العظماء من الرجال حظٌ للبشرية، فهم روادها في بلوغ المعالي وقادتها لتجاوز الصعاب وتحقيق النجاحات. وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان رائد قائد، حياته سلسلة من الإنجازات العظيمة. وصف العديد من المثقفين والإعلاميين خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز بالملك المؤرخ بلا منازع، حيث عكف على حفظ تراث المملكة والجزيرة العربية واعتنى بالتاريخ أيما عناية، وتعد دارة الملك عبدالعزيز خير مثال لاهتمامه ورعايته؛ مؤكدين أن قراءته للتاريخ -حفظه الله- أكسبته وعيا مختلفا عن غيره من ملوك وزعماء العالم، فهو قارئ نهم ومتابع لما يكتب في الصحافة وهذا ما انعكس على إدارته وتدبيره لشؤون الحكم. لقد أشار الأستاذ عبدالله العامري المدير العام للإدارة العامة للمستشارين في وزارة الشؤون الإسلامية أن الملك سلمان قد نشأ في بيت ملك مع والده المؤسس وإخوانه الملوك الذين سبقوه، كما تميز بقربه الخاص منهم حيث كان مستشار الملوك في شؤون الأسرة الملكية وحافظ أسرارها وتاريخها، يحل المشكلات ويرعى شؤونهم الخاصة، مما أكسبه إحاطة بهذا الشأن المهم في رعاية شؤون الأسرة بكل جوانبها، مضيفا:" يُجمع كل المتخصصين أن الملك سلمان-حفظه الله- واسع الثقافة ممتد المعرفة عميق الحكمة قارئ من الطراز الأول تسمعه في حواره مع العلماء المختصين ضليعا مع تقديره لتخصصهم الشرعي؛ فكأنه في حلقة مدارسة ودرس وتدريس يجمع أطراف الحوار لتسييره نحو الوصول للفهم والإفادة والاستفادة". مؤكدًا أن المتخصصين في علوم التاريخ والأنساب وما يؤثر في بناء المجتمعات وتأسيس الحضارات عرفوه محاضرا وكاتبا ومحققا في هذا الشأن بل رائدا في رعاية هذه العلوم، وإن ما أنتجته دارة الملك عبدالعزيز من نتاج فكري ومؤسسي وعملي يحسب للملك سلمان فهو مؤسسها وراعيها، منوها إلى النبوغ الذي جعل من الملك سلمان ذا قدرة فائقة في رعاية شؤون الملك وإدارة جوانب الحكم وتدارك ما قد يفوت بزلل واستباق وقوع ما قد يكدر من خلل. من جانب آخر ذكر د. عبدالرحمن النامي أستاذ العلاقات العامة بجامعة الإمام أن الحديث عن الملك سلمان يعد حديثا عن طود شامخ من الحكمة والقيادة والأدب والمعرفة، والسياسة، والمهارة، والدراية، والحنكة السياسية، والذاكرة التاريخية، والقيادة الإدارية، والتطوير الإستراتيجي، والبصيرة الفذة، والرؤية المستقبلية النافذة، حيث يعد الملك سلمان أحد أبرز الشخصيات التاريخية في المملكة، فلديه قدرة عالية على متابعة التاريخ بجميع فنونه وتخصصاته، كما أن له العديد من المساهمات الكبيرة والجليلة في هذا الحقل من حقول المعرفة؛ قائلًا: "يتمتع الملك سلمان بصداقة كبيرة مع المؤرخين ورجال الفكر والأدب والمعرفة والعلماء، يحاورهم ويحاورونه حول العديد من القضايا التاريخية، وخاصة ما يتعلق بتاريخ المملكة العربية السعودية، يتابع بحسه التاريخي كل ما يكتب ويقال حول تاريخ المملكة ولديه معرفة كاملة ودقيقة بالأنساب والتاريخ في جزيرة العرب، فهو مرجع رئيس من المراجع التاريخية المهمة في المملكة، بل لدى العديد من الباحثين والدارسين ومدوني السير في المنطقة العربية " ذاكرًا أنه كثيراً ما يميز حاجات المواطنين من هيئاتهم، فلديه بصيرة قوية وفراسة قلّ أن توجد في البشر، كما أن لديه براعة في الحديث بأسلوب ماتع خاصة في الأمور التاريخية". وعن ارتباطه بالإعلام عبّر النامي أن الملك سلمان يعد صديق الصحفيين الأبرز ورجل الإعلام الأول حين خلق مع الصحفيين صداقات خلال متابعته للإعلام، حيث قال :"الملك دقيق في مواعيده إلى درجة أن أغلب الصحفيين كانوا يوقتون ساعاتهم على مواعيد وصوله للمناسبات التي يرعاها، يتابع بدقة عالية كل ما يدور في الصحافة ووسائل الإعلام، ويدرك بحكمته النافذة وبصيرته الحادة تساؤلات الصحفيين، وتأثير الكلمة اللينة، فكان كثيرا ما يداعب الصحفيين، وكثيراً ما يثني على جهودهم ويتجاوب مع ما يطرحونه بحس إعلامي يفوق بكثير حس من يعمل في مجال الإعلام نفسه". وأكد الملحق الثقافي في أستراليا د. عبدالعزيز بن طالب أن هناك جوانب كثيرة