إذا كانت معاناة العاطلين من خريجي الجامعات السعودية مؤلمة، فتبقى بطالة خريجي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، أكثر إيلاما، لأنهم يفترض أنهم مؤهلون تماما لبيئة العمل، ولكنهم سرعان ما ينضمون إلى صفوف البطالة، شاءوا أم أبوا. وبلغ عدد الطلبة المستفيدين من برنامج الابتعاث نحو 47000 مبتعث ومبتعثة ممن أنهوا الدراسة في الجامعات العالمية، وفي شتى التخصصات ، ويواجه هذا العدد أزمة كبيرة في توفير الوظائف الخاصة بتخصصاتهم ، ويعد تخصص العلوم الطبية من أقل التخصصات ضرراً في مسألة التوظيف ، ولكن خريجي هذا التخصص لم يسلموا من المعوقات التي تجبرهم على المشاركة في صفوف العاطلين . سنوات الدراسة ويعاني الدكتور عبدالله هو أحد الطلاب المبتعثين في التخصصات الطبية، من مشكلة لطالما عانى منها الكثير من الطلاب المبتعثين في المجال نفسه ، وهي التنسيق بين هيئة التخصصات الطبية وبين وزارة التعليم العالي . يقول: «بعد سنوات من الدراسة في الخارج وتحمل مشقة الغربة والبعد عن الوطن والأهل، يتفاجأ المبتعث والمتخصص في مجال الطب من قرارات هيئة التخصصات الطبية والتي تقف حجر عثرة أمام الأطباء الجدد، وذلك لرفضهم بعض سنوات الامتياز في بعض البلدان وإجبار بعض المبتعثين على إجراء اختبارات وإعادة سنة الامتياز من جديد!!، كما أن هيئة التخصصات الطبية رفضت في السابق بعض الشهادات الطبية من بعض البلدان المسموح الابتعاث لها كما حصل للمبتعثين في أوكرانيا والتي حرمتهم فرصة مزاولة مهنة الطب». ويضيف عبدالله : «المعوقات لا تقف عند هيئة التخصصات الطبية فقط ، بل حتى الجامعات السعودية شريكة في سبب دخول الأطباء تجربة العطالة ، وذلك عندما تطالب هيئة التخصصات الطبية بإعادة سنة الامتياز من الطلبة المبتعثين ، يُجبر الطالب على التسجيل في الجامعات السعودية ولكن للأسف فترة التسجيل بالجامعات تكون مرة واحدة في السنة، أي أنه إذا تخرج المبتعث في شهر 7 فلابد أن ينتظر سنة حتى يفتح التسجيل من جديد». وتساءل عبدالله قائلاً : «صدق أو لا تصدق أنه يوجد أطباء عرب ممن درسوا معنا في نفس الجامعة بالخارج يعملون أطباء في المملكة، ولم تطالبهم هيئة التخصصات الطبية بسنة الامتياز كما طلبتها منّا، وأنا لا أعلم لماذا، وعلى أي أساس تقف هذه الإجراءات أمام المواطن ويستثنى منا الوافدون»، وعن مدى قبول الطبيب السعودي للعمل في القطاع الخاص يقول عبدالله : «لن أتردد بالعمل في القطاع الخاص إذا كان المقابل دخلا شهريا جيدا يضاهي المرتب الحكومي ، علمًا بأن المبتعثين غير ملزمين بالعمل في القطاع الحكومي، وهذا يفتح المجال لزملائي الأطباء ممن انتهوا من برنامج الابتعاث إلى الاستفادة من العمل في القطاع الخاص». كبشن: يعد تخصص العلوم الطبية من أقل التخصصات ضرراً في مسألة التوظيف ، ولكن خريجي هذا التخصص لم يسلموا من المعوقات التي تجبرهم على المشاركة في صفوف العاطلين . أصحاب الخبرة وقال حسين الشويل مدير أحد المستشفيات في المنطقة الشرقية :إن نسبة اعتماد القطاع الخاص على الأطباء الأجانب تتجاوز 80% . وأضاف «تحرص المستشفيات في القطاع الخاص على استقطاب الأطباء أصحاب الخبرة في بعض التخصصات مثل جراحة القلب و المخ والأعصاب ، وغالبًا تكون من نصيب الأطباء الأجانب وذلك لعدة أسباب منها أن الأطباء السعوديين يفضلون العمل في القطاع الحكومي ، وأما القطاع الخاص فقليل منهم يشارك فيه بنظام الزيارات، كما أن رواتب الأجانب لا تصل إلى نصف راتب الطبيب السعودي، وهذا عامل مهم يجعل ملاك مستشفيات القطاع الخاص متمسكين بالطبيب الأجنبي «. ويضيف الشويل: «أعتقد أن المملكة بحاجة شديدة للأطباء، والطلب يتزايد يومًا عن الآخر، ولابد أن تكون بداية خطوة إحلال الأطباء السعوديين مكان الأطباء الأجانب من القطاع الحكومي، وذلك بتذليل الصعوبات أمام أبناء البلد المبتعثين وتعيينهم في المراكز الطبية الحكومية في المناطق النائية، والوحدات الصحية التي تعج بالأطباء الأجانب».
