الاستثمار في الموارد البشرية المحلية من خلال برامج الابتعاث الخارجي يعتبر من أهم وسائل التنمية البشرية التي حرصت حكومتنا الرشيدة عليه خلال السنوات الماضية، والسؤال المهم هنا: هل استفدنا من هذا الاستثمار أم فشلنا فيه؟ برامج الابتعاث تعتبر من البرامج التنموية المهمة ولكن مازالت متواضعة محلياً، بسبب ضبابية الإستراتيجية الوطنية في استغلال تلك الموارد بالشكل والوقت الصحيح بعد تخرجهم، ومن المهم أن يتم الاعتراف (أولاً) بخطأ التوزيع العشوائي للتخصصات في الفترة السابقة، وبالتقصير الحاصل في البرامج التوعوية للمبتعثين قبل التخرج، وغياب إستراتيجية توظيف تلك الأعداد الهائلة من الخريجين وتهيئتهم بالشكل الصحيح قبل عودتهم لأرض الوطن بعد عناء الغربة، ومن ثم التحرك الجاد من الأطراف المعنية لإيجاد الحلول السريعة للاستفادة من الموارد البشرية المحلية التي تم استثمار مبالغ ليست بقليلة عليهم في فترة الابتعاث ليعودوا مسلحين بالخبرات العلمية ويشاركوا بفاعلية عالية في تنمية ونهضة الوطن وحتى يتحقق الهدف الرئيسي في إحداث تغيير في البنية الاقتصادية والنظم الاجتماعية في المملكة. الواقع أن نسبة كبيرة من خريجي برنامج الابتعاث أصبحوا مجرد أرقام أضيفت لأعداد العاطلين عن العمل، وانصدموا من صعوبات الحصول على وظائف بعد سنوات الغربة التي قضوها أثناء فترة الدراسة، واللوم لا يجب أن نلقيه على طرف واحد في سبب دخول هؤلاء الخريجين دوامة البطالة، ولكن هناك غياب مشترك في التنسيق بين أكثر من جهة ويجب معالجته حتى نصل لتحقيق الفائدة المرجوة من استثمارنا في مواردنا البشرية المحلية. وتعتبر تهيئة الخريجين مبادرة من أهم المبادرات التي يجب التركيز عليها وذلك بتكثيف البرامج التوعوية للمبتعثين قبل تخرجهم والعمل على عدم رفع سقف توقعاتهم بعد العودة لأرض الوطن حتى لا يصدموا بالأمر الواقع في ظل المتغيرات العديدة التي تطرأ على سوق العمل السعودي، ومن المبادرات المهمة أيضاً إيجاد آلية لتوظيف خريجي برنامج الابتعاث (في نفس تخصصاتهم) بعد عودتهم من الخارج، ويفضل أن تكون بداية تلك الآلية قبل تخرج المبتعث بسنة حتى يكون هناك مجال أوسع في توظيفهم سواء في القطاع الحكومي أو الخاص. معارض المهنة في بعض دول الابتعاث والتي قامت بها وزارة التعليم العالي ممثلة ببعض ملحقياتها الثقافية تستحق الثناء، ويجب أن تعمم على جميع دول الابتعاث، وتلك المعارض ينبغي ألا تكون فقط كمحطة لعرض عدد من الوظائف والتي قد لا تشمل جميع تخصصات المبتعثين، ويجب علينا تطويرها واستغلالها لتهيئة (الخريجين) و(المتوقع تخرجهم) قبل عودتهم وعمل توازن لسقف توقعاتهم مع واقع سوق العمل قبل عودتهم وذلك من خلال ورش عمل فعالة.