أجمع مثقفون وكتاب وإعلاميون على تميز علاقة الملك سلمان بن عبدالعزيز بالثقافة والمثقفين، وعزوا العلاقة المائزة إلى شخصيته المثقفة وعقليته الحوارية وسعة أفقه وأريحيته وصلته الوثيقة بالأدباء والمفكرين السعوديين والعرب وقدرته على سبر أغوار ما يكتب وينشر والتمكن من الحوار الجاد. ويؤكد وزير الثقافة المصري الدكتور جابر عصفور، بأن القيادة السعودية الحكيمة المتمثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقدرته على مواجهة التحديات التي تواجه أمتنا العربية، والتعامل معها بحكمة واقتدار، تؤكد أن لدى خادم الحرمين استراتيجية سياسية واضحة وعميقة، وبفضل تعاونه مع الرئيس عبدالفتاح السيسي تستطيع الأمة العربية أن تتجاوز محنتها، وتعبر إلى بر الأمان، متجاوزة كل التحديات والمواجهات الظلامية الضارية، لافتا إلى أن العلاقات المصرية السعودية علاقات تاريخية راسخة، وغير قابلة للتشكيك أو المزايدة، فمصر لا غنى لها عن المملكة العربية السعودية، وكذلك السعودية لا غنى لها عن مصر، كون القطرين الشقيقين هما الكتلة الصلبة المتماسكة الباقية للدفاع عن الأمة العربية، وبغيرهما قد تنهار الأمة العربية بأكملها، لافتا إلى أن العلاقات المتينة بين البلدين تؤكد دائما المعنى الحقيقي للشراكة والتعاون المثمر على صعيد العمل السياسي، والاقتصادي، والثقافي المشترك، في أبهى صوره. وأضاف عصفور بأن مصر والسعودية تمثلان العمود الفقري للأمة العربية خاصة في هذه المرحلة الحرجة التي تشهد انهيار العديد من البلدان العربية تحت المؤامرات والضربات العشوائية للإرهاب الأسود، من الجماعات التكفيرية والجهادية المتطرفة، التي ما زالت تضرب أمتنا العربية هنا وهناك، وتهدد الوجود العربي بأكمله، في ظل الصمت والتآمر الدولي المريب الذى يسعى لزعزعة استقرار وأمن الدول العربية، وإشاعة الفوضى في أرجاء الأمة العربية. وينقل الباحث الدكتور محمد الرميحي عن المرحوم الدكتور غازي القصيبي في كتابه حياة في الإدارة عن الملك سلمان، فيقول: إنه يخرج من البيت واضعا الصحف المحلية والعربية بجانبه ولا يصل إلى مقر العمل إلا وقد اطلع على معظم ما يرغب معرفته وخاصة للكتاب المحليين أو العرب، إضافة إلى أنه يحمل معه ما يريد أن يتابعه من القضايا التي تحتاج إلى متابعة منه إلى مكتبه -حفظه الله. وأضاف: بأن الملك سلمان له علاقة وثيقة بالمثقفين يعرفهم عن قرب ويتابع ما يكتبون وهو بالتالي قارئ مطلع اكسبته القراءة والعمل حكمة عميقة، لافتا إلى أنه كتب مقالة منذ أكثر من عام حول علاقة المال بالسلطة في الشرق الأوسط، وذكر من جملة الاستشهاد من أهمية فصل المال عن الإدارة السياسية، ما نقل عن الملك سعود الكبير -رحمه الله، أن قافلة جاءت إلى الرياض محملة بالخيرات من الأحساء ولما خرج صباحا يتفقدها أمر بتوزيع ما تحمله القافلة على المحتاجين، وقال كلمة نقلها ابن بشر (اللهم سلطني عليها ولا تسلطها علي)، مشيرا إلى أنه بعد أيام تلقى مكالمة هاتفية من الأخ الكريم الأمير فيصل بن سلمان ملخصها أنه يرى أن يرفع المقالة إلى الملك سلمان لعله لم يطلع عليها، وقتها