قبل أيام تحدث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - عن المبتعثين وعن تنسيق كل احتياجاتهم في أفضل الجامعات وعن مساعدتهم، كما سخر لهم كل السبل للارتقاء بفكرهم، حيث يرتقي الوطن بكفاءاتهم، كما عزز في كلامه دعم رجال الأعمال بتوفير وظائف مناسبة لأجيال المستقبل بحيث سهل لهم شؤون شركاتهم على أن يتم تهيئة وظائف مناسبة، ما أروع هذا الأب الحنون والفكر الراقي الذي اهتم بثمار الغد، ولكن هل فلذات أكبادنا ردوا الجميل بالنجاح ورفع رؤوسنا؟. فخورون جدا بمملكتنا التي فتحت آفاقا كبيرة للمبتعثين حول العالم ولأكبر الجامعات في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يرحمه الله، الذي احتذى بخطاه الملك سلمان، وقد رجع الكثير من شبابنا حاملين شهادات النجاح وأصبحوا مفخرة للوطن. وسؤالى هو لماذا لا يكون لدينا مراكز تدريب وتهيئة للشباب والشابات القادمين من مجتمعات مختلفة لتقبل النقلة النوعية والفكرية قبل الابتعاث لمحاولة الانسجام مع بيئة جديدة واستيعاب ثقافات جديدة وغريبة. وتكون مرحلة تمهيدية مع تهيئة كل طالب بالخرائط ونبذة عن البلد ودورات عن أساسيات التعامل، فالعلم نور ومن منا ولد وهو عالم كلنا نتعلم من المجتمعات الأخرى، والثقافات المتنوعة، مع ضرورة الحفاظ على ثوابتنا وعاداتنا وتقاليدنا ونعتز بها مع التجرد من السلبيات والتركيز على الإيجابيات. والمرحلة الأخرى التي تحتاج للنظر فيها ومنحها أهمية بالغة، هي مرحلة عودة المبتعثين التي يحلمون فيها بوظيفة مرموقة تتناسب مع تخصصاتهم وتقابل جهدهم، ليتفاجأ الكثير منهم بالتعيين في تخصص لا يتفق مع دراستهم، وفي قرى نائية لا تستوعب طاقاتهم، والمصيبة تتضاعف عندما يدخل المبتعث في دوامة التعيين العشوائي كأزمة المعلمين والمعلمات، حيث يعملون في مناطق نائية وتبدأ مرحلة المواصلات والتنقل والسفر، والبحث عن النقل للمناطق الكبرى، وتنتهي خبراته التعليمية وهو في دوامة الوظيفة غير المناسبة. وبهذا يخرج برنامج الابتعاث عن مضمونه، والدولة صرفت عليه مبالغ باهضة قد تذهب في أدراج الرياح إذا لم تساهم مشاريع التوظيف في الاستفادة من تلك العقول بعد العودة. لدينا فكر صرفت عليه الدولة مبالغ باهظة لتعم الفائدة ولنكون مجتمعا صحيا ذا إبداع يساعد في بناء الوطن وحتى لا تذهب المبالغ سدى يجب تنظيم توظيف المبتعثين ووضع كل واحد منهم في اختصاصه.