إلى أين يتجه اليمن بعد كل هذا العصف العسكري والسياسي.. في ظل قرار واضح وصريح من مجلس الأمن الدولي الذي فرض عقوبات تحت البند السابع على نجل الرئيس اليمني السابق علي صالح وقيادة جماعة الحوثي ومطالبتها الانسحاب من المدن والمحافظات اليمنية.. كيف يكون المخرج من أجل الاستقرار وعودة اليمن لكل اليمنيين. التاريخ يقول إنه ما من حرب حتى النهاية.. وما من أزمة إلا ولها مخرج يعيد البلدان إلى مسارها الطبيعي، لكن السؤال: كيف؟ في ظل استمرار الحوثي وقوات صالح بالتنكيل بالشعب اليمني والاستفراد بالقرار دون النظر إلى بقية أطياف الشعب اليمني.. «عكاظ» استطلعت رؤى المسؤولين والخبراء حول مصير هذه الأزمة وآليات الخروج من الواقع الصعب.. يرى وزير النقل اليمني المهندس بدر بن محمد باسلمة، أن مستقبل اليمن بأيدي أبنائه وهم من يحددون ذلك وحتى «عاصفة الحزم» جاءت بقرار من الرئيس الشرعي لليمن الذي انتخبه غالبية الشعب اليمني، بعد أن طالب دول مجلس التعاون وفي مقدمتهم المملكة بإنقاذ اليمن من ميليشيات الحوثي المدعومة من ايران، لذا جاء التدخل حازما وسريعا من قوات التحالف الخليجي والعربي لحسم الأوضاع في اليمن، والوقوف مع الشرعية الوطنية التي تمثلنا كيمنيين والتي يجب أن تعود وتسود ربوع اليمن. أما وزير الخارجية اليمني الدكتور رياض ياسين، قال: اليمن لليمنيين ولن يرتهن مستقبل اليمن إلا لشعبه وهو من بيده قرار من يمثل شرعيته وسيكون التوافق بين الفرقاء السياسيين هو الحل الوحيد لعودة الامن والاستقرار في اليمن، وذلك يأتي بدعم كافة الدول التي تدعم الشرعية اليمنية، وتقدم العون في سبيل ذلك دون التدخل في شؤوننا الداخلية. وأضاف: بالطبع لن يكون للمنقلبين على الشرعية أي فرصة للمشاركة في الحوار الذي يجمع السياسيين اليمنيين في الرياض، بل ولن تتاح لهم المشاركة في العمل السياسي عند عودة الاستقرار والأمن لليمن. فهؤلاء المنقلبون هم من ورط اليمن في ازماته المتلاحقة وهم من جعلوا بلادنا تحت طائلة العقوبات الدولية في وقت أكثر ما كان يحتاجه اليمن إلى المساعدات الدولية لبناء التنمية المستدامة. رئيس التكتل الوطني لإنقاذ اليمن عبدالعزيز جباري، قال: 90 % من الشعب اليمني لا يؤيد ما قامت به جماعة الحوثي، وفي مقابل ذلك يؤيدون قيام المملكة بالحفاظ على أمنها من خلال تدمير أسلحة ميليشيات الجماعة. وهذا التأييد ناجم من معرفة اليمنيين لحقيقة مواقف المملكة تجاه بلادهم خلال عقود طويلة ممثلة في دعم التنمية والاستقرار في اليمن إلى جانب استضافة المملكة لقرابة المليوني يمني يعملون في مختلف مدنها. إذا فإن حسابات المملكة الحكيمة القائمة على مراعاة وشائج القربى والمصالح المشتركة مع اليمن، تختلف جذريا عن حسابات جماعة الحوثي التي كانت ولا تزال تعمل على جعل اليمن منفذا للمشروع الايراني في جزيرة العرب. واقع وتاريخ إلى أين تتجه الأوضاع في اليمن.. بعد إقرار مجلس الأمن لعقوباته تحت الفصل السابع؟ - باسلمة: إن ما يعيشه اليمن الان هو حصاد 33 عاما من الفساد والاستيلاء على السلطة برغم أن المحيط الاقليمي بل والعالمي كان يسهم بشكل كبير في محاولة التغلب على مشكلات التنمية اليمنية دون الوقوف أو الاشارة وبشكل واضح للفساد الذي كان يسود السلطة انذاك. فالرئيس المخلوع علي صالح الذي جثم على صدر شعبه لأكثر من ثلاثة عقود وحرم اليمنيين من الاستفادة من الاسهامات الخارجية لليمن الذي لم يشهد طيلة تلك الفترة تحسنا ملحوظا في مستوى المعيشة لدرجة ترتقي على الاقل الى حجم المساعدات التي قدمت لليمن في تلك الفترة. وقال: يجب أن نعود للتاريخ لنعرف كيف وصلنا الى واقعنا اليوم واذا كان الحديث عن التاريخ يجب أن نستذكر معا مواقف الرئيس المخلوع سواء في الداخل او في خارج اليمن، وهي مواقف نمت بسببها الفتنة التي يعيشها اليمنيون اليوم مكبلين لقوى رهنت وطنها للصراعات وللمشاريع التوسعية والتي قادت الجميع الى مجلس الامن. يجب أن نتذكر كيف استولى الرئيس المخلوع علي صالح في حرب 94 على كافة معدات الجيش اليمني وكم كانت حجم ترسانة الاسلحة اليمنية، إلا أن صالح سخر قدرات اليمن العسكرية لقتال شعبه في الشمال والجنوب من خلال قواته الخاصة وعبر ميليشيات الحوثي التي يدعمها. فنحن وبعد أكثر من أربعة أسابيع من بدء الضربات الجوية لعاصفة الحزم لم تستطع الضربات حتى الان القضاء على مخازن الاسلحة التابعة لصالح. وهنا يتساءل المرء: كيف جعل الرئيس المخلوع من اليمن مخزنا هائلا للأسلحة ولمصلحة من؟. - جباري: بسبب حماقات جماعة الحوثي والرئيس السابق، أصبح القرار اليمني ليس في يد القوى السياسية اليمنية بل دفع بالدول الإقليمية إلى الاضطلاع بدورها لحماية أمنها وأمن المنطقة عموما إلى جانب أن العالم كان يرقب وبحذر شديد تطورات الأوضاع في اليمن إلى أن اصدر مجلس الامن عقوباته على المتسببين فيما آلت إليه الاوضاع في اليمن وفي المنطقة. وأضاف: أشعر بالأسف البالغ نحو التطورات في بلادي والتي تسببت بها جماعة الحوثي التي لا تمثل إلا جزءا بسيطا من الشعب اليمني، فنتيجة لحسابات خاطئة من قبل هذه الجماعة انقلبت على السلطة اليمنية وكان نتيجة ذلك أن بدأت الاوضاع في الانحدار وبشكل كبير جدا، ساعد في ذلك أيضا الحسابات الخاطئة من قبل بعض السياسيين اليمنيين وتواطؤ بعض القوى في الجيش والأمن اليمني، وهو ماكشف عنه اعتقال رئيس الجمهورية ووضعه تحت الإقامة الجبرية. حلول قائمة - باسلمة: إن أولى الخطوات التي تزامنت مع عقوبات مجلس الأمن على المعرقلين للتسوية السلمية في اليمن، قيام الرئيس عبدربه منصور هادي بتعيين نائب له في رئاسة الجمهورية. فبعد أن اجتمع بالوزراء الموجودين معه في الرياض، ناشد الجميع العمل لإقامة دولة تنبذ العنف وتنشد الحوار والاتفاق وتعيد الاستقرار لليمن، ولذا كان توجيهه الواضح لكافة السياسيين المتواجدين في الرياض الراغبين في الحوار لأجل مستقبل اليمن، بأهمية الاتفاق على نزع السلاح من كل الاطراف كشرط لبناء دولة مدنية، وإلا فإن على الرافضين لذلك انتظار ما ستسفر عنه «عاصفة الحزم». - الدكتور العامري: يجب أن تعترف جماعة الحوثي المجرمة اولا بجرمها وبمسؤوليتها عما وصلت اليه الاوضاع في اليمن من انهيار تام للاوضاع الامنية والاقتصادية والسياسية بل والاجتماعية. فجماعة الحوثي استطاعت أن توهم الناس في بادئ الأمر أنها جماعة مدنية وليست طائفية وهو الطرح الذي خدع الكثيرين، ليكتشف أنها جماعة مذهبية ليس لها أي مشروع سياسي سوى أنها آلة وذراع للمشروع الفارسي في المنطقة. واستطرد: الحوثيون هدموا المساجد ومنازل كثير من المواطنين، وخلفوا مآسي لم يشهدها اليمن في تاريخه الحديث، فقد هجروا اكثر من 15 ألف نسمة من محافظة دماج وأكثر من 120 ألفا آخرين في محافظات صعدة وعمران وحجة والجوف، فضلا عن المدن في تهامة اليمنية. فهم يقصون كل من يختلف معهم عقائديا وسياسيا وحتى اعلاميا، وهو ما استدعى في نهاية الامر بالرئيس الشرعي لليمن عبدربه منصور هادي