توزيع المبتعثين وأوضح الدكتور محمد الحيزان المستشار والمشرف على إدارة العلاقات العامة والإعلام بوزارة التعليم العالي أن إجمالي عدد الدارسين ضمن برنامج الابتعاث بلغ 149742 طالبًا وطالبة، ويبلغ عدد المرافقين في الولاياتالمتحدةالأمريكية وحدها 30704 منهم 8274 يدرسون في مرحلة اللغة، وبذلك يصبح إجمالي عدد المبتعثين بمرافقيهم 69235 + 30704 = 99939 شخص ، علمًا بأن توزيع المبتعثين على التالي : أمريكا 69235 ، الدول العربية 16364 ، بريطانيا 14459 ، كندا 13801 ، أستراليا 8789 ، نيوزلندا 2049 ، أيرلندا 1707 ، الصين 1143 ، ماليزيا 1105 ، ألمانيا 945 ، فرنسا 923 ، بولندا 744 ، الهند 609 ، اليابان 499 ، هولندا 326 ، كوريا الجنوبية 297 ، أسبانيا 256 ، المجر 231 ، التشيك 161 ، السويد 132 ، سويسرا 131 ، سلوفاكيا 77 ، إيطاليا 40 ، أخرى 15719 ، وأضاف الجيزان أن نسبة المبتعثين في مرحلة البكالوريوس 50.2% ، والماجستير 21.2% ، والدكتوراه 5.6% ، والزمالة 2.0% ، وبلغت نسبة المرافقين ممن يدرسون اللغة 10.7% ، و أخرى 10.3% ، أما بالنسبة لتوزيع المبتعثين حسب الجنس فنسبة الذكور 74.6% , ونسبة الإناث المستفيدات من برامج الابتعاث 25.4% ، وأما توزيع الطلاب والطالبات المبتعثين حسب التخصصات فكانت نسبة تخصص العلوم، والهندسة، والصناعات الإنتاجية والبناء، والعلوم الطبية والصحة، والخدمات الاجتماعية 49.2% ، وتخصصات العلوم الاجتماعية، الأعمال التجارية، القانون 36.1% ، وتخصصات الزراعة والخدمات الأخرى 9.9% ، و الدراسات الإنسانية والفنون 2.8% ، والتربية 2.0% ، وقد بلغ عدد الطلبة الذين تخرجوا حتى تاريخه أكثر من 47000 مبتعث ومبتعثة. مكافأة مبتعث وأضاف الحيزان: «بالنسبة لعائد البرنامج على المبتعث والمرافقين فسأمثل عليها وفقاً لما هو معمول به أمريكا بوصفها أكثر الدول استيعاباً للمبتعثين وتتلخص في دفع الرسوم الدراسية كاملة، ومكافأة المبتعث فهي قرابة سبعة آلاف ريال، وتحديداً في أمريكا 1848 دولارا، يحصل المرافق (الزوجة – الزوج أو أب أو أخ) على قرابة 50% وهي تحديداً في أمريكا مبلغ 978 دولارا، وفي حال التحاق المرافق بالدراسة الأكاديمية يتلقى مكافأة مبتعث. الأطفال من الأول حتى الرابع 25%، الأطفال من الخامس فما فوق على مبلغ مقطوع مقداره عشرة آلاف ريال سنوي، وتذاكر سفر سنوية إلى المملكة ، وإلى مقر البعثة للجميع ، تأمين طبي شامل وفاعل حول العالم ، حتى في حال التواجد في المملكة . مكافأة تميز في كل فصل دراسي وهي (مخصص شهر بدون البدلات لمن يحصل على معدل أعلى من 3.9) ثم تتدرج إلى أقل من ذلك حسب المعدل الدراسي . مكافأة قائمة العميد (مخصص شهر بدون البدلات) حسب قائمة كل جامعة . مكافأة