في مواقع أشياب المياه.