الى طلب التدخل لإيقاف الزحف الحوثي الذي وصل الى مدينة عدن والتي انتقل اليها الرئيس مجبرا. - جباري: في ظل الزخم الدولي للتطورات اليمنية، لدينا فرصة حقيقة لتصحيح الاوضاع من داخل اليمن، الذي لا يجب أن يرتهن مصيره لأشخاص او جماعات مهما كانت، فاليمنيون يزيد تعدادهم على 30 مليون نسمة ولا يمكن أن يتحكم في مصيرهم عدة أشخاص مهما كانوا، فاليمن أكبر منهم جميعا. - الدكتور رياض ياسين: لا بد من الرجوع الى طاولة الحوار كي يتمكن الفرقاء اليمنيون من ايجاد حل سلمي للازمة في اليمن، وهو الامر الذي تؤكد عليه وتدعمه الدول الداعمة لقوات عاصفة الحزم والتي تقف مع اليمن لأجل استعادة الشرعية التي رفضتها بعض الاطراف والتي لا تزال تصر على موقفها الرافض للحوار. وقال: الحرب ليست هدفا لقوات عاصفة الحزم لكن المشكلة أن اطرافا يمنية تصر على المواجهة وحمل السلاح في وجه باقي القوى السياسية اليمنية بل وتصر على جعل اليمن مكانا للصراعات الدولية، إذا ستستمر «عاصفة الحزم» إلى أن يتم إلقاء سلاح تلك الاطراف المسلحة. لكن.. لماذا يرتهن مستقبل اليمن لقيادات سياسية طامعة في الحكم والسيطرة؟ - باسلمة: مصير اليمن لا يجب أن يحدده اشخاص بعينهم، فهو أكبر من الحوثي ومن أحمد علي صالح، اللذين فرض عليهما مجلس الامن عقوبات دولية. وقال: اليمن شعب من 30 مليونا ولا يجب ان يحدد مستقبله افراد من شعبه. فصدور العقوبات الدولية على بعض من تسبب في الاوضاع الحالية وخاصة الحوثي والرئيس المخلوع ونجله، يعد فرصة ودفعة كبيرة جدا للوصول الى نقطة الاتفاق بين كافة المكونات السياسية اليمنية. الإقليم والعالم وماذا عن التدخلات الخارجية في اليمن؟ - الدكتور رياض ياسين: إن ما حدث في اليمن حتى الان كان بسبب التدخلات الخارجية، وهو ما رسمته وبوضوح جماعة الحوثي في المشهد اليمني، من خلال انقلابها على الشرعية الوطنية، ومحاولاتها السيطرة على المدن والمحافظات اليمنية، والاستيلاء على مؤسسات الدولة. فاليمن جزء من العالم، لكن لا يمكن لأي دولة أن يرتهن مصيرها لدولة اخرى مهما كانت، لكن وللاسف هذا ما فعله الحوثيون في اليمن. - باسلمة: الايرانيون ليست لهم مصالح اقتصادية في اليمن، وانما ايران تحاول الاستفادة بجعل اليمن ورقة ضغط لمطالبها الاقليمية، فهي تريد أن تتغلغل في المنطقة العربية، وقد اشارت الى ذلك مرارا في تصريحات مسؤوليها، ونحن نرى ذلك اليوم في العراق وسوريا ولبنان، والمحاولات الايرانية للتدخل في قطاع غزة، وهاهي الآن في اليمن، كل ذلك يحدث في ظل غياب دور عربي رادع لأي وجود اجنبي في المنطقة العربية. لذا فإن ايران لن تقف عند هذا الحد من التدخلات في الدول العربية بما في ذلك اليمن، حيث ستستغل نداء المظلومية الذي يردده الحوثيون بأنهم اقصوا من المشاركة السياسية ومعاناة إقليمهم (صعدة) من التهميش والتخلف عن التنمية. لذا علينا كيمنيين أن نفوت هذه الفرصة لمثل هذه التدخلات وذلك من خلال التوجه للتنمية والمشاركة فيها والإيفاء باحتياجاتنا ذاتيا وإيجاد فرص عمل لشبابنا بدلا من الاعتماد على الخارج والانطواء تحت عباءته في سبيل تحقيق مصالح آنية ضيقة لا يستفيد منها اليمن ولا الشعب اليمني. وكيف تعلقون على على افتراء البعض بأن «عاصفة الحزم» تستهدف المدنيين اليمنيين؟ - الدكتور محمد العامري: العالم كله كان ولا يزال يتابع وبدقة غارات قوى التحالف على قواعد وتجمعات الحوثيين العسكرية ومخازن السلاح التابعة للرئيس المخلوع، وهي الغارات التي خرج معظم ابناء الشعب اليمني لتأييدها والتي تشترط قوى التحالف لإنهائها إلقاء جماعة الحوثي وانصار المخلوع السلاح، والاعتراف بجرائمهم بحق اليمنيين الذين قتلوا وشردوا من ديارهم. - الدكتور رياض ياسين: لو نظرنا الى قوات التحالف العربي التي تقود الضربات الجوية ضد الحوثيين ستجد أن تحركها جاء بسبب التهديد الإيراني – الحوثي لبلادهم، ومع ذلك فإن تحركها جاء استجابة للشرعية اليمنية التي انقلب عليها الحوثيون. كما تزامن ذلك أيضا بقيام قائدة التحالف العسكرية وهي المملكة العربية السعودية بالبدء أولا بفتح نافدة للحوار بين اليمنيين قبل البدء بالحملة العسكرية المسماة بعاصفة الحزم. وهنا أود أن أنوه إلى أن المملكة ودول الخليج العربي المشاركة في التحالف قامت بجهد دبلوماسي ناجح في مجلس الأمن الدولي الذي أصدر قرارات ملزمة لصالح عودة الشرعية اليمنية ومعاقبة المتسببين في تداعي الأوضاع في اليمن وفي مقدمتهم الرئيس المخلوع علي صالح ونجله وقيادات جماعة الحوثي. أضف إلى أن قيادة المملكة ومعها دول الخليج العربي تعمل على تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لضحايا المواجهات العسكرية الجارية الآن في عدة محافظات يمنية بين الانقلابيين والداعمين للشرعية اليمنية. وأضاف: بالطبع جل اليمنيين مع الشرعية ومع عودة الأمور إلى سابق عهدها قبل تمدد الميليشيات الحوثية وسيطرتهم بالسلاح على معظم المدن اليمنية، فهناك مقاومة شعبية ضد الحوثيين، كما أن قطاعات واسعة وكبيرة من الجيش اليمني لاتزال تقاوم وتواجه محاولات الحوثيين السيطرة على المدن اليمنية. وهذه القوات ستكون إن شاء الله نواة للجيش اليمني المخلص لوطنه وليس لعناصر أو لجماعة الحوثي وأعوانهم. ما توقعاتكم لمصير الرئيس السابق علي صالح؟ - باسلمة: الرئيس المخلوع كان يعمد منذ ثلاثة عقود حين تقلد السلطة إلى تقوية المؤسسة العسكرية التي تدين له بالولاء لمجابهة كل المخاطر التي كانت تحدق به وهو في سدة الحكم وعمد إلى إثارة النزاعات بين مكونات المجتمع اليمني الواحد تطبيقا لنظرية فرق تسد، لذا قام بالحرب على جماعة الحوثي وكان يدير في الوقت نفسه العلاقة الخافية بين إيران والحوثيين ليشيع عنهم خطرهم على دول الإقليم أملا في ابتزازهم ماديا، كما ابتز دول العالم أجمع من خلال حربه المزعومة على الإرهاب حين أوجد تنظيم القاعدة في الجنوب اليمني ليحظى بعدها بمساعدات إضافية ونوعية اختصها لتطوير قدرات قواته العسكرية. - الدكتور العامري: الرئيس المخلوع علي صالح مهووس بالسلطة وليس له هم سوى العودة إليها، فبعد أن دعم الحوثيين ضد أهل السنة في محافظة صعدة بهدف التخلص منهم ومن خصومه العسكريين الذين يقفون ضد مشروعه في توريث السلطة ها هو اليوم يجعل من جماعة الحوثي مطية للوصول إلى الحكم، بعد أن أفشل اتفاقات السلم والشراكة بين كافة مكونات اليمن السياسية لكنني أرى أن تحالف الحوثيين بالرئيس المخلوع لن يستمر طويلا باعتبار أنه تحالف قائم على المصالح الآنية وليس على رؤية استراتيجية طويلة المدى. - جباري: الأسماء التي قادت اليمن إلى ما هو عليه الآن، انتهى مستقبلها السياسي، سواء كان الرئيس السابق أو نجله، أو عبدالملك الحوثي أوغيره من القيادات الحوثية. - الدكتور رياض سهيل: لا مكان لحملة السلاح في مؤتمر الحوار اليمني وما سيقود إليه إن شاء الله، بل سيقدم كل من تورط في إراقة دم اليمنيين إلى المحاكمة وهو ما ستقوم به الدولة اليمنية إن شاء الله.