تسجيل اختراع علمي (مخصص شهر بدون البدلات) . مكافأة إنجاز علمي محكم (مخصص شهر بدون البدلات) . مكافأة إنهاء اللغة قبل سنة (مخصص شهر بدون البدلات)، ولا تنطبق على من تلقى تعليمه باللغة الإنجليزية قبل الالتحاق ببرنامج اللغة . يمكن المبتعث من حضور مؤتمر في كل مرحلة . عدد المتقدمين لبراءات الاختراع في أمريكا مائتا مبتعث، أجيز منها 12 براءة اختراع، وتتولى الملحقية دفع تكاليف التسجيل التي قد يصل بعضها إلى قرابة 25 ألف دولار.
الخوف والتوجس من المصير الوظيفي حين العودة للوطن
مختصون: الدراسة بالخارج فكرة رائعة دولياً .. ومتواضعة محلياً ويعد ابتعاث الطلاب والطالبات للدراسة في الجامعات العالمية أحد أهم وسائل تنمية الموارد البشرية على الأقل من الناحية النظرية، ولا شك أن إحداث تغيير في البنية الاقتصادية والنظم الاجتماعية والسعي في اللحاق بركب الأمم المتقدمة، يتطلب ثقافة اجتماعية جديدة وفكرا اقتصاديا مبدعا ومبتكرا وتوجها نحو التطور في جميع المجالات، ولكن من الخطأ تطوير كفاءة ومهارات ومعارف الشباب والشابات ورفع سقف توقعاتهم دون تعزيزها بتخطيط وبرامج توعوية يستطيع من خلالها المبتعث استيعاب تلك المهارات والمعارف العلمية، مع الاحتفاظ بعاداته وسماته الشخصية. تجارب ومعايير ويرى الدكتور فهد العيار الاستاذ المساعد بجامعة الملك سعود بقسم الاعلام أن برنامج خادم الحرمين الشرفين للابتعاث برنامج وطني يهدف الى الاستثمار في ابناء وبنات البلد واعدادهم الاعداد العلمي الجيد من خلال منحهم فرصة التعليم في أرقى جامعات العالم لكي يعودوا مسلحين بالخبرات العلمية، وليشاركوا بفاعلية في تنمية ونهضة البلاد في كل المجالات في حين انه مهما انفق عليهم من مبالغ، فالمردود الايجابي ونفعهم المتوقع للوطن اكثر، فلا يعد الانفاق على مبتعثينا مهما كثرت الخسارة هدرا بل هو جزء مهم من متطلبات الاستثمار». لا شك بأن الدولة تهدف من خلال برامج الابتعاث الى الاستفادة من خريجينا المبتعثين للعمل في قطاعات الدولة المختلفة بل حتى في القطاع الخاصواضاف العيار «لا شك بأن الدولة تهدف من خلال برامج الابتعاث الى الاستفادة من خريجينا المبتعثين للعمل في قطاعات الدولة المختلفة بل حتى في القطاع الخاص لذلك التخصصات التي يبتعث اليها المبتعثون هي ضمن المجالات التي يتطلبها سوق العمل»، مضيفاً «صحيح أن هناك منافسة على استقطاب المتميزين من المبتعثين لذلك أنا متفائل كثيرا في مبتعثينا وفي عطاءاتهم وانجازاتهم للوطن الذي ينتظرهم ويترقب مجيئهم بأسرع وقت». ويتابع العيار «الأمر لا يتطلب نصحا بل تأكيدا على استمرار الابتعاث في التخصصات والمجالات التي يتطلبها سوق العمل مع تنوع دول الابتعاث والتركيز على دول شرق اسيا