تأكد ما في نفسي بأنه ليس فقط متابع لما يكتب وإنما هو يعي جيدا ما وراء الكتابة من معان. وأضاف: سررت بتلك اللفتة وأيقنت كما أنا اليوم أن بلادنا في أيد أمينة -حفظها الله. ووصف أستاذ الشريعة والقانون في جامعة قطر الدكتور عبدالحميد الأنصاري، شخصية الملك سلمان بالشخصية الاستثنائية كونه تميز بعلاقته بالمعرفة الجادة ولسعة اطلاعه وشغفه بالبحث التاريخي والتقصي السيري للشخصيات والأحداث، لافتا إلى أنه يتزامن توليه سدة الحكم في السعودية في زمن معرفي بامتياز وفترة تزدهر فيها الحركة التعليمية والثقافية والفكرية داخل السعودية ما يؤكد أنه سيكون رافدا كبيرا للنخب ومرجعية أولى للمثقفين في فتح آفاق متجددة أمامهم وإعانتهم على أداءهم رسالتهم الوطنية والقومية. ويؤكد الأنصاري أن الثقافة وحرية التعبير المنضبط ستشهد قفزة هائلة في زمن رجل يقدر الكلمة ويحترم الأدباء ويصادق النخب الثقافية والفكرية. من جهته، جدد السيد الدكتور عبدالله فدعق الدعاء لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بأن يوفقه الله ويرعاه، ويجري على يديه الخير للعباد والبلاد. وأضاف: كمتابع وعارف لشخصية مليكنا المفدى أستطيع أن أقول إنه -أيده الله- ملك التوازنات في كل الأمور الثقافية والفكرية بالخصوص، فهو الملك المتمسك بثقافته وأعرافه وتقاليده، والمعروف بصلاته وتقديره لرجال الدين، ورغم ذلك لم يمنعه ما سبق من أن يكون الملك المنفتح على الأجيال الشابة، وأن يكون على صلة دائمة بكل الأوساط ومختلف الاتجاهات، لافتا إلى أن هذا الشعور ليس شعوري وحدي، بل هو شعور متجذر في عقل الواعين من أبناء هذه البلاد، مؤكدا أنه في غاية الاطمئنان على أن مليكنا سلمان سيقود كافة الأطياف والاتجاهات الفكرية والثقافية والمذهبية تحت مظلة الوطنية الشاملة للجميع، وسيعزز من إيجابيات ما كان، بل وسيضيف عليها بما يحقق لكل فرد الشراكة في هذا الوطن الجميل والمتميز بألوانه المتعددة والزاهية، مرحبا بالقائد في مكةالمكرمة، ومرحبا به بين خريجي حلقات العلم بالمسجد الحرام. ويرجع الدكتور محمد العوين هذه العلاقة الخاصة للملك سلمان بن عبدالعزيز مع المثقفين إلى خبراته الإدارية الهائلة المتراكمة على مدى أكثر من ستة عقود ومواكبته ستة ملوك ومعايشته أدق التفاصيل في حياتنا الاجتماعية والتعليمية والثقافية والأمنية، إضافة إلى ما يتمتع به من الوعي السياسي والاطلاع الثقافي والعلاقات الواسعة التي يتمتع بها مع الكتاب والمثقفين والإعلاميين في الداخل والخارج. ويرى أن الملك سلمان -حفظه الله- كما أشار في خطاب تولي العرش سيستمر مواصلا النهج الذي سارت عليه الدولة منذ تأسيسها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه، وهو الانطلاق من المنهج الإسلامي برؤيته المعتدلة المستمدة من الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، مع الأخذ بالرؤى التحديثية والانفتاح على الجديد، ولكن هذا لا يلغي أن لكل قائد بصمته وأسلوبه في الإدارة، فكما يقال «لكل شيخ طريقته»، فكذلك لكل ملك أسلوب في الإدارة. فيما وصف الإعلامي ناصر الدعجاني