دعا سماحة المفتي في خطبة الجمعة مؤخرا إلى احتياجنا إلى التجنيد الإجباري للشباب ليكونوا درعا ضد أعداء الدين والوطن، وحتى نكون على استعداد دائم لمواجهة أي طارئ من الخارج. وأضاف سماحته بأننا نعيش في نعمة الأمن وهي نعمة يحسدنا عليها الآخرون، ومن باب شكر النعمة أن يكون شبابنا في حالة استعداد دائم للدفاع عن الدين والوطن من خلال تدريبهم عبر التجنيد الإلزامي، وختم سماحته بأن التجنيد الإجباري أصبح أمرا مطلوبا لشبابنا لتكون لنا قوة لا تغلب ومدربة تدريبا جيدا. والحقيقة أن التجنيد الإجباري أصبح ضرورة قصوى في زمننا هذا، ليس فقط لأن هناك عدوا يتربص بنا من كل مكان بل لأن التجنيد له فوائد ومميزات عديدة، حيث إن تواجد الشباب من كافة أنحاء المملكة بطبقاتهم وعاداتهم ومستوياتهم المختلفة في معسكر تدريبي واحد بعيد عن العمران والحياة السريعة وبعيد عن الترف والرفاهية والتكنولوجيا، وبعيد عن الأقارب والعلاقات الاجتماعية، الكل فيه يخضع لسيطرة الحزم والانضباط والنظام والخشونة وإطاعة الأوامر، مما سيكون له الأثر الإيجابي على الفرد والمجتمع. لابد أن ينتج ذلك التجنيد جيلا من الشباب فيهم مميزات وصفات حميدة كثيرة منها: أنه سبب قوي لترسيخ الوطنية واللحمة والتماسك بين أفراد المجتمع، وتعزيز الانقياد للنظام واحترام رجل الأمن، وكسر الحواجز والطبقية والعنصرية بين أفراد المجتمع، والانضباط في الطوابير وفي الأماكن العامة والشوارع، ويسعى إلى تقوية أواصر الأخوة وبناء جسور من العلاقات الاجتماعية المختلفة فيصبح المجتمع قويا من داخله، وأهمها بناء جيل من الشباب يتحمل المسؤولية ويفكر قبل الإقدام على أي خطوة. نعم للتجنيد، خاصة أن غالبية المجتمع السعودي من الشباب، حيث إن نسبة السكان دون 29 سنة يشكلون 67 % حسب مركز المعلومات الوطني، أي أنهم قوة حقيقية لهذه البلاد إذا تم استثمارهم وتوجيههم بالطريقة الصحيحة في حالات الطوارئ والأزمات، فضلا عن الرسالة التي سوف تصل لأعدائنا عن قوة وجاهزية أفراد هذا الوطن. يروى أن الفاروق عمر رضي الله عنه قال: «اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم»، والحقيقة أن البطولات والتضحيات والفدائية والإيثار تأتي من مراكز التجنيد الإجباري. فالتجنيد سيكون سببا رئيسيا في انخفاض نسبة التافهين والمترفين والمتواكلين والمتعجرفين والمتعالين واللامبالين والعنصريين في المجتمع. والأهم من ذلك كله أن التجنيد سيجعل الوطن أمانة في أعناق كل فرد وليس كل مسؤول فحسب.