كاليابان وكوريا والتي باتت تتبوأ جامعاتها مكانة علمية رائدة وبالذات في المجالات الهندسية والتقنية. كذلك لا بد من الاستفادة من تقييم برنامج الابتعاث في كل دولة وبشكل سنوي بحيث يتم تلافي أي عقبات ومشاكل تواجه طلابنا في تلك الدول المعنية». موضحا «نستطيع أن نحدد مجالات التميز في كل دولة أو قطر أو قارة فالدول الغربية بطبيعة الحال تختلف عن دول شرق آسيا فقد تكون دول تسبق دولا في مجالات تخصصية محددة وقد تأتي دول جديدة وتتفوق في مجالات تخصصية أخرى المهم لا بد من الاعتماد على التقييم وعلى نتائج مراكز البحث والقياس العالمية ولجان الاعتماد الأكاديمي الدولية»
الابتعاث فرصة للتعليم في ارقى جامعات العالم
مسؤولية من الوظيفة وتؤكد الاعلامية والكاتبة تهاني الدوهيم حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز على اتاحة الفرص للابتعاث, وفتح نوافذ للمعرفة والعلم والثقافة، وذلك لصناعة جيل معرفيّ لذلك فبرنامج الابتعاث حاجة مُلحة أمام عدم توفر كثير مِن التخصصات في التعليم لدينا، فجميل لو قدِم لنا نخبة من المبتعثين ما ننتظره منهم، ففي ذلك العلم وتبادل الحضارات, ولما في ذلك من رقي للوطن وأبنائه». وتمنت الدوهيم ان تكون المبالغ التي صرفت على البرنامج مجزية ومنصفة لتشجيع المبتعث على إكمال تعليمه فمن حق المبتعث أن يرتقي ويقدّر بذلك أنه مبتعث ليّكون ذاته وينمو بمجتمعه الذي ينتظر منه الإنجاز والفائدة، وبالتأكيد لقد استفادت الدولة من برنامج المبتعثين لا سيّما أنها خطوة فاعله تبرز ملامحها في رقي المجتمع»، مضيفة «نرى أن ابناءنا وبناتنا لديهم القدرة على العلم والتعلّم وايجاد حضارة نامية متكاملة، ليزرعوا بذلك انتماء وتفاعلا شعبيا ملحوظا تحتاجها كافة المجالات في الوطن». واشارت الدويهم «ليس كل مبتعث حقاً مبتعث ! حيث لو اطلعنا على مستوى عدد من المتخرجين لوجدنا أن مستواهم الدراسي ضعيف جدا، ألا نرى بأنهم عددا زائدا ومسؤولية مضافة للمسؤولية الحقيقية للملحقية وجهاز التعليم ؟!!.كما أنه يجب على برنامج الابتعاث التعريف بنفسه أكثر، وذلك بوضع معايير أكثر صرامة، مثال من كان مستواه الدراسي منخفضا يعود لأرض الوطن! أجد أن ذلك منصف ليفرق المبتعث بين ابتعاثه للدراسة وبين اللهو، كما يجب أن يغيب مفهوم الواسطة في مجال الابتعاث، ويجب توفير برامج دينية وتأهيلية أيضا للمبتعثن والحرص عليهم ومتابعتهم حتى أثناء ابتعاثهم لتأصيل مبدأ الجودة في روح كل مبتعث. فالجودة طريق للنجاح. الابتعاث له مفهوم واحد يقتضي الإنجاز وجلب حضارات وعلم يستفيد منه مجتمع المبتعث، الابتعاث همّ تعليمي وحضاري عيونه للسماء دوماً. فيجب على كل مبتعث أن يحمل مسؤولية نفسه, ويحافظ على دينه ويكون سفيرا لوطنه».
