يبدو أن عمليات إعادة الهيكلة وترتيب مؤسسة الحكم ماضية في مسارها الاستراتيجي الذي رسمه لها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. عمليات ممنهجة تدفع نحو تحقيق هدف التغيير الشامل المتوافق مع احتياجات المرحلة الحالية ومتطلبات المستقبل. ارتبطت منهجية التطوير «السلمانية» بجانبين رئيسيين؛ مؤسسة الحكم، والحكومة التنفيذية. حيث اعتمد التغيير في مؤسسة الحكم على إشراك الجيل الثاني والثالث بقصد ضخ الدماء الشابة لضمان الاستدامة؛ وتحقيق الاستقرار السياسي. تعيين سمو الأمير محمد بن نايف وليا للعهد، وسمو الأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد، جاء متوافقا مع رؤية ولي الأمر الداعمة لعمليات التطوير التي تحتاجها مؤسسة الحكم لضمان الاستدامة؛ ومواصلة العطاء وتأمين المستقبل. أما التغيير في الحكومة التنفيذية فقد اعتمد على كفاءة الأداء؛ وجودة مخرجات الوزراء أنفسهم؛ ورؤيتهم التطويرية للوزارة التي يحملون حقيبتها؛ وحجم رضى المواطنين عنهم. أرسى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية مؤشر الأداء الحكومي الداخلي المتكون من مؤشرات أداء الوزارات الممثلة فيه. اجتماعات المجلس الأسبوعية تحولت إلى جلسات استماع وتحليل للرؤى الاستراتيجية وتقييم للأداء وبما يضمن تحسين مؤشر أداء الحكومة بشكل عام. لم يعد مستغربا خروج وزراء جدد من الحكومة، أو بقاء وزراء أمضوا عقودا فيها، بعد أن أصبح الأداء المعيار المحدد لاستمرارية التوزير. ربط مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بين الأداء والرؤية المستقبلية والخطط الاستراتيجية؛ فالحكومة الناجحة هي القادرة على توقع المستقبل والعمل لتهيئة متطلباته وتوفير احتياجاته وفق رؤى علمية وخطط استراتيجية منضبطة. يواجه الاقتصاد الوطني؛ تحديات كبرى يمكن التغلب عليها من خلال تحقيق كفاءة الأداء الحكومي والتخطيط الاستراتيجي والعمل التكاملي المنضبط المحقق لأهداف القيادة الطموحة؛ وهي أمور تحتاج إلى وزراء قادرين على تنفيذ الخطط المرسومة وتحقيق أهدافها على أرض الواقع؛ إضافة إلى آلية القياس المنضبطة؛ المتمثلة بمؤشرات قياس الأداء. الوصول إلى الأهداف يحتاج دائما إلى وضوح الرؤية ووجود الاستراتيجية والخطط المحكمة والإدارة التنفيذية القادرة على تحقيقها. تحقيق الأهداف ورضى المواطنين أصبحا من أهم مقومات العمل الوزاري في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز. يشكل الاقتصاد أحد الركائز المهمة للمواطنين؛ بسبب ارتباطه المباشر بشؤونهم الحياتية ومصادر رزقهم وآلية عيشهم. فالمواطن البسيط يبحث عن السكن الكريم؛ والوظيفة ذات الدخل المتوافق مع حاجته؛ والتعليم النوعي والخدمات الصحية؛ والبلدية، مقومات أساسية يقيم من خلالها المواطن أداء الحكومة، وتنعكس سلبا أو إيجابا على مؤشر الرضى الأكثر حساسية وأهمية للقيادة. منهجية التطوير والتغيير هي السبيل الأمثل لتحقيق قفزات تنموية نوعية؛ ولضمان استدامة النمو وتحسين الأداء؛ ورفع كفاءة المخرجات التنموية التي يفترض أن تركز كثيرا على تحقيق الأهداف الوطنية الرئيسة، وفي مقدمها التنمية والاقتصاد، والأمن والاستقرار وبما يتوافق مع تطلعات المواطنين ورؤية ولي الأمر. * محلل مالي واقتصادي