في تفرد شخصية الملك سلمان لمسها وعايشها بنفسه وخصوصاً في اهتمامه بالعلم والثقافة وتقديره للعلماء ودعمه ورعايته لحلقات تحفيظ القرآن الكريم ولا غرابة في ذلك فقد حفظ القرآن وختمه وهو في سن مبكرة متحدثًَا عن ذلك بقوله: "كنا ونحن صغار عندما كان أميراً للرياض ننتظر حضوره الحفل السنوي لحلقات تحفيظ القرآن الكريم حيث يقضي عدة ساعات مع أبنائه يستمع لتلاوتهم ويوجههم ويشجعهم ويكرم المتميزين منهم". وأشار ابن طالب إلى أن الملك سلمان على اطلاع تام بعلم الأنساب والتاريخ يعرف الأسر والقبائل والوقائع التاريخية ويرجع له الباحثون في هذا المجال كما أنه مطلع ومع كثرة مسؤولياته إلا أنه دائماً يبهر الجميع بثقافته وسعة اطلاعه وما تختزنه ذاكرته من شواهد وأحداث ولديه مكتبة تضم أمهات الكتب والمراجع في مختلف مجالات العلوم والمعارف وخلال لقاءاته بأبنائه الطلاب في المناسبات العلمية والثقافية دائماً ينصحهم بالعلم والقراءة والقرآن. من جهة أخرى قال الباحث الدكتور زيد الفضيل: "إن قراءة خادم الحرمين الملك سلمان للتاريخ أكسبته وعيا يختلف عن غيره من الملوك والزعماء وهذا ما انعكس بعد ذلك على سمته في الإدارة وتدبير شؤون الحكم، واتخاذ القرارات المناسبة التي من شأنها تعزيز قوة ومتانة الدولة"، ويضيف الفضيل أن ارتباط الملك سلمان بالكتاب وهو كما معلوم أنه قارئ نهم يجعلنا نحن المثقفين أكثر تطلعا لدعمه -حفظه الله- لمختلف المناشط الثقافية والمعارفية بالشكل الذي يجب أن تكون، لا سيما وأنه تكرر اتصال الملك سلمان بالعديد من الكتّاب والمثقفين لمناقشتهم في العديد من مواضيعهم التي كتبوها سواء كان ذلك مقالا أو كتابا، قائلاً: "إننا نتطلع أن يتم الاحتفاء بالكتاب على عهده، وأن يتم تفعيل معرض الكتاب الدولي بمدينة جدة على يديه كما صدر القرار العام الماضي، وأن يكون برعايته". وتذكر لنا الشاعرة والإعلامية ميسون أبو بكر موقفا لها مع الملك سلمان إبان توليه إمارة الرياض ونظرته للمرأة حيث تقول: "أنا واحدة من هؤلاء النساء، نصرني وشجعني حين طفقت أسعى في الحقل الإعلامي الثقافي وكان موجهاً وقدوة ومؤرخاً وناقدا"، مؤكدةً أنها لن تنسى مادامت على قيد الحياة حديثه لضيوف معرض الكتاب بالرياض الذين قدموا من كل مكان يعرض أقوال المستشرقين ويستشهد بجملهم ويحاججهم بالقول وبحكمة ومعرفة ودراية مضيفةً أنها لم تر مثله وهي التي جالست مجالس الأدب وأهل العلم والفكر، كما أشارت ميسون إلى أنها تعلمت منه -حفظه الله- الانضباط والرقابة الذاتية في عملها فهو يتابع ويعلق ويوجه، مستشهدةً بموقف حصل معها عندما سجلت حلقة في دارة الملك عبدالعزيز تناولت فيها كتابه -حفظه الله- عن والده المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وإذ به أيده الله يتصل ويستفسر عن فحوى الحلقة والضيوف ثم بعد عرضها طلب نسخة منها، منوهةً في حديثها بأنه: "ملك التاريخ بلا منازع حفظ تراث والده وجمعه واعتنى به كما تروي عن الدكتور فهد السماري أن الملك سلمان يراجع مجلة الدارة حرفا حرفا وهو القريب من تفاصيلها موجها لكل صغيرة وكبيرة. ويستذكر الأستاذ محمد الفاتح كمال مدير مكتب السفير القطري بالرياض السابق جملة من مواقف الملك سلمان أثناء توليه إمارة الرياض تلك الداعمة والراعية للجمعيات الثقافية والاجتماعية للأشقاء السودانيين بالرياض من خلال تشجيعه لها وإصدار كافة التصاريح اللازمة لها حيث يقول: "الحديث عنه -حفظه الله- يحتاج إلى أضعاف ما نملكه من كلمات ولا تفي بمقامه، إنما أقرب تبيان للحديث عن شخصيته هو حب الناس له ولما له من منزلة كبيرة في قلوب العرب والمسلمين قاطبة طوال مسيرته وفي جميع الأصعدة الثقافية والاجتماعية محليا أو عربيا أو إقليميا"، مضيفا أن العمل الثقافي والاجتماعي يحظى باهتمامه رغم عظم مسؤولياته، بجانب ترؤسه لعدد من الجمعيات والهيئات واللجان الخيرية، مختتما حديثه عنه حفظه الله بدعوة كل من له اهتمام بالثقافة والأدب والتاريخ أن يقرأ مسيرته الثقافية فهي بفعل تعد مرجعاً علمياً للباحثين والدارسين والمهتمين بهذا المجال.