العائدون من الابتعاث لم يجدو لهم موطئ قدم في خدمة وطنهم
أعضاء الشورى: «العمل» تتحمل مسؤولية بطالة المبتعثين دعا أعضاء مجلس الشورى إلى إيجاد آلية تضمن توظيف خريجي برنامج الابتعاث عقب عودتهم من الخارج، محملين وزارة العمل مسؤولية هذا الأمر، لضمان الاستفادة من الأموال التي أنفقتها المملكة على هؤلاء الطلبة. وطالبوا بضرورة دعم الشباب السعودي من المبتعثين للعمل في المملكة وأن تتعاون كافة الجهات المعنية باستيعابهم وتوظيفهم والاستفادة من خبراتهم وتجاربهم وتقدير طول مدة السنوات التي قضوها خارج حدود البلاد للدراسة وتحمل غربة البعد عن الوطن والأهل للرجوع بأفضل الشهادات والخبرات المعرفية على الرغم من أن هذا لم يشفع لهم بعد رجوعهم إلى المملكة حيث أصبحت أعداد كبيرة من المبتعثين أرقاما تضاف إلى أعداد العاطلين عن العمل. حملة الدكتوراه ويقول عضو اللجنة التعليمية والبحث العلمي بمجلس الشورى الدكتور أحمد آل مفرح: إن «برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث ساهم في استفادة المبتعثين من الشباب السعودي من تجارب الدول التي درسوا وتعلموا فيها والاطلاع على ثقافات الدول المتقدمة للاستفادة منها مثلاً الاستفادة من خبرة اليابان في مجال الدراسات البترولية والهندسة إضافة إلى كوريا والصين والدول العربية والإسلامية مما يساهم في تطور تجربتنا السعودية»، مضيفاً: ان «إحدى العقبات التي واجهت برنامج الابتعاث هو أعمار المبتعثين حيث تم حل هذا الموضوع وتحديد الاختصاصات المطلوبة في العلوم التقنية الحديثة كما أن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث ركز في جميع مراحله على تنوع الدول والثقافات ليتيح اختيار الأفضل أمام الدارسين». وأكد عضو مجلس الشورى أن التحدي الكبير هو التوظيف بعد السعودة مضيفاً ان الشباب «ذهبوا للدراسة خارج الوطن تعبوا وتحملوا الكثير من المعاناة ويجب أن تتاح لهم الفرصة في التوظيف مثل غيرهم وخصوصاً الجامعات السعودية التي من المفروض أن تستوعبهم وأن يعيد مدراء الجامعات النظر والتغاضي عن بعض الشروط في التوظيف من خلال التقدير أو التخصص في مرحلة البكالوريوس»، مضيفاً انه «يوجد لدينا في اللجنة التعليمية والبحث العلمي في مجلس الشورى ملف يضم العديد من أصحاب المؤهلات ممن يحملون درجة الدكتوراه والماجستير لم يجدوا وظائف»، موضحاً أن «مجلس الشورى يسعى للإسهام في حل مشاكلهم من خلال التنسيق مع الجهات ذات العلاقة مثل وزارة العمل ووزارة التجارة ووزارة التعليم العالي». وطالب الدكتور آل مفرح وزارة التعليم العالي ب»توظيف المبتعثين في الجامعات إضافة إلى القطاع الحكومي والقطاع الخاص» مضيفاً ان «الشباب السعودي المبتعثين مؤهلون وهذه الجهات ليس لها عذر في توظيف الشباب وتفضيل العامل الأجنبي على المواطن»، متمنياً من وزارة «العمل في حل هذه الإشكالية وأن يتعرف القطاع الخاص في المملكة على برنامج الابتعاث والدول التي يبتعث إليها السعوديون خارجياً للاستفادة من البرنامج». تعاون الجميع ويتحدث عضو مجلس الشورى الدكتور سعدون السعدون ان «برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث من البرامج الناجحة وساهم في زيادة واستفادة أبناء الوطن من التعليم والاطلاع على ثقافات وحضارات مختلفة ومتعددة وسيستفيد أبناء الوطن من تطور التعليم في العديد من الدول المتقدمة في تخصصات مفيدة مثل الطب وغيرها من التخصصات وسيستفيد الشباب من خريجي الابتعاث وسيعود بالفائدة على الجميع»، متمنياً من القطاعين الحكومي والخاص «التنسيق مع وزارة التعليم العالي للاستفادة من المبتعثين وإعطاء الفرصة