العلاقة بين الملك سلمان والإعلام بالعلاقة المتينة كونه يطلع صبيحة كل يوم على ما يدور في الساحة من أخبار وأطروحات ورؤى ولا يتردد أبدا في التواصل مع الكاتب أو المفكر أو المؤلف مناقشا مستفسرا وموجها بل إنه في أحيان كثيرة كان يرد على بعض الكتاب والمحررين بمقال في نفس الصحيفة، وهذا قل ما نجده في قائد عربي. وأضاف الدعجاني: الأهم من هذا أنه حليم حكيم وأنا هنا أعنيها بكل ما تحمله من أبعاد، فهو يتوقف ويناقش أي طرح يراه مخالفا ويكتفي بإيضاح ما يلزم إيضاحه وأحيانا مع قليل من العتب، مؤكدا أن الملك سلمان واسع الأفق ومثقف ملم بكل ما يطرح على الساحة وممتع في حديثه في مجلسه الخاص. ويذهب الشاعر خالد قماش إلى أن ما عرف عن الملك سلمان أنه رجل مطلع وقريب جدا من الإعلاميين، ويقدر دور الإعلام في صياغة الوعي المجتمعي، كما عرف عنه اهتمامه ومتابعته لكل ما يدور في المشهد الثقافي، وإن كان حضوره في مثل هذه المناسبات قليل. وأضاف: ولعل ترأسه لمجلس دارة الملك عبدالعزيز التاريخية يبرهن على اهتمامه بالثقافة التاريخية وتتبعها ورصدها بالكثير من الموثوقية والمصداقية. وزاد قماش: بمقدار صلته بالإعلام وما ينشر لم يكن يتدخل لمنع أو حجب أو حجر الرأي المخالف، لكنه يتابع ويرد ويحاور ويحاول أن يقنع خصوصا عندما يقع كاتب ما في أغلوطات أو يستثير نعرات أو يحرض على العصبية، نجد ردا على الكاتب باسم سلمان بن عبدالعزيز مجردا من الألقاب وهذا مؤشر على إيجابية الملك المثقف وحضاريته في التعامل مع النخبة. ويرى الشاعر عبدالله السمطي أن حضور الملك سلمان بن عبدالعزيز في الذهنية الثقافية صورة جلية لاهتمام القيادي وعمله الدائب لقراءة تحولات الفكر والثقافة، وقراءة ما يتعلق بالتاريخ والواقع الاجتماعي والحضاري بوجه عام، مشيرا إلى أن الملك سلمان ليس غريبا عن الحياة الثقافية بوصفه أحد المهتمين البارزين بالتاريخ السعودي من جهة، وبالصورة الثقافية والإعلامية للمملكة من جهة ثانية، وهي صورة تعززها دائما الرؤى الفكرية المطروحة والنشاط الفكري والثقافي بوجه عام. وأضاف أن لقب «صديق الصحفيين والإعلاميين» لم يأت من فراغ لأن الملك سلمان معروف بمتابعته الدائمة لما ينشر، حتى إنه يقرأ الصحف بانتظام في وقت مبكر، ويتعرف على الأحداث والوقائع والأخبار، ووجوده على رأس بعض المؤسسات الثقافية كمكتبة الملك فهد الوطنية، ودارة الملك عبدالعزيز يؤصل عنده هذه الرؤية الثقافية السابقة التي تجعله خبيرا بالتاريخ السعودي على الأخص وعميق المعرفة بالأنساب، لهذا فإن العلاقة الثقافية بينه والمثقفين لن تكون غريبة أو طارئة بل هي علاقة معرفة. ويرى الدكتور محمد المسعودي أن الملك سلمان عاصر ستة ملوك بدءا من المغفور له الملك المؤسس عبدالعزيز الذي وحد دعائم المملكة على أساس خدمة الوطن، فقياديته مكنته من تحمل المسؤولية وتأسيس دولة حديثة وليس غريبا على الملك سلمان الذي تربى وعايش وعاصر ستة ملوك كان لهم نعم الأخ والمستشار أن يكون همه الأول خدمة الوطن والشعب وزيارة النخب وتفقد المناطق كونه يعي جيدا أنه أب للجميع وصديق حميم للعقول المستنيرة.