لهم لإثبات وجودهم فالشباب السعودي مبدع في كافة المجالات ويحتاج إلى الصبر ومن يقف معه ويمنحه الفرصة كي يبدع ويخدم مجتمعه ووطنه». توفر فرص العمل ويذكر عضو مجلس الشورى سابقاً بدر الحقيل أن «برنامج الابتعاث من البرامج المهمة في تنمية شباب الوطن في شتى المعارف والعلوم»، مطالباً أن «يتم حصر الابتعاث في بعض التخصصات التي يحتاجها الوطن مثل الطب والهندسة والأقسام العلمية»، مضيفاً ان «عدم حصول المبتعثين على فرص عمل بعد رجوعهم من الابتعاث غير مبرر في ظل توفر الكثير من فرص العمل خصوصاً في الجامعات والقطاع الخاص الذين يشكون من عدم وقلة وجود الكفاءات السعودية»، متمنياً أن يتم عمل مواءمة بين الابتعاث وفرص العمل المطلوبة لشغلها من قبل الشباب السعودي». فرص العمل ويوضح حمد القاضي عضو مجلس الشورى السابق أن «برنامج خادم الحرمين الشريفين برنامج ممتاز ومهم من أجل شبابنا لاكتساب العلم في جامعات متقدمة ورفيعة المستوى والاستفادة من تجارب الآخرين وتنمية مهارات الشباب وخبراتهم»، مضيفاً ان «توظيف المبتعثين بعد عودتهم للمملكة ليست مشكلتهم وحدهم فحتى خريجي الجامعات السعودية يعانون ولا يجدون من فرص عمل»، مضيفاً انه «يوجد خطة من الحكومة لتوفير فرص عمل للشباب في القطاع الحكومي والخاص وسيستفيد منها الجميع سواء العائدين من الابتعاث أو خريجي الجامعات في المملكة».
خالد الاسمري
الأسمري: التفاوت بين الواقع والحلم يفسد الاستفادة من المبتعثين من جانبه قال خالد الاسمري المدرب في التنمية البشرية: إن كلاً منا يحمل في مخيلته حُلُما يتصوّر به واقعه، وعندما بدأ برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، كان حلما ينتظره الكثيرون من الشباب والشابات، ووضعه كل منهم ضمن أجندة حُلُمه الذي سيحقق من خلاله الطموح، ليتجاوز واقعه الذي رآه قد تعثر بكثير من أمثاله في عدم التحاقهم بأية وظيفة يستطيع من خلالها بناء حياته بشكل أفضل. واستطرد الاسمري «المبتعث سافر وعاش الغربة وارتوى قسوة الصدمة الحضارية، ولكن طموحه وحلمه وشوقه لوطنه لم يفارقه، قاوم كل المتاعب واستبسل في بناء ذاته لينهي كل ما كان يخطط له ويعود إلى وطنه ، متلهِّفا على احتضان ترابه ويرغب في المساهمة لبنائه ونقل تجارب الأمم الأخرى إليه .هذا الحلم الممزوج بالطموح والتوثب أصطدم بأزلية العائق لدينا، لم يكن هناك تخطيط ورؤية واضحة لاستيعاب هؤلاء الشباب، كأن السوق لم يدخل ضمن مدخلات ومخرجات الابتعاث، تماما كما هو الحال في التعليم لدينا بين المدخلات والمخرجات، وإلا لما صدمنا بأن هناك 15 ألفاً عائدين من الابتعاث لم يجدوا لهم موطئ قدم في خدمة وطنهم ، وربما كان التركيز في الابتعاث على الاكتفاء الذاتي لوزارات الدولة المختلفة . اضافة لذلك أن القائمين على البرنامج قد أعدوا التهيئة للمبتعث حتى يعيَ أنظمة الدولة الأخرى، ولكنه لم يضع في رؤيته ماذا بعد عودته ؟ مسؤولية من ؟ ومامقدار الشراكة مع القطاع الخاص ، حيث إن الشركات الكبيرة الرافدة للوطن كأمثال سابك وأرامكو لديها برنامج ابتعاث كذلك، وكأن الأمر لدينا فيه اختلاط في الرؤية لهذا البرنامج بين القطاعين العام والخاص .» وأوضح الاسمري ان خادم الحرمين الشريفين يسعى ليرى أبناءه وقد عادوا لبناء وطنهم ، وقدموا له الشكر بالأفعال في تقدمه وازدهاره .البرنامج في مجمله يسعى لتغيير نمط تفكير ، والامتزاج بثقافات أخرى لنقلها إلى الوطن ، ولكن إن لم يجد هذا المبتعث العائد من وعثاء الغربة وكدر الوقت ما يتمناه ويحلم به ، فهو سيتحول إلى ناقمٍ لا محالة سواءً من نفسه أو وطنه الذي لم يستطع أن يحتضنه ويساهم في تقدمه».
مبتعثو الدكتوراة والماجستير يلجأون لمواقع التواصل بحثا عن وظائف أجبرت البطالة التي يعيشها المبتعثون السعوديون مجموعة منهم من حملة الماجستير والدكتوراه، على إطلاق حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملات من أجل البحث عن وظائف، بعد أن وجدوا أنفسهم في عداد العاطلين عن العمل رغم شهاداتهم العليا وتخصصاتهم النادرة وكان من بين الحملات حملة مثمرة وهي عبارة عن حملة وطنية تستهدف توظيف المبتعثين في جميع أنحاء العالم عند عودتهم إلى الوطن كما دعا مؤسسو الحملة الطلاب المبتعثين إلى التسجيل والمساهمة في نشر الحملة. وذكرعدد من الطلبة السعوديين العائدين من بريطانيا وايرلندا والصين واليابان في مواقع التواصل الإجتماعي أنهم يعانون رفض توظيفهم في بعض القطاعات الحكومية، وعدد من مؤسسات القطاع الخاص بسبب عدم رضاء المسئولين في هذين القطاعين عن الدولة التي درس فيها المبتعث وحصل على شهادته منها. مبرِّرين ذلك بأن الدولة التي أوقف عنها الإبتعاث من قبل وزارة التعليم العالي مؤشرٌ على عدم الاقتناع بشهادة مبتعثيها، وبالتالي عدم جدارتهم بفرص العمل. أصبح عاطلا وتحدث قريب الدكتور محمد سعيد الذي لجأ في وقت سابق للصحف لعرض مشكلته ،حيث أصبح عاطلاً عن العمل بعد نيله شهادة الماجستير والدكتواره في الطب البديل من جامعة صينية ،وكتب قريب سعيد في أحد المواقع الإلكترونية عن السنوات التي قضاها محمد مثابراً حتى حصوله على درجة الدكتوراه، موضحا أن محمد خريج جامعة الملك سعود بكالوريوس علوم طبية تخصص بصريات ،وكان موظفا حكوميا لأكثر من عشر سنوات ،ثم فكّر أن يدرس عِلماً عريقا وله مستقبل ،وأصبح البحث عنه يزداد فذهب للصين ودرس الماجستير على حسابه الخاص في الطب الصيني ،وتمّ إلحاقه بالبعثة قبل حصوله على الماجستير بثلاثة اشهر ،وطلب تحويلها للدكتوراه في نفس التخصص ،وتمّت الموافقة وأكمل الدكتوراه وخلال دراسته حصل على الطالب المثالي في الصين على مستوى الطلاب الأجانب ،واضاف :عند عودته لم يتم تصنيفه ليمارس عمله الذي درسه على مدى ست سنوات ويضيف قريب سعيد:أنا أعلم علم اليقين بأنه تم تصنيف أكثر من شخص تحت نفس المسمى وهم حاصلون على دبلوم فقط وليس دكتوراه. جامعة استرالية وذكر العائد من الإبتعاث فهد الشمري أنه درس في جامعة استرالية ،وبعد عودته لم يجد عملاً وذكر الشمري بأنه رأى إعلانات لشركات سعودية وخليجيه في استراليا تستهدف توظيف المواطنين الاستراليين في الوقت الذي هو يبحث عن وظيفة ولم يجد . من جهته ،ذكَر وكيلُ وزارة التعليم العالي لشؤون البعثات سابقا د. عبدالله بن عبدالعزيز الموسى في لقاء سابق أنه في برنامج خادم الحرمين الشريفين: «أدرجت كافة تخصصات الابتعاث بناءً على حاجة سوق العمل». ويضيف: إن برنامج التخصصات يحتوي على 19 تخصصاً في 27 دولة، وأن التنسيق يتم بشكل مستمر مع القطاع الخاص ممثلاً بالغرف التجارية، ومع وزارتي الخدمة المدنية والعمل للبحث في الوظائف الشاغرة، ومنها تنطلق تخصصات برنامج الابتعاث من الدرجة الجامعية حتى الدراسات العليا. ويضرب د. عبدالله الموسى مثالاً حيّاً في هذا المجال بأن إحدى الجامعات السعودية استقطبت 825 مبتعثا عائدا من الخارج دفعة واحدة. مشيراً إلى أن وزارة التعليم العالي تتلقى كل يوم طلبات من جامعات سعودية في مختلف المناطق تبدي فيها رغبتها في الحصول على قوائم المبتعثين للتنسيق معهم واستقطابهم فور انتهاء دراستهم وعودتهم من البعثة. وعمّا يقال: إن هناك مشكلة «بطالة» تواجه عددا من المبتعثين والمبتعثات العائدين لأرض الوطن خاصة من حاملي الماجستير والدكتوراه.. قال د. الموسى: «وزارة التعليم العالي عقدت ورش عمل مع جهات حكومية عدة بينها وزارة العمل، والغرفة التجارية الصناعية، ووزارة التخطيط، وصندوق تنمية الموارد البشرية لمناقشة الفرص الوظيفية في سوق العمل للأعوام الخمسة المقبلة»، لافتاً إلى أن وزارة التعليم العالي حريصة على أن تتلمس حاجات سوق العمل فنحو 58 إلى 60% من التخصصات علمية بحتة والبقية في علوم مطلوبة في السوق. وقال:«لن يمثلوا أية مشكلة في سوق العمل المحلي». مفيداً أن برنامج خادم الحرمين الشريفين للإبتعاث الخارجي أعاد تهيئة المبتعثين المنتسبين لتخصصات أدبية ليس لها مجال في سوق العمل بالمملكة من خلال تأهيلهم من جديد للدراسة في تخصصات أخرى يحتاجها السوق، مثل الموارد البشرية، والمحاسبة، والتسويق، وغير ذلك»، موضحاً أن ذلك «يتم بالتنسيق مع عدد من الجهات الحكومية لمعرفة ما تتطلبه خطط التنمية في البلاد وسد النقص في الموارد البشرية بأي مجال تتم الحاجة إليه». وبين الموسى أن «لدى وزارة التعليم العالي لجنة استشارية، تتابع بيانات منظمة العمل والعمال الدولية ومنظمة اليونسكو العالمية، المعنية بتحديد حاجات الدول من التخصصات الدراسية لتحقيق التنمية، لتتماشى خططها في برنامج الإبتعاث الخارجي مع ما يتم تحديده عالمياً من حاجات المجتمع، والمجتمع السعودي منها، في تخصصات الطب، والهندسة، والحاسب، وغيرها»، مؤكداً أن «البرنامج يسير حتى الآن وفق ما خُطط له في المملكة، وبما يتوافق مع التقارير العالمية الخاصة بتنمية الدول».
«العمل»: توظيف المبتعثين خارج نطاق اختصاصنا ذكر مدير فرع وزارة العمل في المنطقة الشرقية مناع المناع أن إدارة الموارد البشرية في وزارة العمل هي إدارة مركزية موجودة بالرياض، مضيفا أن وزارة العمل لديها برنامج ابتعاث خاص بها. وعن استحداث وظائف للمبتعثين ذكر المناع بأنه ستتوفر خلال الايام القادمة 200 وظيفة بوزارة العمل». ونوه إلى أن «التوظيف في القطاع الخاص أصبح لا يعني الوزارة بل يعني صندوق تنمية الموارد البشرية، ودور وزارة العمل يعد رقابيا على القطاع الخاص والتأكد من وجود السعودة فيها». وتم الاتصال بالمتحدث الرسمي لصندوق تنمية الموارد سلطان السريع وطلب إرسال الأسئلة على الايميل ولم يصل شيء الى وقت مثول الصحيفة للطبع. كما تم ايضا ارسال اسئلة تخص الموضوع للمتحدث الرسمي لوزارة الصحة د.خالد مرغلاني، ولكنه لم يتفاعل.